مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية: العلامة طاهر الجزائري (1338 هـ)

بقلم: محمد بن عبد الرحمن المغراوي-

طاهر بن محمد بن صالح بن أحمد بن موهب السمعوني(1) الجزائري الأصل، الدمشقي المولد والنشأة دخل المدرسة الجقمقية وتخرج بالأستاذ عبد الرحمن البستاني، ثم اتصل بالعلامة الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني ولازمه إلى أن توفاه الله ثم أصبح فقيه المالكية بدمشق ومفتيها بالشام. كان مغرما باقتناء المخطوطات والبحث عنها، فساعد في إنشاء "دار الكتب الظاهرية" بدمشق و"المكتبة الخالدية" في القدس.

تحلق حول الشيخ طائفة من الشيوخ والعلماء النابعون كالشيخ جمال الدين القاسمي وعبد الرزاق البيطار وغيرهم، والتحق بهم نوابغ الشباب من أمثال محب الدين الخطيب ورفيق العظم ومحمد سعيد الباني الذي ألف في ترجمة الشيخ 'تنوير البصائر بسيرة الشيخ طاهر'.

من مؤلفاته:

1 - 'الجواهر الكلامية في إيضاح العقيدة الإسلامية'.

2 - 'تنبيه الأذكياء في قصص الأنبياء'.

3 - 'التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن'.

4 - 'توجيه النظر إلى علم الأثر'.

وكلها طبعت.

5 - 'الإلمام في السيرة النبوية'. وهو مخطوط.

6 - 'التفسير الكبير' في أربع مجلدات. وهو مخطوط بالمكتبة الظاهرية.

وغيرها.

توفي رحمه الله بدمشق سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة.

موقفه من المبتدعة:

قال تلميذه الشيخ سعيد الباني: كان يدعو المارقين إلى التدين، ولكن بالدين الذي تركنا عليه الشارع - صلى الله عليه وسلم -، ونهج عليه سلف الأمة الصالح، ويتحاشى الجمود والتقليد الأعمى، ويرفض كل ما ألصق بالدين من الحرج والتنطع والحشود والبدع مما لا يلتئم مع الإسلامية السمحاء. (2)

موقفه من الرافضة:

س: من أفضل الأمم جميعا بعد الأنبياء عليهم السلام؟

ج: أفضل الأمم جميعا بعد الأنبياء هي الأمة المحمدية، وأفضلها

الصحابة الكرام وهم الذين اجتمعوا بنبينا عليه الصلاة والسلام وآمنوا به واتبعوا النور الذي أنزل معه، وأفضلهم الخلفاء الأربعة. (3)

موقفه من الصوفية:

س: هل يبلغ الولي درجة النبي، وهل يصل إلى حالة تسقط عنه التكاليف عندها؟

ج: لا يبلغ الولي درجة نبي من الأنبياء أصلا ولايصل العبد ما دام عاقلا بالغا إلى حيث يسقط عنه الأمر والنهي ويباح له ما شاء. ومن زعم ذلك كفر وكذلك يكفر من زعم أن للشريعة باطنا يخالف ظاهرها هو المراد بالحقيقة، فأول النصوص القطعية وحملها على غير ظواهرها. كمن زعم أن المراد بالملائكة القوى العقلية، وبالشياطين القوى الوهمية. (4)

موقفه من الجهمية:

جاء في الجواهر الكلامية:

س: ما المراد بالاستواء في قوله سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } (5)؟

ج: المراد به استواء يليق بجلال الرحمن جل وعلا، فالاستواء معلوم والكيف مجهول. واستواؤه على العرش ليس كاستواء الإنسان على السفينة أو ظهر الدابة أو السرير مثلا، فمن تصور مثل ذلك فهو ممن غلب عليه الوهم لأنه شبه الخالق بالمخلوقات مع أنه قد ثبت في العقل والنقل أنه ليس كمثله شيء. فكما أن ذاته لا تشابه ذات شيء من المخلوقات كذلك ما ينسب إليه سبحانه لا يشابه شيئا مما ينسب إليها.

س: هل يضاف إلى الله سبحانه يدان أو أعين أو نحو ذلك؟

ج: قد ورد في الكتاب العزيز إضافة اليد إلى الله سبحانه في قوله جل شأنه: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (6) واليدين في قوله سبحانه: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (7)، والأعين في قوله سبحانه: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (8) إلا أنه لا يجوز أن يضاف إليه إلا ما أضافه إلى نفسه في كتابه المنزل أو أضافه إليه نبيه المرسل.

س: ما المراد باليد هنا؟

ج: المراد باليد هنا معنى يليق بجلاله سبحانه، وكذلك الأعين، فإن كل ما يضاف إليه سبحانه يكون غير مماثل لما يضاف إلى شيء من المخلوقات. ومن اعتقد أن له يدا كيد شيء منها أو عينا كذلك فهو ممن غلب عليه الوهم إذ شبه الله بخلقه وهو ليس كمثله شيء.

س: إلى من ينسب ما ذكرته في معنى الاستواء واليدين والأعين؟

ج: ينسب ذلك إلى جمهور السلف.

وأما الخلف فأكثرهم يفسرون الاستواء بالاستيلاء، واليد بالنعمة أو القدرة، والأعين بالحفظ والرعاية، وذلك لتوهم كثير منهم أنها إن لم تؤول وتصرف عن ظاهرها أوهمت التشبيه وقد اتفق الفريقان على أن المشبه ضال، وغيرهم يقولون إنما توهم التشبيه لو لم يدل العقل والنقل على التنزيه، فمن شبه فمن نفسه أتي.

س: كيف نثبت شيئا ثم نقول: (الكيف فيه مجهول)؟

ج: هذا غير مستغرب فإنا نعلم أن نفوسنا متصفة بصفات كالعلم والقدرة والإرادة، مع أنا لا نعلم كيفية قيام هذه الصفات بها، بل إنا نسمع ونبصر ولا نعلم كيفية حصول السمع والإبصار بل إننا نتكلم ولا نعلم كيف صدر منا الكلام. فإن علمنا شيئا من ذلك فقد غابت عنا أشياء، ومثل هذا لا يحصى.

فإذا كان هذا فيما يضاف إلينا فكيف الحال فيما يضاف إليه سبحانه. (9)


الهوامش:

(1) الأعلام للزركلي (3/ 221 - 222) ومقدمة الجواهر الكلامية (ص.7 -

(2) مقدمة 'الجواهر الكلامية' للطاهر الجزائري (ص.8).

(3) (ص.80 - 81).

(4) (ص.84 - 85).

(5) طه الآية (5).

(6) الفتح الآية (10)

(7) ص الآية (75).

(8) الطور الآية (48)

(9) (ص.23 - 26).


المصدر: كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية

لا تعليقات

اترك تعليق

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.