في ذكرى وفاة الشاعر عمر البرناوي النشيد الخالد

بقلم: الأخضر رحموني-

في 24 فيفري 2009 غادرنا وإلى الأبد، وخمدت نبرات صوت المثقف الوطني الأصيل، والأديب الواعي بقضايا أمته، وكاتب الأغاني الملتزمة االشاعر عمر البرناوي الذي تغنى بهموم الوطن وتطلعات المواطنين، وخلد أحلامهم في نبض كلماته الرقيقة وقصائده القوية، ومنها رائعته (من أجلك عشنا يا وطني) التي أصبح أبناء الجزائر يرددونها بكل فخر في المدارس، وعباراتها الجميلة تنطق بها الألسن في المناسبات الوطنية، حتى اعتبرها بعض الدارسين أنها بمثابة النشيد الوطني الثاني للجزائر المستقلة، فخلدت اسمه، وهو الذي عرف التهميش في سنواته الأخيرة بسبب مواقفه الفكرية والسياسية الثابتة، ورحل في صمت كل من ظلمه في حياته، وكان سببا في ذرف دمعته الغالية، وحسرة الألم الدفين تبوح بها ملامحه، ولكن اسم شاعرنا عمر البرناوي بقي حيا وخالدا في الذاكرة والأفئدة، لأنه أخلص لهذا الوطن بالكلمة التي كان يرتجلها في المواقف المؤثرة، وبما تركه من إبداعات متنوعة تعانق الوجدان العربي، وتعبر عن القضايا المصيرية للمجتمع والأمة.
وتقديرا لمكانته الأدبية المتميزة تم تكريمه بعد وفاته مباشرة بإطلاق اسمه على مركز البحث العلمي والتقني للمناطق الجافة بجامعة محمد خيذر ببسكرة .

محطات من حياته:
ولد الشاعر عمر البرناوي بن أحمد في 18 أفريل 1935 بحي سطر ملوك ببسكرة .
بعد ثلاثة أشهر من ولادته، انتقل مع والدته الريم وجدته زهيرة إلى مدينة بريكة، وعاش صباه في ظروف صعبة .
حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية الشيخ عيسى يحياوي إلى أن بلغ سن الرابعة عشر من عمره، فعاد مع والدته إلى بسكرة ليلتحق بمدرسة التربية والتعليم التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين .
في سنة 1952 التحق بمعهد الشيخ عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة لمزاولة تعليمه، ومن أساتذته المشايخ: عبد الرحمن شيبان وعبد المجيد حيرش ومحمد الميلي ونعيم النعيمي .
بعد اجتياز الامتحان النهائي سنة 1955 بتونس حيث كان يعتبر معهد الشيخ ابن باديس فرعا من فروع جامع الزيتونة المعمور ونجاحه، التحق به لمواصلة تعليمه العالي، وقضى في الدراسة مدة ثلاث سنوات إلى غاية حصوله على شهادة التحصيل.
ومن أساتذته: الشاذلي القليبي وحسن زمرلي وعثمان الكعاك وعبد العزيز العقربي.
خلال تواجده بتونس كان عضوا في الخلايا النضالية لجبهة التحرير الوطني مكلفا بالدعاية والتحسيس والإعلام .
في سنة 1959 أرسل ضمن بعثة جبهة التحرير الوطني إلى العراق للدراسة بكلية التربية ببغداد المختصة في تخريج أساتذة التعليم الثانوي، وبعد أربع سنوات تحصل على شهادة الليسانس.
ومن أساتذته: مصطفى جواد وعبد الرزاق محي الدين وعبد الستار الجواري وجواد علي وعبد العزيز الدوري وسليم النعيمي والشاعرة نازك الملائكة .
بالإضافة إلى مزاولته لدراسته النظامية، فقد كان يتابع دراسات أخرى من أهمها :
* دراسة التمثيل والإخراج بمدرسة التمثيل العربي بتونس.
* دراسة الموسيقى بمعهد الراشيدية بتونس .
* دراسة الصحافة بكلية الآداب ببغداد.
بعد رجوعه إلى أرض الوطن سنة 1963 التحق بالإذاعة الوطنية لمدة عام، ومن البرامج التي كان يقدمها: لقاء مع فنان – دنيا الفن – من التاريخ – لحظة من فضلك.
ثم انخرط في الميدان التربوي كأستاذ لمادة اللغة العربية بعدة ثانويات بالجزائر العاصمة، ثم التحق بالمعهد الوطني التربوي كأستاذ بحث.
خلال تواجده بتونس عمل بالإذاعة التونسية سنة 1957 كممثل ومذيع لمدة عامين.
ومن البرامج التي كان يقدمها: قراءات أدبية – همسات- الكلمات المتقاطعة – سؤال وجواب -، إضافة إلى تقديم النشرات الإخبارية.
المناصب التي تقلدها منها:
* رئيس تحرير مجلة ( ألوان) من سنة 1972 إلى سنة 1981 وكان مديرها الشاعر محمد بلقاسم خمار.
* مكلف بالشؤون الثقافية في اتحاد الكتاب الجزائريين سنة 1976.
* مدير الثقافة بولاية المسيلة من سنة 1982 إلى سنة 1983.
* مدير الثقافة بولاية بسكرة من سنة 1984 إلى سنة 1987.
* ملحق بديوان السيد وزير الثقافة لمدة عامين.
* مدير دار الثقافة أحمد رضا حوحو ببسكرة من سنة 1991 إلى سنة 1994.
* مسؤول العلاقات العامة باتحاد الكتاب الجزائريين من سنة 1997 إلى سنة 1998.
* عين في المجلس الوطني الانتقالي سنة 1994 ممثلا لاتحاد الكتاب الجزائريين إلى غاية سنة 2001 سنة تقاعده.
* رئيس مؤسسة الشيخ عبد الحميد بن باديس .
أعماله المطبوعة:
* بين الوزارة والسجن/ رواية صدرت عن منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين.
* من أجلك يا وطني/ ديوان شعر صدر عن منشورات وزارة المجاهدين.
* حوارات في الثقافة والسياسة مع جحش/ كتاب يؤرخ لمرحلة الصراع في الجزائر خلال التسعينات بأسلوب ساخر.
* الولادة الثانية/ رواية.
الأوبرات الغنائية:
وهي بالفصحى والدارجة منها:
* المسيرة الكبرى/ تلحين الفنان المغربي عبد الوهاب الدوكالي.
* يمين الرجال/ من تلحين الفنان شريف قرطبي.
* أنا الجزائر/ من تلحين الفنان تيسير عقلة.
* ماذا تريد أمنا العظيمة/ من تلحين الفنان شريف قرطبي.
* الحب الكبير من تلحين الأستاذ نوبلي فاضل.
* عودة الذاكرة/ من تلحين الأستاذ معطي بشير.
* المواطن/ من تلحين الأستاذ معطي بشير.
* رحلة حب/ مسرحية غنائية من تلحين الأستاذ محمد بوليفة .
* ملحمة الجزائر/ بالاشتراك مع الشعراء: محمد بلقاسم خمار وسليمان جوادي وعز الدين ميهوبي .
* أنا فنان/ مونولوج من أداء الممثل احميدة خيذر وإخراج نور الدين عمرون.
من أبرز المسلسلات:
* مسلسل العرس/ في 06 حلقات/ من إخراج محمد حويذق.
* المحاجيات/ 15 حلقة/ من إخراج علي بن سرية.
* حاب يولي مير/ مسلسل ضاع في دواليب وزارة الثقافة.
* مجالس الأنس/ 15 حلقة/.
* سي محمد موش وحدو/ حلقتين/.
* ولد النايلية/ 07 حلقات/ إخراج مصطفى بديع.
* الشركة العالمية للزواج والطلاق.
وفــاتــــه:
بعد معاناة طويلة مع المرض الذي أتى على حباله الصوتية توفي الشاعر عمر البرناوي بمستشفى عين النعجة بالجزائر العاصمة يوم 24 فيفري 2009 بعد التدهور المفاجئ لحالته الصحية وكان يتأهب للسفر إلى فرنسا للعلاج.
وقد شيعت جنازته مساء يوم الأربعاء 25 فيفري 2009 بمقبرة البخاري بمدينة بسكرة، وحضر مراسيم الدفن جمع غفير من أصدقائه من عالم الثقافة والأدب والفن والإعلام، وألقى الشاعر رابح حمدي الكلمة التأبينية، حيث اعتبر رحيل الشاعر عمر البرناوي خسارة كبرى للثقافة الوطنية، وأن أناشيده التي تملأ سماءنا وقلوبنا بنور الوفاء والحلم بصباحيات تعد بالكثير لن تموت، ولن تمحى من الذاكرة الجماعية للأمة.

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.