محطات تاريخية في حياة العلامة عبد المجيد حبة الجزائري

بقلم: عبد الحليم صيد-

عبد المجيد بن محمد بن علي حبة السلمي العقبي المغيري عالم فقيه مفسر مؤرخ نسابة مدرس أديب شاعر إمام خطيب مؤلف مناضل.

ولد سنة 1329هـ/ 1911م ببلدة سيدي عقبة التابعة لولاية بسكرة و بها نشأ و تعلم حيث أخذ عن كبار شيوخها مثل العلامة البشير بن الصادق العبد رحماني والشيخ محمد بن منصور و الأستاذ الصادق بن الهادي الذي له الفضل الكبير في تكوين شخصيته العلمية و الأدبية.

تولى الإمامة و التدريس في جامع عقبة بن نافع ، كما كان يقوم بإلقاء دروس التفسير فيه حتى تمكن من تفسير القرآن الكريم كاملا على العامة ، من سنة 1940 إلى سنة 1952 بالجامع المذكور .
من تلاميذه الدكتور محمد بن سمينة و الشيخ التواتي بن مبارك و الأستاذ صالح يعقوب المدعو محمد .
في سنة 1951م انتقل إلى بلدة المغير التابعة حاليا لولاية وادي سوف و جعلها مقرّه الأخير ، وكان يقوم بالتدريس فيها أيضا .

كان يحثّ تلامذته على النضال و الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي و يساهم في جمع الأموال و شراء المؤن للمجاهدين في بلدة المغير .
في سنة 1957 أحسّ بالخطر و أيقن بإلقاء القبض عليه لذلك لاذ بالفرار إلى بادية قرب بلدة أولاد جلال بضعة أشهر ثم توجه إلى الجزائر العاصمة باسم مستعار و مكث بها إلى غاية أفريل 1962م .
كان الشيخ حبة مرجعا في الفقه و التاريخ و الأنساب بمنطقة الزيبان و المغير .
قال عنه شاعر الجزائر محمد العيد خليفة : ” وإني أشهد أنه عالم عامل مصلح … فهو جدير بأن يعتبر من الأساتذة الأكفاء علما و عملا و إصلاحا ” .
و قال الأستاذ أحمد بن السايح : ” فهو مؤرخ مع المؤرخين … ، وهو أصولي نظار يستفتى في النوازل و هو صاحب باع واسع في علم التفسير ، عالم بأصول القراءات و له تواليف عديدة في مصطلح الحديث ” .
أدرج عبد المجيد حبة في معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر و العشرين ، و جاء فيه أنه كان ” رئيسا للجنة الفتوى في ولاية بسكرة ، إضافة إلى كونه محاضرا و مستشارا دينيا في بعض الجهات الرسمية و العلمية ” .
و أغلب ما ذكر منذ قليل غير صحيح ، لأنّ أقصى ما تولاه من المناصب الدينية الرسمية الإمامة بجامع عقبة بن نافع .
غير أنّ علم هذا الرجل و نبوغه فيه ، قد شاع بين الخاص و العام ، و أصبح غير مفتقر إلى شهادة علمية تدعمه أو منصب رسميّ يزكيه .
لم يكن عبد المجيد حبة مهتما بالنشر طيلة حياته العلمية الفسيحة ، لذلك لم يطبع و لو عملا واحدا من تآليفه .
أما نشر المقالات فقد كان فيه مقلا جدا ، بحيث لم ينشر سوى مقالتين الأولى عن عقبة بن نافع أدرجها سنة 1968 بمجلة لمحات و الثانية عن خليفة بن حسن القماري السوفي نشرها سنة 1985 بيومية النصر القسنطينية .
و في سنة 1990 قيض الله الأستاذ أحمد بن السايح فنشر في جريدة الشعب الجزائرية دراسة وافية عن ( عبد المجيد بن حبة هذا العلامة المغمور ) في أربع حلقات ، أدرج فيها ترجمة كتبها الشيخ حبة نفسه عن حياته و عددا معتبرا من قصائده و مقطوعاته الشعرية .
ترك حبة آثارا علمية أغلبها مخطوط و بعضها على شكل رسائل تتمثل فيما يلي :
1- عقبة بن نافع القائد المظفر: رسالة مخطوطة ألفها في أواخر العقد الخامس من القرن العشرين ، وقد قرظها شعرا كل من الشاعر محمد العيد خليفة و الشيخ عبد الرحمن المسعدي .
2- قيد الأوابد من حياة خالد: كتاب مخطوط قي إثبات نبوة خالد بن سنان العبسي و تصحيح وجود قبره بالبلدة المنسوبة إليه حاليا بولاية بسكرة .
الكتاب يتكون من 38 صفحة و هو مؤرخ في 28 ماي 1970م ، و بآخره تقاريظ نثرية و أخرى شعرية لمحمد العيد خليفة و محمد بن عبد الرحمن المسعدي و محمد أبو زار و إبراهيم مكاوي و كمال عجالي ، و قد اطلعت عليه في مكتبة المؤلف بالمغير .
3- تذكرة أولي الألباب بملخص تاريخ بسكرة و الزاب: كتاب مخطوط
(1) عنوانه دال على مضمونه ، يتكوّن من 29 صفحة غير تام في الآخر أطلعني عليه الأديب سعد السعود شخاب .
و هناك نسخة أخرى كاملة للكتاب لم أطلع عليها ، و لعلها التي سماها الأستاذ أحمد بن السايح :
– تذكرة الطلاب بتاريخ بسكرة و الزاب .
4- مسرحية نثرية مخطوطة تحمل عنوان ” عقبة بن نافع ” تقع في كراسة من حجم 32 صفحة ، تتكون من تسعة فصول ، توجد عند الشيخ التواتي بن مبارك ، و قد تمّ تمثيلها في أماكن عديدة من الوطن منها بسكرة و باتنة و قسنطينة سنة 1973م .
5- علماء منطقة الزيبان: رسالة صغيرة تتكون من 24 صفحة أصلها محاضرة ، تضم التعريف بستة و عشرين علما من أعلام ولاية بسكرة القدامى ، طبعت ضمن رسائل جمعية أضواء للثقافة ببسكرة سنة 1995م .
6- ديوان شعر: يتكوّن من 52 صفحة ضم أغلب قصائده الشعرية ، و هو من جمعي و إعداد فوزي مصمودي ، طبعته جمعية أضواء المذكورة ببسكرة سنة 1997م .
7- فصل تخريج إحياء علوم الدين للحافظ عبد الرحيم العراقي عن كتاب الإحياء المذكور للإمام أبي حامد الغزالي: كتاب مخطوط وقفت على النسخة الأصلية منه بخط المؤلف حبة في مكتبته بالمغير ، و هو يقع في ثلاثة أجزاء :
الجزء الأول يتكون من 176 صفحة ، الجزء الثاني يتكون من 177 صفحة ، الجزء الثالث يتكون من 62 صفحة .
و عقب هذا الجزء الأخير مباشرة فصل في أحاديث من كتاب الإحياء لم يجد لها التاج السبكي إسنادا ، نقله حبة من كتاب طبقات الشافعية الكبرى للسبكي المذكور، عدد صفحات هذا الفصل 22 صفحة زائدة على الصفحات 62 و عدد أحاديثه بإحصائي 919 حديثا .
أما عدد أحاديث الإحياء بإحصاء الشيخ حبة فقد بلغت 4593 حديثا .
و هذا هو العمل الوحيد الذي وقفت عليه من أعمال الشيخ حبة في علم الحديث النبوي الشريف .
8 – كلمات وجيزة على بعض ما جاء في الأرجوزة: رسالة مخطوطة تتكون من ست صفحات شرح فيها منظومته المسماة حصول الرغبة في رفع النسبة ، صوّرها لي الأستاذ أحمد بن السايح .
القصاصة في جمع أشتات صحابة الخلاصة : رسالة مخطوطة في الصحابة المذكورين في كتاب خلاصة التذهيب للشيخ أحمد الخزرجي الساعدي .
9- إسعاف السائل برؤوس المسائل: رسالة مخطوطة على غرار النظم المتناثر في الحديث المتواتر للعلامة محمد بن جعفر الكتاني .
10- الإعلام بما اتفق عليه الستة الأعلام من الأحاديث و الأحكام: رسالة مخطوطة في الفقه الحديثي .
11- الهمة فيما ورد العمة: رسالة مخطوطة في الأحاديث النبوية الواردة في فضل لبس العمامة .
12- قصة الاشتراكية: رسالـة مخطوطة صغيرة في نقد الفكر الاشتراكي .
و المخطوطات الخمس الأخيرة ذكرها الأستاذ أحمد بن السايح ، و لم أطلع عليها .
كما أن له محاضرات عديدة تناولت مسيرة شخصيات دينيية و علمية أذكر منها محاضرتين منشورتين في مجلتنا هذه – أصوات الشمال – هما :
01- هذا عقبة بن نافع و هذه مدينته .
02- علماء منطقة الزيبان .
قال عبد المجيد حبة يرثي خالد مختاري شيخ الزاوية المختارية بببلدة أولاد جلال المتوفى سنة 1985 :

لو عاش أهل الندى في هذه الدار |||   لكان من بينهم حفيد مختاري
من ذكر أفضاله لدى معارفه  |||   مثل اسمه خالد حديث أسماري
لكنما الموت لا يبقي على أحد  |||   فلا بـقاء لغـير الـواحـد الـبـاري

توفي عبد المجيد حبة يوم 21 ربيع الأول سنة 1413هـ، الموافق لـ 19 سبتمبر 1992م ببلدة المغير و دفن فيها و قد حضر جنازته الآلاف من طلبة العلم و الأصدقاء و المحبين.

ولم تشهد مدينة المغير مثل تلك الجنازة من حيث العدد و المهابة إلى يومنا هذا (2)


الهوامش:
(1) قد نشرت من هذا الكتاب المخطوط الفصل الأول و الثالث في الكتاب الذي جعلته تحت عنوان ( أبحاث في تاريخ زيبان بسكرة ) في الصفحات من 5 إلى 9 و من 18 إلى 23 .
(2) مراجع و مصادر هذا المقال :
الشيخ العلامة عبد المجيد حبة عبد الحليم صيد مجلة التضامن العدد 8 السنة الأولى أكتوبر 1992م ص 63 و عبد المجيد بن حبة لأحمد بن السايح يومية الشعب الحلقة الأولى سبق ذكرها و الحلقة الثالثة العدد 8242 الاثنين 30 أفريل 1990م و العلامة عبد المجيد حبة كاتب مسرحيات أيضا للأخضر رحموني الشروق اليومي العدد 529 الاثنين 29 جويلية 2002م و الطرق الصوفية و الزوايا بالجزائر لصلاح مؤيد العقبي ص 783 ، و ديوان عبد المجيد حبة ص 24 . و المجلة الورتيلانية العدد الثاني الصادر في مارس 2012 و هو عدد خاص بعبد المجيد حبة. و معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع و العشرين بالأنترنت ، و من العجيب وقوع هذا المعجم في خطأ فادح، حيث نسب إلى فوزي مصمودي دراستي عن ( الشيخ عبد المجيد بن حبة هذا العلامة الكبير ) المنشورة بأسبوعية العقيدة المنشورة في الأعداد : 162- 163- 164- 165 المنشورة من أواسط شهر أكتوبر 1994 إلى 3 نوفمير 1994 ، على أربع حلقات

لا تعليقات

اترك تعليق

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.