عالم الرياضيات الجزائري ابن حمزة والمسألة المكية

بقلم: الصالح بن سالم-

من أبرز علماء الجزائر خلال العهد العثماني في مجال الرياضيات علي بن والي بن حمزة الجزائري (كان حيا سنة 1590م).

ولد بمدينة الجزائر من أب جزائري وأم تركية، ورغم أن والده حرص كثيرا على تعليمه القرآن الكريم ومختلف العلوم الشرعية إلا أن علي كان شغوفا وميالا لتخصص الرياضيات وهو ما جعل والده يرسله لأخواله باستنبول للاستزادة في هذا العلم وهو في سن العشرين، وهناك برع علي بن والي بشكل كبير في هذا التخصص وسرعان ما شرع في تدريس الحساب والرياضيات باستنبول بحكم أنه كان يتقن كل من العربية والعثمانية، مما جعل السلطان العثماني مراد الثالث بن سليم الثاني يلحقه كخبير للحسابات بديوان المال، ولما سمع علي بخبر وفاة والده عاد للجزائر وقرر أن يرعى والدته ويتولى تسيير المحلات التجارية التي كانت ملك لوالده من خلال استئجارها لبعض التجار، لكن سرعان ما باعها وأخذ والدته وهاجر للحجاز لآداء مناسك الحج وقرر الاستقرار هناك بشكل نهائي وتولى تدريس الحساب والفرائض للحجاج، وبعدما قام بفك وحل المسألة المكية التي وفدت عليه من الهند زادت شهرته فاستدعاه الوالي العثماني بمكة وعرض عليه أن يشتغل بديوان المال بمكة فوافق ابن حمزة الجزائري وبقي في هذا المنصب مدة 15 سنة.

ومن أبرز مؤلفاته في الرياضيات كتاب (تحفة الأعداد لذوي الرشد والسداد) ألفه بمكة المكرمة باللغة العثمانية حسب حاجي خليفة في كتابه (كشف الظنون)، ويتكون من مقدمة وأربع مقالات وخاتمة حول (الحساب وأصول الترقيم، الأعداد الصحيحة والعمليات عليها، الكسور والجذور، المعادلات والجبر والمقابلة، الهندسة والمساحات والحجوم) كما تضمن بعض المسائل الرياضية الطريفة، ويذكر الدكتور أبو بكر خالد سعد الله (أستاذ الرياضيات بالمدرسة العليا للأساتذة بالقبة وشقيق المؤرخ أبو القاسم سعد الله رحمه الله) بأن علي بن والي ابن حمزة الجزائري هو أول من وضع أسس اللوغاريتمات قبل (جون نابيير وهنري بريكس) بأزيد من عقدين لكن للأسف الغرب ينسبها لهذين العالمين الانجليزيين.

* المسألة المكية:

وفد أحد الهنود على مكة المكرمة وطرح مسألة رياضية معقدة على العلامة الجزائري علي بن والي بعدما عجز كل علماء الهند عن حلها، ونص المسألة مايلي: (توفي رجل وترك 9 أولاد، وترك لهم 81 نخلة، تعطي النخلة الأولى في كل سنة تمرا زنته رطل واحد، بينما الثانية تعطي رطلين، والثالثة ثلاثة أرطال ... النخلة الحادي والثمانين تعطي واحدا وثمانين رطل من التمر، والمطلوب هو تقسيم النخلات 81 حيث يستفيد كل ولد من 9 نخلات مع تساوي في أرطال التمر؟).

* لقد صعق علي بن والي الجميع بحل المسألة الغريبة والعجيبة في ذلك الوقت (القرن 16م) بسهولة من دون آلة حاسبة أو أجهزة رياضية من خلال الجدول الموضح في المنشور.

- السطر الأول من الجدول: ملء الخانات التسعة بالأرقام (1 .... 9).

- السطر الثاني: أهمل الخانة الأولى وملء بقية الخانات الثمانية بالأرقام (10 ... 17) ووضع الرقم 18 في الخانة رقم 1.

- السطر الثالث: أهمل خانتين وملء بقية الخانات السبعة بالأرقام (19 ... 25) ووضع الرقمين 26-27 في الخانتين (1-2).

- السطر الرابع: أهمل الخانات الثلاثة وملء بقية الخانات الستة بالأرقام (28... 33) ووضع الأرقام (34-35-36) في الخانات الفارغة (1-2-3).

- السطر التاسع: أهمل الخانات الثمانية وملء الخانة التاسعة بالرقم (73) ووضع الأرقام (74-75-76-77-78-79-80-81) في الخانات الفارغة الثمانية (1-2-3-4-5-6-7-8).

* ليحصل في الأخير الأولاد التسعة على 9 نخلات لكل واحد منهم مع محصول من التمر يقدر بحوالي (369 رطل) لكل ولد.

 

المرجعية العلمية للمنشور:

- أبو بكر خالد سعد الله: (ابن حمزة الجزائري ق16م مدرس الرياضيات في مكة المكرمة)، مجلة الدارة، ع3، س34، المملكة العربية السعودية، 1429هـ.

admin

المقالات الأخيرة

مالك بن نبي والزَّعامة الصَّنمية

بقلم: ناصر حمدادوش - يؤكد “مالك بن نبي” في كتابه “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي”…

11 شهر قبل

في ذكرى وفاة الأستاذ سعد الله

بقلم: محمد الهادي الحسني - منذ عشر حِجَجٍ، وفي يوم 14-12- من سنة 2013 جاء…

11 شهر قبل

دعوة ابن باديس للثورة

بقلم: د. علي الصلابي- كانت نفسية ابن باديس وأشواقه الروحية تواقة إلى التضحية في سبيل…

سنتين قبل

الثورة في شعر ابن باديس ونثره

بقلم: د. علي الصلابي- استعمل عبد الحميد بن باديس في العديد من مواضيع شعره ونثره،…

سنتين قبل

الإشراف التربوي في مدارس جمعية العلماء المسلمين ج1

بقلم: د. توفيق جعمات- لم تكن مدارس جمعية العلماء المسلمين مجرد فصول تعليمية أو كتاتيب…

سنتين قبل

لمحة عن مسار الدكتور سعيد شيبان مع العلم والإيمان والنضال

بقلم: عبد الحميد عبدوس- تعرفت على الكاتب المفكر والطبيب المجاهد الدكتور السعيد شيبان في سنة…

سنتين قبل