مستويات العدول في خُطبة (الشَّباب الجزائري كما تمثِّله لي الخواطر) لمحمَّد البشير الإبراهيمي
بقلم: د. نسيم حرّار-
تتعدَّد السِّمات الأسلوبية في لغة التَّخاطب (التعبير) بتعدُّد مستويات العدول، لذا أحاول أن أبيِّن مستويات العدول في علم البيان وعلم البديع وكيف كانت دلالاتها في الخَّطابة، باعتبار أنَّ الأسلوبية عمادها اللُّغة، والسِّمات الأسلوبية تختلف باختلاف خصائص كل جنس أدبي.
للأسلوبية أنواع و تعاريف كثيرة، ارتأيت اختيار تعريف “إبراهيم محمود خليل” «إن علم الأسلوب يعنى بدراسة الوسائل التي يستخدمها المتكلم للتعبير عن أفكار معينة ، وأن العمل الأدبي هو ميدان علم الأسلوب»(1) ، وهذا يعني أنَّ الأسلوبية تهتم بالتَّمظهرات التي تُصاغ فيها اللُّغة من استعمال لوحدات لغوية ذات دلالة وتنويع في استعمالها باختلاف السياقات والمخاطَب، كما لا يعني أنَّ الأسلوبية تهتم فقط باللُّغة المنطوقة فقط، بل تهتم باللُّغة المكتوبة أيضا، وهي تستقي بعضا من ارتكازاتها من اللِّسانيات باعتبار كلا العلمين يهتمان بدراسة اللُّغة، كما تعتد الأسلوبية على واحدة من أهم الثنائيات التي صاغها “دي سوسير” وهي ثنائية (اللُّغة/الكلام) فاللُّغة في عُرف “دي سوسير” «هي مجموعة من الاتفاقات الضرورية التي وضعها العرف الاجتماعي ليسمح باختيار أو استخدام ملكة الكلام لدى الأفراد»(2) ، أي هي ملكة نشأت على الاصطلاح بين مجموعة من الناس والوضع لمسميات الأشياء، أمَّا الكلام فربطه سوسير بالمتكلِّم وقصَد به الأداء الفعلي للُّغة والتَّعبير عن مفرداتها ووسيلة المتكلِّم فيها اللِّسان.
أوَّلا: العدول على مستوى علم البيان :
تُحقِّق الصور البيانية لذّة تكمن فيما يتيحه العدول من إمكانيات تجاوز الحواجز النمطية، وما تفصح عنه الصور البيانية من معانٍ وقيم جمالية تُحضِر خيال المتلقي لتحليلها ومعرفة معانيها، هذه المعاني التي تحملها الصور البيانية يمكن أن تكون معانٍ مجازية في غالب الأحيان و حقيقية في قليل من الأحيان، ومن هنا تتجه هذه الصور إلى مظاهر العدول و يسمى هذا النوع “العدول الاستبدالي” وهو يقوم على محور الاستبدال ونعني به استبدال لفظ مكان لفظ آخر في عبارة فنية وتوجد على هذا المستوى احتمالات تعبيرية عديدة في تبليغ المعنى، يلجأ إليها المبدع لتحميل المعنى بُنية دلالية عميقة تفوق معظم الدلالات التي يُؤديها الكلام العادي في معناه البسيط، من خلال هذا سأحاول أن أضيء الجوانب البيانية و قدرتها في إنتاج العدول بجميع تمفصلاته.
أ- الاستعارة:
هي استعمال اللّفظ في غير ما وُضع له في الأصل، وعرّفها القُدامى« الاستعارة من حيث إنّها من فروع التشبيه، لا تتحقق بمجرد حصول الانتقال من الملزوم إلى اللازم، بل لا بد فيها من تقدمة تشبيه شيء بذلك الملزوم في لازم له»(3) ؛ أي أنّها تقوم على دعامتين أساسيتين هما: التجاوز الدلالي للَّفظ والتَّشابه فلا يمكن بذلك أن تتحقَّق صورة استعارية بوجود طرف واحد، لذا ففي معرفتنا للتفاعل الحاصل بين أجزاءها والسياق الذي قيلت فيه نستطيع أن نلمس درجة معينة من العدول لأطراف الصورة، و هذا ما سنوضِّحه.
نجد الاستعارة بأنواعها حاضرة بقوّة في خطبة الإبراهيمي ” الشباب الجزائري كما تمثله لي الخواطر” مثل قوله: « أتمثّله متساميا إلى معالي الحياة»(4)، استعارة مكنية شبَّه لنا الحياة (شيء معنوي) بشيء مادي يُصعد إليه، فذكر المشبَّه وحذف المشبه به وترك خاصية من خصائصه (متساميا) على سبيل الاستعارة المكنية، و معنى الكلام أن يمتلك الشباب الرغبة قصد تحقيق النجاح في الحياة، وتمثَّل العدول في هذه الصورة على مستوى محور الاستبدال في الأبعاد الإستعارية لكلمة الحياة وهنا تحدَّد (الانحراف) العدول الدلالي للكلمة في الجملة ويمكن أن نضع لها معاني دلالية تفيد المعنى الذي وُضعت فيه مثل: النَّجاح، التَّألق التَّميّز…الخ.
أمّا على المستوى التركيبي فتحدَّد العدول في احتياج الكلمة (الحياة) للفظ آخر يحمل بعدا دلاليا يُعبٍّر عن المعنى الذي عدلت إليه الكلمة في السِّياق، تمثَّل في كلمة (متساميا) كما نجدها في الشطر الأوّل من بيت المتنبي الذي استشهد به في قوله:« و أهوى من الفتيان كل سميذغ»(5)، نُلاحظ أنّ الطَّرف الآخر من الصورة (الفتيان) لا يلاءم الطرف الثاني من الصورة (سميذغ) إذا أخذ اللفظين بمعناهما الحرفي.
أمَّا إذا أخذنا معناهما الثاني فهما يستعيدان هذه الملاءمة، والشكل يوضح أهم الفوارق بينهما.
الجدول رقم (1): الفروق الدِّلالية بين كلمتي الفتيان والسميذغ:
سميذغ الفتيان
مفرد جمع
حيوان إنسان
ذو أربع قوائم ذو قدمين
ذكر ذكر
له أصوات – زئير- له لغة
مفترس متحضر
لحوم له نظام غذائي متكامل
المصدر: إعداد نسيم حرّار.
ما يلاحظ أنّ صفات (الفتيان) لمّا أُضيفت إلى صفات الأُسدية أصبحت الكلمة تحمل أكثر من دلالتها الوضعية فانتقلت من عالم الإنسان إلى عالم يجمع بين الإنسانية والأسدية، كذلك كلمة (سميذغ) أصبحت لا تدل علي معاني الأسدية فحسب، وإنّما فقدت بعض دلالتها الوضعية كالوحشية والافتراس والمخالب لتحمل دلالات إنسانية من خلال مقارنتها بلفظ (الفتيان)، وهو ما حقَّق عدولا في الصورة تمثَّل في الاتساع الذي مسّ معاني كل كلمة لتصبح متضمنة في كلمة أخرى ومتداخلة معها ونمثَّل لهذه العلاقة بالشكل رقم (1).
الشكل رقم (1): رسم يمثِّل الصفات المشتركة بين كلمتي (الفتيان والسميذغ).
المصدر: إعداد نسيم حرار
ب- الكناية:
عرّفها عبد القّاهر الجرجاني بأنّها: «وإنَّك إذا سمعتهم يقولون أنّ من شأن هذه الأجناس أن تكسب المعاني مزيَّة وفضلا، وتوجب لها شرفا و نُبلا أن تُفخمها في نفوس السامعين، فإنّهم لا يعنون أنفُس المعاني التي يقصد المتكلم بخبره إليها كالتقوى والشجاعة والتردد في الرأي، وإنّما يعنون إثباتا لما تثبت له ويخبرها عنه، فإذا جعلوا للكناية مزية على التصريح، لم يجعلوا تلك المزية في المعني عنه ولكن إثباته للذي ثبت له … إنّك إذا كنيت عن كثرة القرى بكثرة رماد القدر كنت قد أثبتت كثرة القرى بإثبات شاهدها و دليلها»(6)، أي أنّه يقصد أنّ المعاني الظاهرة في الكناية ليست هي التي أُريدت وإنّما المعنى الخفي لها، كأن تقول: (زيدٌ كثير الرماد)، فهذا دليل على جوده و كرمه .
آثرت من خلال هذا الشَّاهد الحديث عن الضلال الفنيَّة للكناية باعتبارها عدولا، وقدرتها على إضافة قيم جمالية انطلاقا من تغطيتها مساحة واسعة من الدلالة عن طريق منحى العدول وقدرتها البلاغية وذهابها بالمعنى إلى حيث يجب أن يستقر، ومن جملة ما وجدناه في هذه الخطبة من كنايات نذكر مثلا: «طاغيا عن القيود العائقة دونها، جامحا عن الأعنّة الكابحة في ميدانها متّقد العزمات»(7)، كلّها كنايات عن الإرادة و الطموح، وفي (متَّقد العزمات) كناية عن قوَّة العزم و الصبر على التَّحمل، وفعل الاتقاد يخصّ (النّار) دون غيرها لكنّنا نجده أفاد فعل الإصرار وذلك قصد إنارة طريق النجاح وقد أفادت هذه الكناية عدولا عن المألوف والعادي تمثَّل في تجاوز الدوال (متَّقد) أصلها المعجمي إلى دلالة إيحائية مع احتفاظ اللفظ بدلالته الأصلية فارتبطت الدوال بمدلولين الأوّل معجمي غير مقصود والثاني رمزه إيحائي غير معجمي وهو المقصود، وقد أتاحت هذه الكناية للخطيب أن ينقل المحسوس إلى عالم مجرد ومعنوي، كشفت عن أفكار الخطيب وابتعاده عن المباشرة والتقريرية، وأمَّا في قوله:« أتمثله واسع الوجود»(8) ، فهي كناية عن سعة الفكر والعقل، كما نجدها في قوله: «أتمثله كالغصن المُروَّح، مَطلولا بأنداء العروبة، مُخضوضر اللِّحا والورق ممّا امتصّ منها، أخضر الجلدة والآثار»(9)، وقد جاءت هذه الكنايات متزاحمة، حتى يضُن المتلقي أنَّ الخطيب قصد اعتمادها قصد تزيين الكلام، لكنّه لم يلجأ لاستعمالها إلاّ لكونه أمام طائفة من الشباب الجزائري الذي يغار لوطنه وقوميته وما يمكن أن تنفثه فيه الحضارة المزوّرة، فكان أسلوبه متَّفقا مع الفترة، لذلك اتّجه الإبراهيمي إلى أسلوب قديم مشرق لم يقصد به الهُتَاف على جمهوره بصُوَر بيانية لإغراقه فيها، وإنّما لإبراز الجانب الخفي أيضا في آلامه وهذا ما اعتمده في تعبيره، فـ(مطلولا بأنداء العروبة) كناية عن اعتزازه وحنينه للماضي، (مخضوضو اللّحا) كناية على محاسن الأخلاق(أخضر الجلدة) كناية على صلة الرحم، وذلك قصد صناعة قبول لدى المتلقي وخلق صُور ذهنية تحرك ذكائه وتتكاثف في النهاية لتشكل معنًى ثابتا يطمئن إليه العقل ويتأثر به قلب المتلقي، وهذه إحدى نواتج العدول في الكناية فكما نجد الخطيب يفكر ويأمل في صناعتها نجد المتلقي أيضا يسعي لتفكيكها وتحليلها لمعرفة معناها، لأنّها مخاطِبةً لذكائه فلا يُذكر فيها اللّفظ لمعنًى ظاهرا وإنّما من خلال إمعان النظر لكشفه.
أظهرت الكنايات التي أشرت إليها أنّها أبلغ من الإفصاح على المعنى الحقيقي لها، فالمعنى الخفي هو الذي يشدُّ انتباه السامع ويُحرِك قُدُراته للإمساك بالمعنى الحقيقي ويقوم العدول فيها بالمراوغة وإخلال النظام بين الدال والمدلول ما يجعل فعل تتبع عدولية التشكيل الكنائي تنتقل من المعنى الحقيقي للكلام إلى المعنى المجازي خطوة واحدة، الأمر الذي يُحَفِزُ على الرغبة في الاستكشاف عن طريق إتّباع الإشارة الواردة في الكناية على ذلك المعنى، لاعن طريق تتبع معاني الكلمات في المعاجم والأصل المتواضع عليه .
جـ- التَّشبيه:
يعيش الإنسان في دنياه ساعيا إلى تكيُّف يجعله مقبولا لدى الآخرين، كما يودُّ أن يكون الآخرون على صلة به، وفي ضوء ذلك يسعى إلى أن يوائم بين هذه الرغبة والواقع المعيش، فيستخدم العقل والمال وكل الوسائل المتاحة له، ومن هذه الوسائل التي تعين الإنسان على التكيف الاجتماعي والوجداني والنفسي اللّغة التي تحمل في مصطلحاتها وتراكيبها مضامين الحياة التي تتشكل من العادات والتقاليد، والاعتقادات، والديانة، وذلك حرصًا منه على تقريب ما يريده إلى غيره بشتى الوسائل منها المجرَّدة المباشرة، ومنها الرامزة الإشارية، ومن هذه الصور المكتوبة أو المنطوقة التشبيه.
بعض العلماء لم يعتبروا التشبيه مجازا، الأمر الذي قد يُوهِم بقلَّة أهمية تناوله أثناء الحديث عن العدول، إلاَّ أنَّ جمهور علماء البيان يعدونه من المجاز، لكن مقتضى هذه الدراسة لا يُشجع على الخوض في هذه الاعتبارات الاصطلاحية، التي عَرفت تطورا كبيرا خلال رحلة البلاغة العربية، بل محاولتنا إظهار بعض ملامح العدول من خلال التشبيه القائم على أربعة أركان هي: المشبه، المشبه به، أداة التشبيه، وجه الشبه، هذا التنامي الخطي جعل التشبيه قريب المأخذ، يفصح عن المراد منه بسهولة ويسر، حتى رأى الكثير من البلاغيين أنّ: «كل تشبيه ينقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير حاجة إلى تفكير وتأمل، بسبب وضوح وجه الشبه فيهما…»(10)
نحاول من خلال هذه الخطبة استخراج بعض التشبيهات وإظهار العدول فيها ومن جملة ما ورد مثلا في قوله: «أتمثَّله مقبلا على العلم والمعرفة، ليعمل الخير والنفع، إقبال النَّحل على الأزهار والثمار لتصنع الشهد والشمع»(11)، تشبيه مُؤكَّد ذلك لعدم ذكر الأداة، حيث تمثّل الشباب (كالنَّحل) في الجد وتحصيل المنفعة على الآخرين، ويتجلى لنا في هذه الصورة أنَّ الخطيب عدل عن أصل التشبيه وذلك من خلال استغناءه عن الأداة، ما عمَّق العلاقة بين طرفي التشبيه (الشباب والنّحل) إلى حدّ المطابقة بينهما في جميع الصفات والأحوال، ولحاجة الخطيب الفنيَّة لاستعمال مثل هذا النوع من التشبيه قصد تمكين المتلقي من المزج بين جملة هذه الأطراف دون خشية من مقتضيات منطق الأشياء.
الشيء نفسه في قوله أيضا: «مقبلا على الارتزاق إقبال النَّمل تجدَّ لتجِد»(12)، أمّا في التشبيهات الآتية: «أتمثَّله كالغصن المروَّح، مطلولا بأنداء العروبة»(13) و«أتمثَّله كالدينار يروق منظرا، وكالسيف يروع مخبرا، وكالرمح أمدح ما يوصف به أن يقال ذابل،… وكالماء يمرؤ فيكون هناءً يروى،… وكالراية بين الجيشين تتساقط حولها المهج وهي قائمة »(14)، وُرود أدوات التشبيه و وُرود المشبه بضمير الهاء في آخر كلمة أتمثلّه فهو تشبيه تام لتوافره على الأركان الأربعة، أمّا في الفقرة التي تليها فنلاحظ أنَّ الخطيب لجأ إلى أسلوب تعبير آخر وهو إيراد التشبيهات دفعة واحدة فيشبَّه الشباب بعدَّة أوصاف منها: الدّينار، السيف، الرمح، الماء، الراية، دون حاجة منه إلى إعادة ذكر المشبه (الشباب) بل لجأ إلى حذف كلمة “أتمثَّله” وتشبيه المشبَّه بعدَّة مشبهات قصد إحداث تجاوب خاص مع المتلقي، وتحفيزه على طلب المزيد من الصور ذلك لأنّ: «المعاني إذا وردت على نفس هذا المورد كان لها ضرباً من السرور خاصًّا وحدث لها فرحاً عجيباً، فكانت كالنعمة لم تكدرها المنَّة والصنيعة لم ينغصها اعتداد المصطنع لها»(15)، وقصد دفع الملل الذي قد ينجم من ذكر كلمة أتمثَّله عند ربطه بكل مشبَّه به لينتج العدول الذي يقضي على الرتابة، ويخلق صورًا وربطاً جديداً لهذه العلاقات، وما يلاحظ على هذه التشبيهات هو لجوء الخطيب إلى تشبيه الشباب الجزائري بالرمح، والسيف، والماء، والراية وهي كلمات تحيلنا إلى أيام العرب وحياتهم البدوية التي قضوها في الحل والترحال، ما يعبر على تمسك الخطيب بهويته وأصالته، ما جعلها تكون صوراً رائعة تنقل المعنى وتبعث في ثناياها عاطفة الشاعر الجياشة فتغدو أكثر تأثيرا وترجمة لأحاسيسه، ما جعل صور التشبيه تكون ومضات فنيَّة إبداعية، وما تُولِّده في المتلقي من نشوة وانفعال.
و ممّا سبق؛ نخلص إلى القول أنّ الإمام والخطيب محمّد البشير الإبراهيمي كان أمَّةً وحده في نصاعة الأسلوب، وشرف البيان العربي الأصيل، واستمرار للأساليب القديمة لتميُّزه بجزالة اللّفظ ووضوح معناه وحرصه أيضا على التأنُّق في الأسلوب، وكان العدول في التشكيل البياني سمة أساسية أيضا، فوجدت العدول بارزا في الكناية والاستعارة وكذا التشبيه، وغايتي في دراسة العدول على هذا المستوى أيضا إبراز الخصوصية التي تجعل من هذا النص (الخطابة) نصا شاهدا على اكتمال ونضج الأدب الجزائري من خلال التجديد والتمييز في استعمال المضامين والتي هي شهادة على التفوق والنبوغ الجزائري.
قُدّم لنا العدول في التشكيل البياني قصد تقريب المعنى للقارئ وتوضيح الصورة له وترجمة العواطف والأحاسيس، وما أودّ أن أشير إليه هنا أيضا أنّي لا أقرُّ فقط بوجود العدول في اللُّغة المثالية وإنّما يمكن أن نجده في لغة الناس العادية، فمثلا يمكن أن يُطلق أحدنا على شخص حاد الذكاء (بآنشطاين)، ويمكن لشخص آخر أيضا ليس من نفس المكان أن يُطلق نفس الكلام في نفس المقام ذلك لأنَّ لغة الناس العادية تعتمد أيضا على الكنايات والتشبيهات ـ
ثانيا- العدول على مستوى علم البديع:
كانت فنون البديع تجمع أكثر مباحث البلاغة، لأنَّه مرتبط بتزيين الكلام وتحسينه من خلال السجع والجناس والطباق والتورية…. الخ، من هنا نحاول إلى تحسُّس بعض هذه المحسنات وما يتولَّد عنها من عدول ناتج عن طبع وعفوية، ذلك لما تحمله اللُّغة العربية من طاقات تعبيرية، وقدرة البديع في احتوائه للعدول، ورصد هذه الظاهرة من مختلف المحسنات البديعية ليس يسيرا، لذلك ارتضيت اختيار الطباق والمقابلة والجناس والتورية.
أ- الطِّباق:
أصل الطِّباق الجمع في الكلام بين الشيء وضدِّه لتوضيح الغاية وتعميق الفكرة والتأثير في المتلقي أو هو اختلاف وتضاد وحدتين لسانيتين في المعنى، وسنقف على استعراض بعضا منه لبيان قيمته العدولية في هذه الخطبة والبداية بهذه الجملة «مقدّرا موقع الرِّجل قبل الخطو، جاعلا أوّل الفكر آخر العمل»(16) ، نلاحظ ورود الطِّباق بين كلمتي (أوّل وآخر) وهو طباق إيجاب، فالعلاقة بين (الأوّل والآخر) هي علاقة ضديَّة تعبر عن طول المسافة الحسِّية أو الوهمية بينهما، (فالأوّل) كلمة تحمل شحنة إيجابية وصفة محبَّبَة للناس، أمّا (آخر) فتحمل شحنة سلبية ليست محبَّبَة عند أكثر الناس، لكن في خطبة الإبراهيمي نجدْهما حَمَلَا طاقة تعبيرية إيجابية لاقتران الأولى بالفكر والثَّانية بالعمل، وعدم وجود مسافة تحدُّ بينهما وهذا هو مظهر العدول في هذا المحسن، أمَّا الطِّباق الموجود في قوله «ولا تُبالي ما دامت دائبة أن ترجع مرّة منجحة ومرّة خائبة”»(17)، كذلك طباق إيجاب بين كلمتي: (منجحة وخائبة) فجاء اللَّفظ الأوَّل صريحا بالمعنى (النجاح)، والثاني يحمل معنىً خفي ذلك أنّ النجاح نقيضه الفشل، فوظَّف أحد لوازم الفشل هو الخيبة، ونفس الشيء يقال على الطِّباق الوارد في الجملة «أتمثله حنيفا فيه بقايا جاهلية… يدّخرها لميقاتها ويوزعها على أوقاتها يرد بها جهل الجاهلين»(18)، (فالادِّخار) نقيض (الإنفاق) ونقيض (التوزيع) هو (الجمع)، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ كل أشكال الطِّباق الموجودة في الخطبة وردت على نفس الصيغة، بل نجد الطِّباق بمعناه الصريح وألفاظه المتباينة منها: (يغور ودافقا، صبيا ويافعا، حقيقة وخيال)، قصد توضيح الفكرة بمتناقضاتها، ذلك أنَّ اللّفظ ومعناه في المخيلة يستحضر نقيضه، ونجد طباق السِّلب نهاية كل مقطع من الخطبة يتكرَّر في العبارة “يا شباب الجزائر، هكذا كونوا… أو لا تكونوا” بين كلمتي (كونوا و لا تكونوا) فالأخلاق التي يتمثَّلها الخطيب في جمهوره أخلاقا حميدة، سواءً من الأيام العربية الخالية التي صنعت مجده أم من الأخلاق السامية التي سمت بعروبته، ووجودها أو توافرها فيه هي الغاية المنشودة التي يأملها الخطيب، فظاهر اللّفظان يظهرهما متقابلان، لكن مجرد إمعان النظر وقراءة الخطبة يُلاحظ أنّهما مترابطان ببعضهما، ففعل التكوين أو الوجود ينتج من العدم، وهذه الهندسة التي ابتدعها الخطيب في خطبته التي افتتحها بمكارم الأخلاق واختتمها بفعلي الأمر (كونوا) والنهي (لا تكونوا) ما هو إلاّ ترغيبا منه للشباب على وجوب توافر الأخلاق العالية، وفعل الترهيب عن التحلي بالأخلاق الدنيئة التي تعود عليه بالمضرة، ونلاحظ في العبارة الاحتواء على مطابقتين يُوضِحهما الشَّكل الموالي.
شكل رقم (02): يوضِّح المطابقة المولدة بين لفظتي “كونوا ولا تكونوا”.
يا شباب الجزائر، هكذا كونوا أو لا تكونوا
المطابقة الأساسية المطابقــة المولّدة
في ظاهر الكلام من ظاهر الكلام
المصدر: إعداد نسيم حرّار.
فشباب الجزائر الذي يخاطبهم الخطيب منهم المثقف والأمِّي، ومنهم الكبير والصغير، ومنهم المواطن والمناضل…الخ، أي الخطاب موجَّه للكل، وفي الأمر (كونوا) والنهي (لا تكونوا) تولَّد في أساسه من مخاطبة الشباب، ذلك لأنَّ المثقف والمتخلق وكل الشباب الذي يتحلى بالصفات الحميدة لا يحتاج إلى توعية.
يتجلى لنا إذن أنَّ الطِّباق يسهم بصورة فاعلة في إنتاج الدِّلالة، حيث نجد الخطيب في مواقع عدَّة يحدث تعارضاته ومقابلاته الظاهرية والباطنية، قصد إبراز الدلالة المقصودة، ما أسهم في إنتاج العدول قصد مساعدته في عقد المقارنة بين الدلالات المتقابلة للوصول إلى المقصود، وما ساعد في ذلك براعة الخطيب في الارتجالية، وطول نفسه، واستعمالها كان تعبيرا عن حالته الشعورية وتوعية جمهوره.
ب – المقابلة: المقابلة هي: «المواجهة والتقابل مثله، ومقابلةُ الكِتَاب ومعارضته»(19)، أي هي نوع من الطباق تقتضي توافر معنيين أو أكثر ليُؤتى بمقابلاتها الضدية مع مراعاة الترتيب والتجاوز الذي ينسق الأفكار فيما بينها.
نجد في هذه الخطبة (الشباب الجزائري كما تمثِّله لي الخواطر) مُحمَّلة بمجموعة من المقابلات وسنحاول استخراج بعضا منها وشرحها ومعرفة المعنى الذي خرجت إليه (العدول)، ففي العبارة «أتمثَّله مقداما على العظائم في غير تهور، محجاما على الصغائر في غير جبن»(20)، نجد فيها (مقداما) نقيض (محجاما) و(العظائم) نقيض (الصغائر)، وهو ما أوجد تقابلا تجاوريا ثنائيا بين الكلمات وأضدادها، فالمقابلة التي قامت عليها الجملة تحمل معنى مباشرا مستمدا من الدين والأخلاق الإسلامية التي أساسها العقل الراجح، وتَمَثَّل العدول في هذه الجملة في مُتممات الجملة لمَّا ربط الخطيب فعل الإقدام بالتريُّث والإحجام بالعقل، وفي هذه الحال كان بإمكانه أن يقول: (أتمثله مقداما على العظائم متريثا، محجاما على الصغائر عاقلا) دون الإخلال بمعنى وصورة المقابلة الواردة، أو ربط الإقدام والإحجام بقرينة واحدة فتصبح العبارة كالآتي: (أتمثله مقداما على العظائم ومحجاما على الصغائر من غير تهور) ويبقى نفس المعنى، ففي هذه الصورة الضدية التي رسمها لنا الإبراهيمي نلاحظ ثراء اللُّغة وقبولها التمظهر بعدَّة صيغ دون الإخلال بالمعنى المراد، ما يدل على حسن اختيار الألفاظ وانتقائها من محور الاختيار لاصطفائها على محور التراكيب، ورصيده اللُّغوي الواسع وذوقه في توزيع الألفاظ ووضعها في أماكنها المخصوصة، فهذه المقابلات مزدوجة التأثير على مستوى الخطابة تمثل تضاداً بين معنيين متناقضين مثل: (حلف عمل المتناقضة مع حليف بطالة) في قوله: «أتمثله حلف عمل لا حليف بطالة، وحلس معمل لا حلس مقهى، وبطل أعمال لا ماضغ أقوال، ومرتاد حقيقة لا رائد خيال»(21)، و(بطل أعمال المتناقضة والمتقابلة مع ماضغ أقوال) وهذا الضرب من المقابلات يخلق تضادا وصراعا واسعين في فضاء الخطبة، والملاحظة على مثيلات هذه المقابلة أنَّها لم ترد مقرونة بمُكَملات لها لبيان معناها، بل اكتفت بالثنائيات الضديَّة فقط، ما جعلها تحمل معانٍ مباشرة وهي ضرورة توافر الأخلاق بما يسمح به الدِّين الإسلامي.
يمكننا القول إذن أنَّ الخطيب أورد كثيرا من المقابلات في خطبته، فأحيانا بربطها بمكملات للجملة وأحيانا نجد المقابلة مكتفية بذاتها لكنَّها تفيد المعنى الذي أراده لها قائلها، والغاية التي ينتظرها في متلقيه وهي التغيير نحو الأفضل.
جـ- الجناس:
نوع من أنواع البيان يقوم على اتفاق لفظان أو أكثر في الأصوات المكونة لهما ويختلفان في المعنى، ذلك أنّ الأصوات التي تتألَّف منها الوحدات اللِّسانية محدودة في كلِّ لغات العالم، لذلك نجد في اللُّغة العربية جملة من الألفاظ تتشابه كلِّيًا أو جزئيا في الأصوات فيحدث الاشتراك بين المعاني المتقاربة أو المختلفة في اللَّفظ الدال عليها.
نجد في الخطبة الجناس حاضرا في مواقع مختلفة مثل: «أنَّثت شمائله وخنَّثت طباعة مقبلا على الارتزاق إقبال النَّمل تجدّ لتجد وتدَّخر لتفتخر»(22)، فالجناس في الكلمتين (أنَّثت وخنَّثت) جناس ناقص لاختلاف اللفظين في حرف واحد وهو الحرف الأوّل منهما، وإفادتهما نفس المعنى، (فأنَّثت) تفيد معنى التحول من الرجولة إلى الأنوثة، كما تفيد كلمة (خنَّثت) أيضا نفس المعنى، ما يدل على غزارة المعاني التي يمكن أن يعبّر بها الخطيب كيفما شاء لخلق سنن أسلوبية وقلب الحروف لإفادة نفس المعنى، كما نجد في الجملة «يغار لبنت جنسه أن تبور وهو يملك القدرة على إحصانها، ويغار لماء شبابها أن يغور وهو يستطيع جعله فياضا بالقوة دافقا بالحياة، ويغار على هواه وعواطفه أن تستأثر بها السلع الجليبة والسحن السليبة»(23)، بالنظر إلى التَّمثيل الدِّلالي الذي تثيره كلمة (يغار) في مواقعها الثلاثة أَوجد تقاربا دلاليا ينبثق خلال تكرار كلِّ كلمة حيث أنَّ الكلمة الأولى (يغار) أفادت معنى الرجولة، وفي كلمة (يغور) دلَّت على الجفاف والزوال وتحقُّق هذا المعنى لاقترانها بـ(الماء) ويعني به الحياء والجمال، وأمَّا في الجملة (يغار على هواه…) فتعني الحرص والتَّحكم، نلاحظ إذن أنَّ الخطيب في كلامه هذا لجأ إلى استعمال الكلمات نفسها لكنَّه حمَّلها دلالات متنوعة لمَّا ربطها بوحدات لغوية أخرى لتوضيح المعنى، وهو ما حقَّق عدولا تحقَّق من خلال احتوائها في سياق الكلام، وإذا ما لاحظنا معاني كلمة (يغار) على محور الاختيار وجدناها كما يوضحه الشكل رقم (03).
معاني كلمة يغار على محور الاختيار
الشكل رقم(03): يوضِّح معاني كلمة (يغار) على محور الاختيار.
يَغَارُ أو يهاـب المؤمن على عرضه.
يُغيرُ أو يهجـم العدوُّ على الـعُزَّل.
يَغَارُ أو يُعجب العاشق لجمال عشيقته.
يغور أويجِفُّ الماء في باطن الأرض.
المصدر: إعداد نسيم حرّار.
من خلال الشَّكل الذي أظهرناه والمثال الأخير الذي أعطيناه، يتبيَّن لنا إذن أنَّ الجناس قائم على أساس المغالطة، عكس ما أشرت إليه في الأمثلة السابقة، فحين يسمع جمهور الخطيب اللَّفظ الأوَّل يحتفظون بمعناه في شكل أثر تُخزنه الذاكرة قصيرة المدى ثم يظهر اللَّفظ مرَّة أخرى في سياق مخالف، فيطرح المتلقي المعنى الأوَّل ويحاول إعطاء معنى آخر للَّفظ نفسه بحسب السياق الذي ورد فيه، ولجوء الخطيب إلى هذا النوع قَصَدَ به التشويش في ذهن المتلقي وإيقاعه في المغالطة، وبذلك فهذه المفارقة بين المعاني التي تتولد عن الجناس تُفهم من سياق الكلام إذ الأصل فيه أن يُطابق الدَّال مدلوله، لكن الجناس أحيانا يُشوش ذلك التطابق، فيفتق تلك اللحمة الصوتية بين ألفاظ متباعدة في الخطاب ولكنَّها تُخفي الدلالة فتكون للمتلقي لذّتان هما:
1- لذَّة صوتية موسيقية يحدثها التناغم الذي يوجده الجناس قصد لفت الانتباه.
2- لذّة دلالية إذ يبحث عن المعنى الخفي وراء التشابك الصوتي والصيغي.
ما يساهم في إحداث عدول عن الاستعمال العادي للُّغة إلى استعمال أسمَى، طبقا لمبدأ الاختيار الأسلوبي وذوق وبراعة الخطيب (المبدع) في إخراج المعنى بأوجه مختلفة.
د- التورية:
ذَكرت كتب البلاغة عدّة تعاريف للتورية منها: «أن يَذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان حقيقيان أو حقيقة ومجاز، أحدهما قريب ودلالة اللَّفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد، ودلالة اللَّفظ عليه خفية، فيريد المتكلم المعنى البعيد، ويُوري عنه بالمعنى القريب، فيتوهم السامع أوّل وهلة أنَّه يريد القريب وليس ذلك»(24)، فهذا التعريف يُوضِح أنَّ التورية تكون في لفظ له دلالتين، دلالة متواضع عليها ومعروفة لدى العامَّة من النَّاس، ودلالة لا تظهر لتعطي مضمونها إلاَّ للمُتَبصِّر الحاذق، وقد ذُكر هذا النوع أيضا في الخطبة مثل: «أتمثَّله… متّقد العزمات، تكاد تحتدم جوانبه من ذكاء القلب وشهامة الفؤاد»(25)، ففي قوله (ذكاء القلب) تورية لطيفة، فالذكاء مرتبط عادة بالعقل، وهذا هو المعنى القريب الذي قصده والمراد، وأمَّا المعنى البعيد الذي أفادته هو: صحَّة الجوارح التي أساسها القلب الذي إذا صَلُحَ، صَلُحَ الجسد كلَّه وإذا فسد فالعكس، كما نجد التورية في قوله: «أتمثله شديد الغيرة، حديد الطِّيرة»(26)، فالتمهيد لذكر لفظ (حديد) بـ(شديد) يتبادر إلى ذهن المتلقي أنَّه ذلك المعدن شديد الصلابة أمَّا ما أفادته فهو قوَّة وفطنة الشباب أي أنْ يكون (حادّ الذكاء) وهو المعنى البعيد المُروى عنه وهو المُراد.
وهنا تكمن شعرية التورية وتحقيقها العدول الذي أساسه تكسير الرتابة ولفت انتباه الجمهور بطاقات تعبيرية انفعالية وقدرته على الخلق والإبداع على المستوى الفني، ما يمكن اعتباره سمة أسلوبية في أدب الإبراهيمي قائمة على أساس الصِّياغة المختلفة والتنويع في أساليب الجذب والإغراء لتحقيق الدِّلالة في معنييها: القريب والبعيد.
خلاصة:
نُشير في ختام هذه الدِّراسة أنّي رصدت فقط بعضا من ألوان البديع ومعرفة ما تولَّد عنها من عدول وهذه غاية الدِّراسة المتمثِّلة في معرفة قيم العدول في إنتاج الدلالة بالاعتماد على البديع.
تتجلى عدولية المعنى البياني بصورة خاصَّة في المقابلة والتورية لما لهما من قيم أسلوبية تسهم في تشكيل الخطاب، ولما للتورية أيضا من فاعلية في كشف ثنائية: الحضور والغياب، أمَّا الجناس فهو الآخر قادر على إنتاج العدول متى فُعِّلت قراءته وتمَّ تُحسُّس أبعاده الدلالية.
استطاع كشف العدول في علم البديع معرفة العقلية وطبيعة الثقافة التي أفرزته.
التجنيس مظهر من مظاهر التَّكرار الجليَّة، وهو وسيلة من وسائل التَّوصيل المتميِّزة، فهو إحدى صور خطاب (الإبراهيمي).
ورد كلٌّ من الطِّباق والمقابلة بشكل مُلفت؛ لكون الطباق والمقابلة من أهم وسائل اللُّغة لنقل الإحساس بالمعنى نقلا صادقا عن طريق الثنائيات المتضادة التي تلعب دورا أساسيا في تقويض انفعالات المبدع إلى جانب إضفاء الجمالية الأدبية.
حقَّقت الكناية عدولا عن المألوف تمثَّل في تجاوز الدوال أصلها المعجمي إلى دلالات إيحائية مع احتفاظها بدلالتها الأصلية.
تميَّز أسلوب الخطيب بطابعه القصصي قصد فيه كشف تجربة الأجداد، وقد نتج عن ذلك توليد غايتين جماليتين في الأسلوب هما: حُسن انتقاء المفردات وتنظيمها على المستويين (الاستبدالي والتركيبي)، وكذا إشاعة التوتُّر في نفوس المخاطَبين.
الهوامش:
1- إبراهيم محمود خليل، النَّقد الأدبي الحديث من المحاكاة إلى التَّفكيك، دار المسيرة للنَّشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2003، ص149.
2- Ferdinand de saussure(1916):cours de linguistique générale , wade baskins translation,p 25.
3- السكاكي، مفتاح العلوم، تحقيق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1987، ص331.
4- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
5- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي، ج3، ص510.
6- عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، صحَّحه محمَّد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت،1987، ص52.
7- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
8- المصدر نفسه، ص509.
9- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص513.
10- عبد الفتاح أحمد لاشين، البيان في ضوء أساليب القرآن، دار الفكر العربي، القاهرة، ط2، 2000، ص87.
11- حمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
12- المصدر نفسه، ص509.
13- المصدر نفسه، ص513.
14- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص516.
15- شريم جوزيف ميشال، دليل الدراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، بيروت، ط1، 1984،ص206.
16- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام البشير الإبراهيمي، ج3، ص509.
17- المصدر السابق، ص509.
18- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
19- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام: محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
20- المصدر السابق، ص509.
21- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
22- المصدر السابق، ص509.
23- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص515.
24- عبد العزيز عتيق، علم البديع، دار النهضة العربية، بيروت، ط1، 1974، ص115.
25- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص509.
26- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج 3، ص515.
د. نسيم حرّار، دكتوراه تخصُّص تحليل الخطاب
قسم اللُّغة والأدب العربي، جامعة عبد الرَّحمن ميرة –بجاية-/الجزائر.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 45 الصفحة 109.