موقف الشيخ إبراهيم بيوض (ت:1401) من الصحابة رضي الله عنهم (1)

بقلم: د. محمد حاج عيسى-

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن بداية افتراق أمة محمد صلى الله عليه وسلم -في صدر الإسلام- كان بسبب الانحراف عن الصحابة الكرام بتضليلهم وسبهم وتكفيرهم، فنشأت الفرق الإسلامية المعروفة في التاريخ، والتي لم تلبث أن تمزقت وتشتت، وقد تولد عن الانحراف عن الصحابة انحرافات عقدية خطيرة كانت بمثابة اللازم لذلك الانحراف؛ من أهمها تكفير المخالف بالتأويل من المسلمين، والتكفير بكبائر الذنوب، والقول بتخليد أصحابها في النار، وإن كانوا يشهدون لله تعالى بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة.

وإنه بعد مرور قرون عن تلك الانشقاقات والاختلافات، وفي عصر النهضة العلمية التي عصفت بالجمود والتعصب للآراء الفاسدة التي لا زمام لها ولا خطام، وفي عصر استنارة العلماء بنور القرآن الهادي للتي هي أقوم، وفي عصر دعوة الإصلاح التي ارتكزت على الإصلاح العقدي انطلاقا من الكتاب والسنة الصحيحة، هيأ الله تعالى علما من أعلام المغرب الإسلامي-وهو الشيخ إبراهيم بيوض رحمه الله- ليصحح عقيدة الإباضية في الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وإنه لأمر عظيم واجب علينا الفرح به والاحتفاء به ونشره وإبرازه، لأنه إذا كانت بداية الافتراق بالانحراف عن الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن طريق الاتحاد قد رسم بإيجاب الترضي عن جميع الصحابة دون استثناء، ووجوب الإمساك عما شجر بينهم، وقد رأينا أثر هذا التصحيح في أتباع مدرسة الشيخ بيوض الذين لا يجدون حرجا من الصلاة خلف السنيين من مالكية وغيرهم، ويترضون عن عثمان وعلي رضي الله عنهما، ويستشهدون بأقوال علماء أهل السنة من مختلف المذاهب ويترحمون عليهم.

وكان أحد الزملاء الإباضية في الجامعة قد حدثني قبل قرابة عقدين من الزمن؛ عن أشرطة للشيخ بيوض في موضوع الصحابة قد فُرِّغت ونشرت، فيها هذا التصحيح المهم، ثم إني وقفت عليها مطبوعة طبعة محققة صادرة عن معهد الحياة بالقرارة؛ فرأيت أن أنسخ متنها بغية نشرها، لأني وجدتها وثيقة مهمة في بابها تضمنت عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة؛ مستمدة من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد حافظت على أكثر العناوين التي أدرج المحقق فيها، وزدت عليها ما يقرب المعاني للقارئ، ولم أعلق إلا حيث رأيت التعليق مفيدا أو ضروريا ، كبيان درجة بعض الأخبار والأحاديث، والتعليق على جملتين جانب فيها الشيخ بيوض الصواب.

وقد حرصت على نشر هذه العقيدة لأني أعلم أن كثيرا من الإباضية لا علم لهم بها، بل ما زالوا يعتقدون العقائد الباطلة في حق الصحابة الكرام وفي حق المخالفين من أهل القبلة، منهم من يجهر بالسب والتكفير ومنهم من يخفيه تقية، ولا سيما أهل المشرق منهم، ونحن نرجو أن تعم هذه العقيدة عند جميعهم وأن تزال بعد ذلك اللوازم المترتبة عليها، وما ذلك على الله تعالى بعزيز.

قال الشيخ بيوض رحمه الله تعالى:

[خلاصة موقف الشيخ إبراهيم بيوض من الصحابة]

وعدت مرارا بدروس خاصة في الصحابة رضي الله عنهم، من هم ؟ ما حكم الله تعالى فيهم؟ ما موقفنا نحن بالنسبة لهم؟ وخاصة الفتن التي وقعت بينهم، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟

أما الكلمة الجامعة في حقهم فهي الرضا عنهم جميعا والاستغفار لهم، كما أمرنا الله تعالى، والوقوف فيما شجر بينهم، هذه هي الخلاصة ، وهذا ما أعتقده وأدين الله تعالى به .

فأنا أرضى عن الصحابة أجمعين، وأقف فيما شجر بينهم، لا تخطئة ولا تصويب، ولا خوض ولا دخول فيما شجر بينهم ، ولا موجب له، وفي هذا السلامة كل السلامة ، والله سبحانه هو الذي يتولى أمر الذين خاضوا في هذا الموضوع قديما وحديثا ، ولهم ما اختاروا لأنفسهم.

[معنى الصحبة ومراتب الصحابة]

يظهر معنى لفظ الصحابة من كلمة الصحبة والصاحب والكلمة معروفة ومشهورة المعنى ، تقول فلان صاحبي ، وأما صاحبه وصحبني وصحبته وهؤلاء أصحاب فلان .

ليس في الكلمة غموض ، فمعناها واضح ومفهوم ، ولفظ الصحابة إذا أطلق ينصرف معناه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وجمهور الأمة على هذا الرأي، وعلى أن الصحابة منهم السابقون الأولون، ومنهم الذين جاؤوا من بعدهم.

[السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار]

فالسابقون الأولون طبعا هم المهاجرون من أصحاب مكة، ومن المعلوم أن أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم -لما نبئ بالوحي- زوجته خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ؛ لأنها أول من أخبرت بما وقع له في غار حراء لما عاد وبوادره ترجف فآمنت به فأول مؤمن خديجة ، وأول صحابي خديجة، ومن الرجال أبو بكر رضي الله عنه الذي كان صديقا للنبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام ، ولما نزل عليه الوحي وأخبره بما جرى ، صدقه وآمن به دون تردد ، كما ورد في الحديث ما معناه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« ما دعوت أحدا إلا كانت له كبوة ، لكن أبا بكر أسلم لأول وهلة »([1]).

وأول الصبيان علي بن أبي طالب ، لأنه لما يبلغ الحلم عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فآمن به وعد أول الصبيان إسلاما .

وأول العبيد زيد بن حارثة مولى النبي e المذكور في القرآن في قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) [الأحزاب/37]، وكان يدعى زيد بن محمد هو مولى لخديجة وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها فمكث عنده ، ولما جاء الإسلام أسلم.

فالأوائل هم : من النساء خديجة ومن الرجال أبو بكر ومن الصبيان علي ومن الموالي زيد بن حارثة ؛ ثم تتابع الإسلام شيئا فشيئا ينتشر على مدى سنين طويلة .

وأبو بكر كان من الدعاة أسلم على يديه أكثر العشرة : عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، هؤلاء هم الجماعة الأولى من المسلمين من أهل مكة الأصلاء، من العرب أو الموالي ، ثم بعدهم بلال بن رباح الحبشي وعمار بن ياسر وآل ياسر ، وبدأت الجماعة تكثر في مكة.

وفي أواخر سني النبي صلى الله عليه وسلم بمكة جاء الوفد الأول من المدينة في ستة من الأنصار، فأعلنوا إسلامهم على يد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبايعوه بيعة العقبة الأولى ، ثم رجعوا إلى المدينة ، ونشروا فيها الإسلام.

وفي العام القابل جاء منهم إلى مكة في موسم الحج اثنا عشر رجلا ، وفي العالم الثالث كان منهم سبعون رجلا وامرأتان لبيعة العقبة الثالثة والأخيرة، وهناك من يعد بيعة العقبة اثنتين، هؤلاء هم الأنصار من أهل المدينة، لما أسلموا عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بالإسلام وعلى نصرته إذا جاءهم إلى المدينة، ويمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأموالهم وذراريهم ، واعتمادا على ذلك العهد والوعد الذي قطعوه على أنفسهم ، هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة لأنه تكونت له فيها جماعة تأويه وتنصره .

[إرسال مصعب بن عمير إلى يثرب]

وقبل هجرته إلى المدينة ، وبعد بيعة العقبة الثانية أرسل إليها مصعب بن عمير، الشاب المثقف الحامل لما نزل من كتاب الله لينشر الإسلام فيها، ويقرئ القرآن أبناء أهلها.

ولمصعب بن عمير تاريخ مشهور ، والواجب على شباب الإسلام في جميع البلاد أن يتخذوه قدوة لهم، فقد كان فتى مدللا في مكة بين أهله وقومه، محبوبا لأمه وأبيه، ثم رضي الله له الإسلام وهاجر والديه والبيت المدلل فيه ، حتى كان جلده ييبس من الجوع والحاجة الشديدة ، بعد أن كانت على وجهه نضرة النعيم .

هؤلاء الأولون الذين دخلوا الإسلام في مكة ، والأولون الذين دخلوا الإسلام من أهل المدينة ، وهم المعبر عنهم بالمهاجرين والأنصار، الذين هم السابقون الأولون الذين تكونت منهم الجماعة الأولى في الإسلام.

[الآيات النازلة في حق المهاجرين والأنصار]

ولنستحضر بعض آيات القرآن الكريم النازلة فيهم ، ونبدأ بآيتين في سورة الأنفال.

الآية الأولى : (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [الأنفال/72]

عقد الله تعالى هذه العلاقة المتينة بين الجماعة الأولى من المهاجرين والأنصار، بين أهل مكة المؤمنين الذين هاجروا إلى المدينة، وأهل المدينة الذين آووا وضموا إخوانهم المهاجرين إلى أنفسهم، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم احتضنوه في مدينتهم ، وفي ديارهم ، وشاركوه أموالهم.

الآية الثانية : وتنبهوا إليها جيدا، وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُومِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال/74].

فالجماعة التي ذكرناها في الآية الأولى هي نفسها التي تكرر ذكرها في الآية الثانية ، ليحكم عليها بهذا الحكم الذي لا ينقض أبدا ، لأن الله تعالى لا يبدل القول لديه.

قال في حقهم 🙁 أُولَئِكَ هُمُ الْمُومِنُونَ حَقًّا).

أولا: أشار إليهم بلفظ البعيد "أولئك" تشريفا لهم وتعظيما، وهو أبلغ وأعظم من لو قال "هؤلاء"

ثانيا: عظمهم بضمير الفصل "هم".

ثالثا: عظمهم بقوله "المؤمنون"، فحكم عليهم بالإيمان بلفظ التعريف، ولو شاء لما قال "أولئك" ولقال "مؤمنون"، ولما جاء بضمير الفصل، ولو سقط الفصل وسقطت أداة التعريف "ال" وقال مؤمنون لكان المعنى صحيحا ن ولكن الروعة والبلاغة والإشارة إلى عظمة هؤلاء وفضلهم في هذا الأسلوب (أُولَئِكَ هُمُ الْمُومِنُونَ حَقًّا).

ثم زاد عليه كلمة "حقا"، وكلمة "حقا" لها وزن ثقيل لا يقدر قدرها ، فهم المسلمون حقا لا غيرهم ، إلا من سلك مسلكهم، وهناك غيرهم ممن يدعي الإيمان ولكن ليس بمؤمن حقا.

[ذنوب المهاجرين والأنصار لا تقع إلا مغفورة]

ولو شاء الله لقال "أولئك هم المومنون" فقط دون كلمة "حقا"، فهل بعد هذه اللحظة التي نزلت فيها هذه الآية يمكن أن يكون إيمان أولئك باطلا؟ لا نظن أن عاقلا يتصور هذا، فالله حكم عليهم بالإيمان الحق، حكما لا معقب له ، وقضاء لا نقيض له.

ثم بين جزاءهم بقوله (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) والمغفرة تكون -فيما نفهم وفيما تدل عليه كلمة "حقا"-لما مضى ولما يأتي ، وتنبهوا جيدا لهذه النكت.

فهؤلاء المؤمنون حقا لهم مغفرة مما ارتكبوا قبلُ وهم مشركون، قبل أن يدخلوا إلى الإسلام ، والإسلام يجب ما قبله ، ولهم مغفرة وُعدوا بها لما يمكن أن يبدر منهم غير الرجوع إلى الكفر والشرك، إذ ربما يلم بهم شيء ، أو يلمون بشيء ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف/201] فالله تعالى أعطاهم هذا الحق وهذه المزية، وسيأتينا مزيد من شرح هذه النكتة عندما نعرض قصة حاطب بن أبي بلتعة.

ونحن نظن أننا إذا تدبرنا الآية حق التدبر خاصة كلمة "حقا"بعد الصفات التي وصفهم بها، والتشريفات التي شرفهم بها، وهذا الحكم الذي أصدره في حقهم ، ندرك قول العلماء : إن البدريين - أو هؤلاء الذين تقدم ذكرهم-لا تقع ذنوبهم إلا مغفورة، فقد وعدهم الله تعالى بالمغفرة مسبقا، ولو كان ما ارتكبوه يستلزم التوبة ما وُعدوا المغفرة ، فإن الله تعالى يتوب عليهم كما قال : (ثم تاب عليهم ليتوبوا) (التوبة:18) يعني يوفقون إلى التوبة والاستغفار ولا يصرون على ذنب، فالمغفرة حقت لهم، وكأنها حق من حقوقهم.

كما أنه ينبغي أن لا ننسى تنكير كلمة "مغفرة"، فهو سبحانه وتعالى لم يقل "أولئك يغفر لهم ذنوبهم" أو "لهم الغفران"، وإنما قال (لهم مغفرة) وللتنكير في هذا المقام روعته، ولهم مغفرة تأتي على ذنوبهم ما مضى منها وما يأتي، ورزق كريم بالخلود في الجنة يوم القيامة.

[فضل السابقين الأولين على غيرهم]

ثم يقول بعد ذلك في تفضيل من يذكرهم (وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ) [الأنفال/75] لنتنبَّه لهذه النكتة الغريبة في قوله (فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ) ماذا نفهم منها؟

نفهم من هذا أن الجماعة الأولى التي تكونت وتبلورت، واشتبك بعضها ببعض ، قواعدها وأصولها المهاجرون والأنصار الذين عبر عنهم بقوله (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) [التوبة/100] والذين جاؤوا بعد هذه الجماعة الأولى في ذلك الوقت نفسه، وآمنوا وهاجروا معهم فأولئك منهم.

فأصل المؤمنين على وجه الأرض كلها هم هؤلاء السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؛ والذين جاؤوا بعدهم وهاجروا وجاهدوا إلى يوم الفتح، لأن الهجرة نسخت بيوم الفتح ، وقد كانت قبل واجبة.

هذا كلام الله عز وجل وليس كلام بشر، أو كلام مؤلف أو راو (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ) [الأنفال/74، 75]

إذن هذا هو الرعيل من الصحابة، ويبدو أن هذه الآية تفسرها وتبينها آية سورة الحديدن من قوله: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) [الحديد/10] وآية سورة التوبة من قوله : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة/100]

عبر بالسبق والأولوية وهما وصفان قد يغني أحدهما عن الآخرن كأن يقول :"والسابقون من المهاجرين والأنصار" أو "الأولون منهم"، لكن الله تعالى جمع الوصفين معا السابقون الأولون : الأوائل الذين سبقوا إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وإلى الهجرة والنصرة ، وإلى تقبل المهاجرين بينهم ، فهؤلاء هم السابقون الأولون.

والذين اتبعوهم بإحسان : هم الذين قال فيهم : (وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ) [الأنفال/75] وهذه الآية تعبر بصريح العبارة أن الهجرة لا تزال وبابها لا يزال مفتوحا، ولا يزال من فر بدينه من مكة في هذا العهد قبل الفتح تعتبر مهاجرا ، ولكن ليس فضله كالسابق.

ترى من هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؟ قال بعض العلماء في القديم والحديث : هم من شهد بدرا وقال بعضهم: هم من شهد الحديبية.

لكن لماذا الخلاف؟ وتفسير ذلك جاءنا في كتاب الله تعالى ، في قوله تعالى :(لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) [الحديد/10] والفتح هو إما صلح الحديبية ، وإما هو فتح مكة ، والجمهور على أنه فتح مكة ، وإن كان بدأ النصرة والفتح إنما كان من الحديبية ، لما عقد الله النبي صلى الله عليه وسلم صلحا مع المشركين، فأزيلت حالة الحرب، ويومئذ اختلط أهل مكة والعرب الذين من حولهم ، بعضهم ببعض، مؤمنهم وكافرهم ، فتمكن المسلمون من نشر الإسلام والدعوة إليه ، وتمكن الكفار من رؤية أخلاق المسلمين ومعاملتهم الحسنة ، كيف رباهم القرآن ورباهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المدة القصيرة ، وكيف تحولوا وكأنهم خلق آخر، ولهذا بدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجا ، فأسلم كثير من الأبطال منهم خالد بن الوليد ، وقبل فتح مكة بدأت تباشير النصر وبدأت أسبابه ، يسلم بعضها إلى بعض، حتى كان الفتح في العام الثامن ن فدخل النبي مكة فاتحا في عشرة آلاف بعد أن كان الذين شهدوا بدرا ثلاثمائة وثلاثة عشر.

   فالنص القرآني إذن ينص على أفضلية الجماعة التي أسلمت وهاجرت قبل الفتح ، وأنفقت وقاتلت، وهذه الجماعة منها السابقون الألون من المهاجرين والأنصار، ومنها الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا قبل الفتح، فهذا هو ترتيب طبقات الصحابة.

[الذين جاؤوا من بعدهم ...والتابعون] 

أما قوله تعالى في سورة الحشر (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ... [الحشر/10] في البيان الصادر فيمن له الحق في الفيء الذين افاءه الله على المسلمين ، من أموال الكفار غير الأخماس الأربعة التي تكون للمقاتلين إذا كان هناك قتال ، والذين يأخذون الخمس الذي هو لله وللرسول ولذي القربى؛ فهؤلاء الذين جاؤوا من بعدهم هم الذين يأتون بعد هذه الجماعة إلى أن تقوم الساعة.

   ففرق إذن بين قوله (والذين اتبعوهم بإحسان) (التوبة) وقوله (والذين جاءوا من بعدهم) (الحشر) فافهموا جيدا دقة التعبير هنا ولا غرابة، فالكلام كلام الله في أعلى درجات الفصاحة والبلاغة، فالتابعون عبر عنهم بالاتِّباع وخصهم بذكر الهجرة والجهاد، وأما الذين ورد ذكرهم في سورة الحشر في بيان من له الحق في الفيء فعبر عنهم بالمجيء والذين جاؤوا من بعدهم، أي من بعد المسلمين الأولين حتى قيام الساعة، ولذلك وصفهم بقوله (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) [الحشر/10].

[حكم الله تعالى على الصحابة بالمغفرة والرضوان]

وقد حكم الله تعالى – في آيات عديدة من كتابه – بالمغفرة والرضوان على هؤلاء الصحابة في أساليب متنوعة وعبارات مختلفة منها قوله (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال/74] (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال/74] (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) [التوبة/100] والله تعالى لا يعود في رضاه ن وقد أسند إلى المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان .

ويقول الله تعالى في شأنهم في جيش العسرة في غزوة تبوك (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة/117] خص الله تعالى ذكر المهاجرين والأنصار، الذين يركبون جيش العسرةن وذكر إلى جانبهم النبي e تشريفا لهم.

كما كان ذلك في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) [الأنفال/41] والجمهور على أن ذكر الله تعالى في مثل هذه المقامات تشريف لنبيه ولمن ذكر معه ، ثم بعد ذلك يخص بالذكر الثلاثة الذين خلفوا (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة/118] في قصة طويلة مشهورة.

[المشقة التي تحملها جيش العسرة]

وجيش العسرة هو الذي خرج لغزوة تبوك في مشارف الشام بعد أن بلغ النبي أن هرقل ملك الروم، ونصارى الشام يتهيؤون لغزوه ، فبادرهم بالتخويف وكانت وقت الصيف والحر الشديد، وخزائن المؤونة قد فرغت، لأنهم في آخر العام الماضي، وفي آخر العام لا يبقى إلا الشيء القليل من الغلة التي كانت من العام الماضي ، والغلو الجدة لم تصب بعد وهي في الإبان، وهم في عسر من جهة المال ، وعسر من جهة الظهر، ليس لهم ما يحملهم ، وكان العشرة يتعاقبون جملا واحدا ، والمسافة بعيدة، لا ماء في الطريق ، وصدق الله العظيم إذ سمى الغزوة بساعة العسرة.

أراد الله تعالى أن يختبر الصحابة ويبتليهم ن فنفروا لما استنفرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبلى فيها البلاء الحسن الإمام عثمان بن عفان ، إذ جهز جيش العسرة من ماله الخاص ، ولغزوة تبوك وما وقع فيها من معجزات حديث يطول، والله تعالى أعلن توبته على النبيء والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، وهو بعم رؤوف رحيم ، ومن توبته عليهم أن يغفر لهم ذنوبهم ، وأن يوفقهم إلى التوبة مما بدر منهم، ويحفظهم من الوقوع في الإلمام بشيء ، وإن ألموا بشيء ذكرهم فإذا هم مبصرون فتابوا وأنابوا.

[رضا الله عن المبايعين تحت الشجرة]

وقبل العسرة قال تعالى في صلح الحديبية (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح/18، 19]

لقد: اللام مشعرة بقسم محذوف ، وكأنه قال وعزتي وجلالي ثم زاد توكيدا آخر بعد اللام بـ"قد" التي هي للتحقيق.

رضي الله عنهم وأكد هذا الرضا وقال : إنه أنزل السكينة عليهم وأثابتهم فتحا قريبا، ومغانم كثيرة يأخذونها، وهل يعود الله في رضاه؟ وهل ينقض الله تعالى رضاه ؟ وأصحاب الشجرة معروفون ، هم ما بين ألف وأربعمائة وألف خمسمائة.

يقول الذين يطعنون في الإمام عثمان: إنه لم يشهد بيعة الرضوان ، وبيعة الرضوان نفسها وقعت بسبب عثمان، إذ أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليخاطب المشركين لما له من حذاقة ولباقة في المفاوضة، ولما يتمتع به من حماية، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عرض الأمر على عمر فأشار عليه بعثمان.

ولما دخل عثمان مكة وطالت إقامته ، شاع بين الناس أن المشركين اغتالوه فتأثر المسلمون ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبيعة فبايعوه تحت الشجرة ، وكان المسلمون كلهم يمرون عليه واحدا واحدا ؛ يبايعونه بيعة فردية على الجهاد في سبيل الله ، وعلى النصرة والموت معه، حتى إذا انتهى المسلمون من المبايعة ضرب النبي صلى الله عليه وسلم يمناه على شماله فقال :«هذه عن عثمان».

[إلزامهم كلمة التقوى]

يقول الله تعالى في شأنهم: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الفتح/26] لله ما أعظم هذه الآيات في شأن الصحابة خاصة أصحاب الحديبية، ألزمهم كلمة التقوى كأنه ألصقها بهم، وغرزها في قلوبهم فالتزموها، ولم يلبسوها لبس الثوب، ينزعه الواحد متى شاء، فالتقوى لازمة لهم، كأنها لا تنفك عنهم ولا ينفكون عنها في مغداهم ومراحهم، وفي أقولهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم.

وكلمة التقوى هي لا إله إلا الله التي مثلها الله تعالى بقوله : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم/24-25] فعقيدة الألوهية والوحدانية لله تعالى متمكنة في قلوبهم، وإذا تمكنت في القلب فهي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، والأغصان هي حركات اللسان والعين والأنف واليد والرجل، وغيرها التي تصدر عن ذلك الأصل الطيب عن تلك الشجرة المغروسة الضاربة جذورها في قلوبهم ولذلك ارتفعت أغصانها، فهي تؤتي أكلها كل حين، والتعبير بـ"كل حين" يدل على ما دلت عليه كلمة "وألزمهم كلمة التقوى"، فهم متقون في كل حين، وشجرة التقوى متمكنة تؤتي أكلها كل حين ؛ في العسر وفي اليسر، في المنشط والمكره ، في السفر والحضر، في الرخاء والشدة، في البأساء والضراء والنعماء والسراء.

وإذا تأملنا قوله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى) ثم قوله : (وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا) نرى العجب والعظمة في ثلاثة أمور:

أولا: (وألزمهم كلمة التقوى) ومن ألزمه الله شيئا لا يمكن أن ينفك عنه، ولا أن يفكه عنه أحد، لا شيطان إنس ولا شيطان جن.

ثانيا: (وكانوا أحق بها) يعني هؤلاء هم أحق بالتقوى، فقد يصف الناس أنفسهم بالتقوى ، فيقول أحدهم : أنا متق أو عندي تقوى ، لكن الأحق بالتقوى هم هؤلاء ، وهم أحق بحقيقة الاتصاف بها من غيرهم، ولا يوجد من يماثلهم فيها، والصيغة جاءت على صورة اسم التفضيل.

ثالثا: (وأهلها) لم يكتف الله تعالى بما تقدم فزاد قائلا "وأهلها" وكأنه يقول هؤلاء هم أهل التقوى. فإذا سألتهم عن أهل التقوى؟ فهم هؤلاء، وإذا سألتهم : من أحق بالتقوى؟ فهم هؤلاء. وإذا سألتهم عمن ألزمهم التقوى لا تنفك عنهم ولا ينفكون عنها؟ فهم هؤلاء. فلله ما أعظم هذه الأوصاف.

[الذين هاجروا وجاهدوا من بعد ما فتنوا]

ويقول الله تعالى في سورة النحل : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل/110] هذه الآية خاصة بالمهاجرين (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ) جعل الله تعالى نفسه لهم، ويبدو لي أن هذا التعبير أقوى وأعظم من المعية في قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل/128] وإن لم يكن أعظم منه فهو في درجته ، وإذا كان الله لهم ، فإنه يرأف بهم ويرحمهم ويحبهم ويعطيهم ما يريدون، فالتعبير باللام غريب في بابه ، وانظروا إلى هذه الأوصاف الأربعة حتى نعلم لماذا استحقوها:

هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا

أول البلاء الفتنة التي أصابتهم وهم بمكة لما دخلوا الإسلام ، فمكر بهم المشركون وعذبوهم ، كما فعلوا ببلال وعمار وآل ياسر، فمنهم من مات في العذاب ، ومنهم من تحمله حتى نجاه الله .

ومعنى قوله "فتنوا" يفيد أن المشركين فعلوا بهم ما في وسعهم ليحملوهم على ترك الإسلام فأبوا.

وبعد هذه الفتنة التي تحملوها سنوات في مكة هاجروا وتركوا أموالهم وأهلهم في هذا الوطن العزيز المقدس: مكة، الذي لا أشرف منه في الدنيا.

"ثم جاهدوا" لما هاجروا لم يهاجروا إلى مكان يستريحون فيه ويعبدون ربهم في الظل والرخاء، وإنما هاجروا إلى المدينة استعدادا للجهاد فكانت سرايا وكانت غزوات، وفي كل هذه كانوا صابرين.

فالمحنة أولا والهجرة ثانيا والجهاد ثالثا والصبر في ذلك الجهاد رابعا ، سواء جاءهم من جهة الوقت كوقعة العسرة أو في وقت فيه شيء من رخاء.

إن ربك من بعدها الضمير يعود إلى هذه المحن المتتالية، والتعبير بقوله : (مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) يبين أن هؤلاء بمحنهم هذه المتتالية لا يستحقون من الله تعالى إلا المغفرة والرحمن، فكل ما فعلوه مغفور لهم مسموح.

والتنصيص بقوله "من بعدها" وقوله "لغفور رحيم"، يدل على كثرة المغفرة وعظمتها، إما لكثرة الذنوب، والله تعالى لا يستكثر ذنوبا فلا يغفرها، فإذا كان الإخلاص وكانت التوبة وكانت أسباب المغفرة متوفرة يغفرها على كثرتها، وإما أن يكون الذنب عظيما فإن الله تعالى لا يتعاظم عنده ذنب ، إذ كانت التوبة من بابها المشروع ونحن في دعائنا نقول :" اللهم إن ذنوبنا قد عظمت وجلت وعفوك أعظم منها وأجل".

فإذا كانت هذه الآية واردة في حق هؤلاء السابقين الأولين ، فماذا يبقى لهم من ذنوب يا ترى؟

فالآيات الواردة في فضل الصحابة، وفي توكيد المغفرة لهم والرضا عنهم كثيرة حتى أنه أمرنا بالاستغفار لهم ، وجعله من الصفات التي كلف بها من جاء بعدهم.

بعد كل هذا ، كيف يمكن أن يطلق أحد لسانه في هؤلاء الأصحاب رضي الله عنهم ، أم أن الله تعالى لا يعرف ما سيفعلون وما سيكون منهم بعد ذلك.


هامش:

/ حديث مشهور في كتب السير رواه ابن إسحاق (1/318) بلاغا ولم يسنده ومن طريقه انتشر (محمد حاج عيس).

لا تعليقات

اترك تعليق

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.