هوية جمعية العلماء ومقاصدها
بقلم: حسن خليفة-
تمثل «وثيقة السياسة العامة» لجمعية العلماء التي صودق عليها قبل مدة غير يسيرة، واحدة من الوثائق الأساسية المهمة في مؤسسة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، إضافة إلى القانون الأساسي والنظام الداخلي، وبقية الوثائق والمستندات التي تعتمد عليها الجمعية في سير أعمالها الكثيرة والمتنوعة.
وحيث إن هناك الكثير من التساؤلات حول هذه المسالة (هُوية الجمعية) وطبيعة عملها، والضوابط التي تحكم هذا العمل …هذه إحالة وجيزة إلى وثيقة السياسة العامة التي أجابت عن هذا السؤال وعن غيره بدقة وتقصّد .ولعل الله تعالى ييسـر في نشر الوثيقة كاملة في آجال قريبة.
إن القانون الأساسي للجمعية المعتمد من قبل وزارة الداخلية حدد بدقة هوية الجمعية ومقاصدها في المادتين الأولى والرابعة:
في المادة الأولى منه تقرر بأن جمعية العلماء: جمعية إسلامية، تربوية، ثقافية، علمية، وطنية.
وهذا تحديد واضح لهوية الجمعية، وأهدافها وأعمالها. وبيان ذلك في هذه العناوين الكبرى:
1- إسلامية: أي تقوم على أساس الإسلام في عقيدته وشريعته وأخلاقه، وتلتزم أحكامه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، وتسعى لخدمته ودعوة الناس إليه وتعليمه، ونشر قيمه:
– فأما المسلمون فتدعوهم إلى التزام أحكامه والاستقامة على هديه وحسن تطبيقه في جميع شعب الحياة والعمل على نشره والدفاع عنه وعن لغته وأمته.
– وأما غير المسلمين فتدعوهم للدخول فيه، ثم إلى التزام تشريعاته ومبادئه.
2. تربوية: أي تهدف إلى تربية الأجيال على الأخلاق الفاضلة والمعالي، وعلى الخير والعفة والفضيلة، وإلى نشر القيم التي تصون الفرد والأسرة والمجتمع، والتحذير من الفساد والآفات والانحرافات بمختلف أنواعها وأشكالها.
– ثقافية: أي تهتم بالثقافة في جوانبها المعرفية والسلوكية والاجتماعية وغيرها، فتجعل الحفاظ على ما ينفع منها وإنكار ما يضر، من أهدافها ومشاريعها، منطلقة في ذلك من موازين الشرع، ومصلحة البلاد والعباد، وما تتطلبه التغيرات والتطورات.
– 4 علمية: أي تهتم بالجانب العلمي بمعناه الواسع، فتنشئ المدارس والمعاهد والجامعات والمراكز البحثية المتخصصة في شتى الحقول المعرفية، وتنظم الملتقيات، وتعقد الندوات وتقيم المحاضرات وغيرها من النشاطات، وتجتهد في ترقية المسار التعليمي العام، وفي الرفع من شأن العلم والتعليم ومكانة العلماء ما وسعه جهدها، وبخاصة ما يتعلق بالعلوم الشرعية واللغوية.
5 . وطنية: أي ليست خاصة بجهة دون أخرى، ولا بعرق دون آخر، بل هي لكل من يرغب في خدمة الإسلام والوطن من الجزائريين، مهما كانت أعراقهم ولهجاتهم وأماكنهم ومدارسهم، إذ تجعل الوحدة الوطنية من ثوابتها، التي استعادت السيادة الوطنية والقادرة على بعث طاقاتها الكامنة.
فالجمعية تدعو إلى غرس حب الوطن في النفوس، وتعمل على تقوية رابطة الأخوة الإسلامية، بين أبناء الوطن وغيرهم، وعلى توفير السكينة الاجتماعية، بين فئات المواطنين كيفما كانوا، وتحرص على تقرير اللحمة الوطنية ومقوّماتها الثابتة، والبعد عن كل ما يثير النعرات والحزازات الطائفية: العرقية، المذهبية، الجهوية، وتقف في وجه أي مشروع يمس بوحدة الأمة، ويفرّق أبناءها ويخدم أعداءها.
وهي في كل ما سبق تعمل في إطار ما يأذن ُ به الشرع، وتسمح به قوانين الجمهوية وينصُّ عليه قانونها الإساسي ونظامها الداخلي، ويترتب على هذا التحديد الدقيق ما يلي:
1- تحرص الجمعية على ضبط أعمالها كلها بأحكام ديننا الحنيف ومقاصده.
2- أن تكون التربية على الخُلق الرفيع والسلوك القويم من أهمّ انشغالاتها.
3- أن يكون الاهتمام بترشيد ثقافة المجتمع ـ بطابعها الإسلامي ـ وترقيتها وجعلها وسيلة رقيّ راشدة في جميع مناحي الحياة.
4- أن يكون الاهتمام بالعلم والتعليم، والإسهام في ترقيتهما وترشيد مسارهما، والدفاع عن اللغة العربية وسيادتها الوطنية من أهمّ ما ينبغي التركيز عليه وجعله من أولى الأولويات في أعمالها.
5- أن تهتم بالجزائر كلها، وتفتح شُعبَها لمن يرغب من الجزائريين والجزائريات جميعا، ما التزموا بضوابط الشرع وأنظمة وقوانين الجمعية؛ ليتعاون الجميع على الحفاظ على السيادة الوطنية على ألا يزج بها في أي صراع سياسي، أو قبلي، أو ديني، أو حزبي، أو أي عمل يتنافى مع قانونها الأساسي ونظامها الداخلي.
ملحوظـة: الموضوع في حاجة إلى الإثراء والإغناء ، وسيكون ذلك مفيدا بالنقاش الجاد المتبصر.