الهاشمي التيجاني
بقلم: أعمر عشاب-
الهاشمي التيجاني ولد في 1918 بالرباط بعد أن هاجرت عائلته من منطقة أولاد سيدي الشيخ نحو المملكة المغربية خلال السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي للجزائر، وكان والده محمد التيجاني يكتب في مجلة «البصائر» لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
كان يعمل إبان حرب التحرير في إذاعة صوت الجزائر الحرة المكافحة التابعة لجيش التحرير.
حارب الهاشمي التيجاني الاستعمار الفرنسي بكل أنواعه، فكان مناهضا ومدافعا عن حرية الجزائر حتى أنه في سنة 1938، اعتصم لمدة سنة بمسجد بالرباط رفضا التجنيد في صفوف الجيش الفرنسي بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، في الوقت الذي سافر إلى مصر للإلتحاق بصفوف المجاهدين لمقاتلة الكيان الصهيوني سنة 1948.
ساهم المرحوم الهاشمي التيجاني بصوته النضالي لتحرير الجزائر من المغرب بعد استقلال هذه الأخيرة، والتحق باللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، وكان صحفيا بإذاعة "صوت الجزائر" ومسؤولا عن القسم الفرنسي بها، إلى غاية استقلال الجزائر سنة 1962 .
بعد دخوله إلى الجزائر غداة الاستقلال وأصبح أمينا عاما للجامعة المركزية وأستاذا في الترجمة بين 1962 و1964 حيث فرض استعمال اللغة العربية في البيانات والمنشورات.
لكن الهاشمي التيجاني لم يستكن إلى الخمول ولم يدع النضال الفكري، فكان همه إحياء القيم الإسلامية في الجزائر، خصوصا وأن الاستدمار الفرنسي سعى إلى طمس الثقافة الإسلامية العربية الجزائرية، بفرنسة اللسان الجزائري وتنصير عقيدته وظهور التيار الماركسي الاشتراكي كبديل للاسلام في ظل الفراغ الثقافي الجزائري.
فكره الإصلاحي ما لبث أن تبلور في تأسيس جمعية "القيم"، هاته الجمعية التي نشأت من فكر الهاشمي وجهود ثلة من الأساتذة من أمثال زهير إحدادن وشريف قصار، وتجسد شعار الجمعية في "العمل للدنيا والآخرة"، والقيت أول محاضرة بنادي الترقي من طرف الهاشمي التيجاني، الذي كان يدافع عن العربية رغم تمكنه من اللغة الفرنسية.
للشيخ الهاشمي التيجاني عدة مقالات بجريدة البصائر خصوصا بعد التحاقه بها، وله أطروحة كتبها بباريس تحت عنوان "الناسخ والمنسوخ" ففي قواميس اللغة العربية يقال نسخ أي أزال، أو أبطل. وهذا بالطبع غيْرُ المعنى المعروف، وهو أن ينسخ كتابا أي ينقل صورة منه. وقد جاء في المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة "نسخ الشيء أي أزاله، ويقال نسخ الله الآية: أي أزال حكمها، وفي التنزيل العزيز: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" ويقال نسخ الحاكم الحكم أو القانون: أي أبطله، حيث يرى المرحوم أن أي القرآن لا تنسخ الآيات الأخرى بل تفسرها وتكملها.
كما تدخّل الشيخ ليشفع باسم جمعية القيم عند جمال عبد الناصر في سيد قطب فكتب إلى "جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية المصرية:
تحية واحترام:
يسرنا نحن جمعية القيم الإسلامية الجزائرية.. أن نتقدم بالترسل إلى حضرتكم أن تتفضلوا بالعفو عن السيد قطب ورفاقه المحكوم عليهم من قبل المحكمة العسكرية التابعة لنفوذكم بصفتكم رئيس محكمة الثورة والرئيس الأعلى لكافة المصالح العسكرية بمصر أختنا الشقيقة الكبرى، فتحولوا الحكم عليهم بالإعدام إلى الحكم بالسجن.
ونحن إذ نتوجه إلى فخامتكم بهذا الرجاء، لا نعتبر أنفسنا أكثر من جمعية إسلامية ثقافية دينية، لا خوض لها في الشؤون السياسية لا المصرية ولا الجزائرية نفسها.
وإنما هي الثقافة من أجل علماء مسلمين، إخوان لنا في الدين كبقية رعايا دولتكم الكبيرة التي نعتبرها جميعا أختنا الكبرى وزعيمة العالم العربي.
والله تعالى نسأل أن يسدد خطاكم ويسبغ عليكم أجر من أحسن عملا. وجزاكم عنا خير الجزاء.
توقف نشاط جمعية "القيم" بعد صدور برقية الاحتجاج التي بعث بها الهاشمي إلى جمال عبد الناصر في إعدامه للسيد قطب سنة 1966.
تقلد العلامة عدة مناصب عليا في وزارة الفلاحة ووزارة الشؤون كما شغل أستاذا لتاريخ الحضارات وأستاذ في معهد العلوم الإسلامية في فترة الثمانينيات.
وظل الهاشمي قطبا تحرريا بقلمه ولسانه إلى أن وافته المنية في 07 جويلية سنة 2002.
أهم انجازات المفكر الهاشمي التيجاني على غرار ترجمة كتاب «لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم» ومؤلفات أخرى أهمها «التاريخ العام للرياضة البدنية» إضافة إلى مئات المقالات الصحفية.
"الناسخ والمنسوخ" Muʼassasat Daḥlab, Maroc, 1993
La doctrine abrogationniste de l'exégèse et ses dimensions sociales, Alger : Entreprise nationale du livre, [1990]