الشيخ عبد القادر شيخاوي
بقلم: محمد الهاشمي-
إن حياة الانسان لا تعد بعدد الأيام والسنين التي يعيشها الواحد منا ولا تتوقف بالموت، بل الحياة الحقيقية هي حياة الافعال والأعمال، فكم من حي بيننا هو في عداد الموتى لا صوت له ولا أثر، اذ ينطبق عليه المثل فلا هو حي يستحق زيارة ولا هو ميت يستحق ترحما، وكم من ميت لا يزال حيا بيننا بعلمه وعمله وأخلاقه وهمته في خدمة أمته، وشخصيتنا اليوم المرحوم السي عبد القادر شيخاوي رئيس اللجنة الدينية بدار الحديث والرئيس الشرفي للمكتب الولائي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بتلمسان والذي قال في اخر وصية له :"كونوا رجالا في جمعية العلماء فانها رباط الصادقين " .
ولد الحاج عبد القادر شيخاوي في 03 فبراير 1912م بتافسرة من بني سنوس ثم انتقلت عائلته الى مدينة سبدو و عمره لا يتجاوز السنة ، درس القران في بداية امره على يد الفقيه الشيخ علي لشقر الملقب بالشيخ الجيلالي، و الشيخ المهدي زناقي و تلقى نصيبا من الفقه على يد الفقيه الشيخ البشير بن رحال ، و في سنة 1919 انتقلت عائلته الى تلمسان فدخل المدرسة الفرنسية lécole dessieux " الابلي " حاليا و درس بها من الابتدائي الى السنة الخامسة، كما درس في ثانوية دوسلان " ابن خلدون حاليا "، دخل الخدمة العسكرية سنة 1933 م رغبة في امتلاك بعض من اسرار القوة وليصير شوكة في حلوق الاستدمار الفرنسي الغاشم، كان يحضر دروس الشيخ البشير الابراهيمي التي كان يلقيها بالمسجد الاعظم و النوادي ومدرسة دريبة زرار، درس اللغة العربية على يد الشيخ حسن فضلاء في المانيا في مدارس " اوراليون " في السجن عندما كان مجندا في الخدمة العسكرية هناك ، باشر العمل الاصلاحي منذ بدايته لظهور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعد مجيء الشيخ بن باديس الى تلمسان وساهم فيه اسهاما كبيرا مع اخوانه المصلحين من أعضاء نادي السعادة كما بات يحرس الشيخ ابن باديس في دار الحديث عند مجيئه لتلمسان سنة 1939 م، وهو أحد مؤسسي مدرس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة سبدو سنة 1945م وكان له نشاط متميز بها حتى اعتبرته فرنسا من النشطاء الخطيرين بالمنطقة، القي عليه القبض سنة 1956م أثناء الثورة بتهمة المساعدة و التنظيم مع المجاهدين فأذاقه الاستدمار الفرنسي ألوانا من العذاب لم تزده الا يقينا وثباتا، وبعد الاستقلال بقي نشيطا لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين مرابطا بدار الحديث مرشدا و ملهما للشباب إلى أن وافاه الأجل المحتوم يوم الثلاثاء 13 شعبان 1422 هـ الموافق لـ30 أكتوبر 2001 م .
يقول فيه الشيخ بن يونس: "ان الشيخ عبد القادر الشيخاوي من رجالات الاصلاح الكبار في ولاية تلمسان الذين ساروا في خط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الناشط في الحركة الوطنية الوفي للاصلاح مرابطا بدار الحديث الى اخر رمق من حياته، كانت له علاقات وصلات مع رجال الاصلاح وبخاصة الشيخ عمار مطاطلة مما يحسب للشيخ الشيخاوي أنه بات يحرس الامام ابن باديس بدار الحديث وهو ابن سبع وعشرين سنة .
يقول الدكتور عبد الحفيظ بورديم: "ومن غريب هذا الشاب وهو مجند في الجيش الفرنسي أن التجنيد لم يمنعه من الجلوس في حلقة العلم التي كان الإمام الشيخ البشير الإبراهيمي يقيمها في دار الحديث بعد تأسيسها في 27 سبتمبر 1937، ومن يجلس إلى البشير لا يسعه إلا أن يقتبس من شجاعته وحكمته ونقمته على الاستكبار الفرنسي وأذياله، وكان الإمام يرى فيه مثالا للشاب الجزائري كما تمثله له الخواطر، فأعده ليكون الحارس الشخصي والاثير للإمام ابن باديس ما أقام في تلمسان " .
كما قال عنه الدكتور عبد الحفيظ: "وحين تشتد الخطوب كان الشباب يحتمون بظله فيؤنسهم ويرشدهم إلى ما فيه خير الامة كلها أكاد اقول كان أشجع من رأت عيناي ".
ويقول عنه الشيخ المختار بن عامر: "بقي الشيخ عبد القادر الشيخاوي مرابطا بدار الحديث إلى آخر يوم من أيام حياته ".
كما يقول عنه المجاهد النقيب الحاج صالح الواد رحمة الله عليه: "كان الشيخ عبد القادر شيخاوي أستاذا في الوطنية ".
رحم الله الرئيس عبد القادر شيخاوي وأسكنه فسيح جنانه فقد عاش للاسلام ومات للإسلام ..