ابن باديس يتحدث إلى شباب الجزائر في 2021
بقلم: آمنة فداني-
الماضي نبراس المستقبل والحاضر غرس الماضي والمستقبل جني الحاضر، فالبذور التي غرسها المصلحون أبا عن جد في هذه الأرض الطيبة مازالت تنمو وتفعل فعلها، من خلال إفشال المقصد الذي أراد تذويبها، ساهمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكل مخلصي هذا الوطن العزيز وأبلوا البلاء الحسن في ذلك، بقيادة رائد نهضتها الإصلاحية الشيخ عبد الحميد ابن باديس عليه رحمة الله والذين جاءوا من بعده، من خلال الترابط الروحي المتين الذي ميز حياة المجتمع، لتبقى له وحدته وطمأنينته، ضمانا من الضياع والتفتت من خلال دين السماحة والحب، دين الواقعية والفطرة، دين الإنسانية جمعاء، وكان ما وضع من لبنات الحق في أرض المصلحين وإن قلت عجز الباطل عن محوها، أما الآن فلندع ابن باديس يتحدث:
((جمعتني ليلة بثلاثة من شبابنا المتعلم التعليم الأوروبي والمتأدب الأدب الإفرنجي ممن لا ينقصه شيء عن الطبقات الراقية منهم، وانساق بنا الكلام إلى ما تكتسب به الأمم والأفراد الاحترام في عين غيرها، واتفقنا على أن الأمة التي لا تحترم مقوماتها من جنسها ولغتها ودينها وتاريخها لا تعد أمة بين الأمم، ولا ينظر إليها إلا بعين الاحتقار مع القضاء عليها في ميادين الحياة والتقهقر والاندحار.
وان الفرد الذي لا يحافظ على ذلك من أمته لتأخرها في سير الزمان بما أحاط بها من ظروف الحياة وأن تحلى بأعظم وأحسن ما يتحلى به الراقون من أمة أخرى لا ينظر إليه إلا بالعين التي ينظر بها إلى أمته … أخذ أولئك الشباب، وقد زالت عن أبصارهم غشاوة الغرور والغفلة لما أقنعتهم بأن قيمة الرجل بقيمة أمته. يقصون علي من الوقائع التي وقعت لهم هم أنفسهم ما يثبت تلك الحقيقة ويؤيدها، قلت لأولئك الإخوان وقد اندهشت مما لم أكن أحسبه يقع لا تلوموا من عاملكم بما تقتضيه نظرة اجتماعية عامة، ولكن لوموا أنفسكم إن جهلتم هذه الحقيقة وأنتم أبناء دين قررها من أول أيامه… واليوم وقد تجلت لكم الحقيقة علميا وعمليا عليكم أن تلتفتوا إلى أمتكم فتنشلوها مما هي فيه بما عندكم من علم وما اكتسبتم من خبرة محافظين لها على مقوماتها سائرين بها في موكب المدينة الحقة بين الأمم، وبهذا تخدمون أنفسكم وتخدمون الإنسانية بإنهاض أمة عظيمة تاريخية في أممها، ثم لا يمنع هذا من أخذ العلم عن كل أمة وبأي لسان واقتباس كل ما هو حسن مما عند غيرها ومد اليد إلى من يريد التعاون على الخير والسعادة السلام)).
عبد الحميد ابن باديس. مجلة الوحدة العدد 615 إفريل 1993.