رسالة خطية للشيخ أحمد بوشمال
بقلم: الأخضر رحموني-
نضع بين يدي قراء جريدة البصائر الغراء نص رسالة خطية للأستاذ أحمد بوشمال (1899- 1958) من تلامذة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وذراعه الأيمن في كلّ نشاطاته الثقافية والإدارية، فقد كان مدير شؤون جريدة الشهاب وصاحب امتيازها. والشهاب جريدة أسبوعيّة صدرت باللغة العربية أنشأها العلاّمة عبد الحميد بن باديس بمدينة بقسنطينة في 25 ربيع الثاني 1344 هـ/12 نوفمبر 1925 م، وهي جريدة سياسية تهذيبية انتقادية، شعارها الحق فوق كلّ أحد والوطن قبل كلّ شيء، وبعد العدد 178 الصادر في 27 ديسمبر 1928، حُوّلت بتاريخ غرة رمضان سنة 1347 هـ الموافق لشهر فيفري 1929 م إلى مجلة إسلامية جزائرية شهرية تبحث في كلّ ما يرقي المسلم الجزائري، تصدر بقسنطينة في غرة كلّ شهر قمري. واستمرّت في الصدور إلى غاية 02/09/1939على إثر إعلان الحرب العالمية الثانية بعد أن أصدرت 125 جزءا يشملها 15 مجلدا.
وهو كذلك مدير شؤون المطبعة الإسلامية الجزائرية التي أنشأها الشيخ عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة في شهر رمضان 1343 هـ/أفريل 1925م، وكان لها الفضل في طبع عدة كتب ومنشورات بالعربية والفرنسية بالإضافة إلى جرائد جمعية العلماء.
الرسالة موجهة إلى الشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة –مدير مدرسة الشبيبة الإسلامية بالجزائر العاصمة منذ سنة 1927 – وهي مؤرخة في 13 جمادي الأخير سنة 1350 الموافق ليوم 25 أكتوبر 1931.
إنّ المتمعن في محتوى الرسالة -رغم قصرها – يمكن أن يكشف بسهولة الرابطة الأخوية المتينة التي تجمع بين أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
– فالأستاذ أحمد بوشمال يشكر الشاعر على المادة الأدبية التي أرسلها إلى المجلة و تزينت بها صفحاتها. ويعتبر تشجيعه لها بمثابة الولاء الخالص.
والعناوين التي عثرنا عليها منشورة في الشهاب خلال سنة 1931 بالمجلد السابع فقط دون ذكر ما سبقها من أعمال هي:
* قصيدة نور الإسلام/ نشرت بالجزء الأول من المجلد السابع.
* قصيدة تحية العلماء /نشرت بالجزء السادس من المجلد السابع.
* محاضرة تحت عنوان: سير النوادي قبل الإسلام وبعده وحظ الجزائر منها / نشرت بالجزء السابع من المجلد السابع.
* قصيدة ما أنا يائس/ نشرت بالجزء الثامن من المجلد السابع.
– كما يوضح في الرسالة الأسباب الحقيقية لتأخر صدور مجلة الشهاب عن موعدها الرسمي، ويرجعها إلى نقص اليد العاملة بالمطبعة الإسلامية الجزائرية، والتي كانت منشغلة بطبع الجزء الثاني من كتاب (تاريخ الجزائر في القديم والحديث) للشيخ مبارك بن محمد الميلي، الصادر في شهر فيفري من سنة 1932، بعدما صدور الجزء الأول منه أواخر سنة 1928. وقد أثنى الشيخ عبد الحميد بن باديس على هذا الكتاب فقال: (هو أول كتاب صور الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سوية بعدما كانت تلك الصورة أشلاء متفرقة هنا وهناك، وقد نفخ المؤلف في تلك الصورة من روح الإيمان الديني والوطني ما سيبقيها حية على وجه الدهر، تحفظ اسم المؤلف تاجا له في سماء العلا وتخطه بيمينها في كتاب الخالدين).
وكانت مجلة الشهاب قد نشرت إعلانا عنه بالجزء السادس من المجلد السابع، وحثت القراء من أجل الاشتراك لشراء نسخة من الكتاب. مثل ما جاء في هذا الإعلان (وسيبرز إن شاء الله بعد أشهر قليلة في ورق صقيل ووضع جميل تبلغ صفحاته من الحجم الكبير 450 أو تزيد، فمن كان له ميل إلى الاطلاع على مجد أسلافه، فليشترك وليدع أحباءه إلى الاشتراك ويوجه الثمن مصحوبا بعنوانه الواضح إلى المؤلف).
-كما تكشف الرسالة أن الشيخ ابن باديس قد أصيب بوعكة صحية أجبرته على توقيف الدروس بالمسجد الأخضر، وقد تحسنت حالته، وأنه شرع في تهيئة الدروس المعتادة لتلامذته. وهذه معلومة تاريخية جديدة تفيد المهتم بدراسة حياة الشيخ ونشاطاته.
– توجيه سلام الشيخ ابن باديس وتحيته الى صديقه في الحركة الإصلاحية الشيخ الطيب العقبي الرابض في نادي الترقي بالعاصمة حيث يقوم بإلقاء الدروس به، وقد وصفه بالأستاذ النفاع.
وهذا دليل على أن الشيخ الطيب العقبي كان مقيما بالجزائر العاصمة في التاريخ المذكور أعلاه، وأنه حقيقة استقر بها بعد فترة من تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. خاصة مع وجود اختلاف في التاريخ الحقيقي لسفر العقبي إلى العاصمة، بين سنوات 1929 و1930 و1931.
– توجيه السلام كذلك إلى معلمي مدرسة الشبيبة الإسلامية التي كان يديرها الشاعر محمد العيد ومن أساتذتها: فرحات بن الدراجي وعبد الرحمن الجيلالي وأحمد جلول البدوي ومحمد الهادي السنوسي.
والسلام موجه كذلك إلى أعضاء جمعية الشبيبة الإسلامية التي يترأسها السيد محمد وعلي دمارجي.
نص الرسالـة:
بسم الله الرحمن الرحيم
قسنطينة في 13 جمادي الأخير 1350
فضيلة الأستاذ الأديب الشيخ سيدي محمد العيد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد فإنا نشكر لكم جميل اعتنائكم بمجلة الشهاب، فقد تقبلنا كتابكم معتبرين ولاءكم الخالص. أما تخلف الشهاب فلأسباب مطبعية وأهمها مزاحمة تاريخ الجزائر له في اليد العاملة.
وأما الأستاذ فحالته الصحية تحسنت والحمد لله، وقد شرع في تهيئة الدروس، ويرجو أن تبلغوا سلامه وتحيته إلى الأستاذ النفاع الشيخ الطيب العقبي وزملائكم وجمعية الشبيبة وجميع المصلحين المتسائلين.
وتقبلوا سلام الجماعة ومعظمكم.
أحمد بوشمال