من أعلام البناء الثَّقافي والتَّعليمي بوادي ريغ العلامة الشَّيخ التِّجاني نصيري
بقلم: حناي محمَّد-
الأمم بناء، فلا تنهض، ولا تتكون، ولا تتشكل ككيانات سياسية، ذات صُروح اقتصادية واجتماعية وثقافية علمية، إلاَّ من خلال الخلص من رجالاها وتراكم مجهوداتهم، أولئك الرِّجال الذين يسعون ولا يكلون ولا يملون لأجل بناء الضَّمير الجمعي للأمة برؤية واضحة، تُجلي الضَّبابية وتستند إلى قواعد ثابته في العمل، يمكن لهذه الأمم الرُّجوع إليها كلما اعتراها الذَّبلان أو الاهتراء، لتعيد نهضتها وتبني مجدها.
من هؤلاء الرِّجال الخلص الذين بذلوا مجهوداً مُضنياً وجباراً - رغم الإعاقة البصرية - لإرساء قواعد البناء الثَّقافي العلمي من خلال التَّعليم بإقليم "وادي ريغ"(1) وبلدة "الطَّيبات"(2)، وأثرت باتجاه "وادي سوف"(3)؛ نجد اسم العلامة الشَّيخ "التِّجاني نصيري"، الذي بقي محفوراً في الذَّاكرة الجمعية لإقليم "وادي ريغ" وبلدة "الطَّيبات"، فتناقلته الألسن وتشنفت بسماع سيرته العلمية، ومسامراته المناظراتية، مع علماء عصره الآذان. وكيف علَّم جيلاً، نهل من فيض عباب معارفه، فكان لهذا الجيل الفضل في إرساء دعائم المد الثَّقافي في إقليم "وادي ريغ" وبلدة "الطَّيبات".
وللتعرف عن هذا العلامة وبعض الجوانب من حياته طرحنا الإشكالية التَّالية: «من هو الشَّيخ التِّجاني نصيري، وما إسهاماته في البناء الثَّقافي لمنطقة "وادي ريغ" وبلدة "الطَّيبات"؟». مستعيناً للإجابة عن ذلك بعدَّةِ أسئلة هي:
1 ما اسمه ونسبه؟، وكذا مولده ونشأته؟.
2 ما مميزات شخصية الشَّيخ "التِّجاني نصيري" ودلائل صلاحها؟.
3 كيف علَّم النَّشء ورعا الفتوة؟.
4 ما هو أثره في الواقع الثَّقافي الدِّيني والتَّعليمي لإقليم "وادي ريغ" وبلدة "الطَّيبات"؟.
أولاً: حياته:
1)- اسمه ونسبه:
هو الشَّيخ الزَّاهد العارف بالله، القدوة النَّاسك، التِّجاني بن محمَّد السَّايح بن الحاج نصر، من عميرة(4) الشِّوايحة(5)، فرقة الشّبابطة(6)، أحد البطون الأربعة من عرش المصاعبة(7).
أخذت عائلة الشَّيخ التِّجاني نسبة "نصيري" من جدهم: الحاج "نصر". الذي سكن بسوف مع والده "بساحة العرش"(8) بحي الظَّهارة، بجوار مسجد "سيدي عبد الرَّزاق"(9) المعروف بجامع "الظَّهـارة"(10) مسجـد "الفتح" حالياً.
2)- مولده:
وُلد الشَّيخ "التِّجاني نصيري" سنة 1301هـ/1884م من أبيه "السَّايح" وأمِّه السَّيدة "ميرة بنت قزون" أصيلة حي"تكسبت"، منتسباً إلى عائلة من العرب الرُّحل ميسوري الحال، بسبب الرَّعي واكتساب وفرة من الماعز والأغنام والإبل.
3)- نشأته وتعلمه:
بحكم ارتباط عائلة الشَّيخ "التِّجاني نصيري" بالطريقة التِّجانية، كان والده كثير التَّردد على "تماسين" والمكوث بها لفترة ليست بالقصيرة ما يقارب الثَّلاثة أشهر في فصل الرَّبيع، - حتى تستفيد الزَّاوية التِّجانية من وفرة الحليب الموجودة عند الحاج السَّايح والد صاحب التَّرجمة - ويقضىي الزمن الباقي في "وادي سوف" وباديتها.
في أحد الأيام "بتماسين"(11)، خرج الولد الصَّغير "التِّجاني" وعمره حوالي ثماني سنوات، مع إخوته "صالح" و "الحبيب" و"خديجة" للإتيان بالحطب أحد مستلزمات الطَّهي، بعد جمعه وربطه بالحبل. تعاون الإخوة لأجل رفعه على ظهر "الدَّابة"، وكانت هذه الدَّابة في وضعٍ غير مريح، فبمجرد أنْ دنا منها الإخوة ووضعوا حِمْلَ الحطب(12) على ظهرها، حتى استدارت بقوةٍ ولطمت الولد الصَّغير "التِّجاني" على وجهه، فغاص أحد العيدان في عينه وفقد بــصره(13) في الحين؛ رجع رفقة إخوته للبيت وعيناه تسيلان دماً فوجد والده في انتظاره منزعجا لهول مــا سمع ومــا رأى، وأخذه مسرعاً على تلك الصُّورة إلى شيخ الطَّريقة التِّجانية في حينه، الشَّيخ "محمَّد حمه"(14) يستغيثه قائلاً: «ابني يا سيدنا ابني يا سيدنا»(15).
هدَّأ الشَّيخ "محمَّد حمه" من روع الحاج "السَّايح"، وباشر بمعية ابنه "البشير" تضميد جراح الولد الصَّغير، والتَّهوين عليه وعلى والده، ثمَّ خاطبه قائلاً: « لا تنزعج يالحاج "السَّايح" نسأل الله له، أنْ يعوِّضه عن عيني رأسه، بعينين بقلبه، وأنْ يكون إغمضاض البصر هذا، يُقابله فتح في البصيرة، بجاه النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم». ووضع الشَّيخ "محمَّد حمه" الولد الضَّرير في حجره، وغطاه ببرنوسه(16). وهي صورة تدلل على تبني شيخ الطَّريقة "محمَّد حمه" لحالته من موقع الأبوة.
رضي الطَّفل الصَّغير "التِّجاني" بقدره، ومارس طفولته وهو مصاب بهاته الإعاقة، دون أنْ تؤثر فيه مصيبة فقد البصر، فكان شغوفاً باللعب مع أقرانه والعزف على آلة النَّاي. وفي أحد الأيام، وبينما هو جالس مع أترابه يعزف النَّاي وهم يُطبِّلون ويصفقون، إذ بالشَّيخ "عبد الرَّحمان العمودي"(17) يمرُّ بمجلسهم، فوقع نظرُهُ على الطِّفل "التِّجاني" وهو يعزف النَّاي، فوقف بجانبهم يستمع، ويمعن النَّظر في الطِّفل الضَّرير؛ بعد هنيهة قليلة توقف ضارب الطَّبل، وقال ضارب الطَّبل: توقف يالتِّجاني، حياءً من الشَّيخ "عبد الرَّحمان العمودي"، فتوقف الطِّفل التِّجاني عن العزف. فتكلم الشَّيخ عبد الرَّحمان العمودي" وقال:« يا ولد، هذا النَّاي لن يأتي لك بشيء، ولن ينفعك، فاقرأ كي تنفع نفسك وتنفع غيرك»(18).
أثرت هذه النَّصيحة في الطِّفل الصَّغير "التِّجاني" وباشر التَّعلم بجامع "الظَّهارة" لمدة قصيرة على يد الطَّالب "علي بن رقية"، ثمَّ أخذه شيخه "عبد الرَّحمان العمودي" إلى بلدة "كوينين" رفقة مجموعة من التَّلاميذ من بينهم: الشَّيخ "محمد بن جديدي" والشَّيخ "محمَّد غريسي" والشَّيخ "العروسي محمَّدي"(19).
أخذ الطِّفل الضَّرير "التِّجاني" عن شيخه "عبد الرَّحمان العمودي" القرآن الكريم وعلومه، والعلوم الشَّرعية من فقه، وأصول فقه، وحديث وسيرة وعلم النَّحو(20)...
لما بلغ العشرين من عمره أرسله شيخُه إلى الفرع الزَّيتوني بالجريد التُّونسي، ليُتمَ دراسته هناك على يد علمائها ومُدرسيها، وكذلك العلماء الزَّائرون للفرع من أمثال: الشَّيخ "محمَّد الأخضر الحسيني"(21) الذي التقى به سنة 1905م(22) عند عودته من وادي سوف ومروره بالجريد والمكوث بفرعها الزَّيتوني، والشَّيخ "محمَّد النَّخلي"(23) والشَّيخ "محمَّد الطَّاهر بن عاشور"(24)، وأخذ عليهم درر العلوم وآداب الإلقاء؛ ومكث هناك لمدة ثلاث (3) سنوات(25).
عند رجوعه إلى موطنه "وادي سوف"، اشتغل بالتَّدريس في مسجد "الظَّهارة".
4)- حياته الأسرية:
في خريف سنة 1909م، وعن عمر ناهز 25 سنة، تزوج الشَّيخ "التِّجاني نصيري" زوجَهُ الأوّلى وتُدعى "ميلودة بنت قشوط"(ت.1959م)، من بلدة النَّخلة(26)، وأنجبت له ثماني(8) بنات هن: عائشة، خديجة، زبيدة، رقية، الزُّهرة، مباركة، مبروكة، حده السَّعيدة، وصبياً اسمه محمَّد العيد، وُلد بتقرت(بتبسبست) بعد رحيله إليها وتوفي صغيراً.
أما زوجُهُ الثَّانية، فهي "عائشة بنت مبروك"(بركاوي) من بلدة "الطَّيبات"، تزوجها سنة 1931م، بعد أنْ استشار شيخه "محمَّد العيد التَّجاني الثَّاني" شيخ الطَّريقة التِّجانية قبل وفاته، وأشار عليه بمعاودة الزَّواج؛ فأخذ بنصيحة شيخه وتزوج، فأنجبت له كلّاً من: محمَّد البشير، أحمد عمار، محمَّد الحافظ، زليخة، فاطمة العفيفة.
لقد عكف الشَّيخ "التِّجاني نصيري" على تربية أبنائه تربية إسلامية فاضلة، من حيث التَّمسك بشرع الله والعمل به ما استطاعوا، فكان يسهر على تحفيظهم كتاب الله العزيز، ويلزمهم العمل بمقتضى آياته، ما وفقهم الله لذلك سبيلا؛ وكان يقول:« يجب أنْ تحفظ البنتُ جزءً من كتاب الله، حتى تصحُّ صلاتها وتتنوع قراءتها، أمَّا الأولاد فيجب أنْ يجتهدوا في حفظه كاملاً لأنهم حملة تكليف التَّربية والتَّبليغ، بناء على القوامة التي حباهم الله بها، والتَّفضيل الميراثي الذي تتبعه تفضيلات أخرى»(27). وهذا فعلاً ما كانت عليه أسرته.
5)- رحلاته العلمية ولقاءاته بالعلماء:
ناهيك عن رحلته إلى تونس، لأجل طلب العلم والاستزادة، فيما بين عامي 1904 – 1907م، والتقائه بمشايخ الزَّيتونة والأخذ عنهم؛ قام الشَّيخ "التِّجاني نصيري" بزيارتين إلى مدينة "فاس". الأولى سنة 1328ه/1910م بعد زواجه مباشرة، قاصدا زيارة شيخه، الشَّيخ "أحمد التِّجاني"(28)، والذَّهاب نحو جامعة القرويين لأجل الانتفاع والاستزادة العلمية، فكان له ما أراد، حيث التقى بعلماء جامعة القرويين من بينهم: الشَّيخ "أبو شعيب عبد الرَّحمان الدُّكالي"(29)، فنهل من معينهم، ومكث بين ظَهْرانَيْهِمْ مدة عامين، ثمَّ عاد إلى مسقط رأسه أوائل عام 1330ه/1912م(30).
أما رحلته الثَّانية فلقد قام بها عامَ 1344ه/1926م، رفقة وفد كبير يضم كبار مقدّمي الطَّريقة التِّجانية من أمثال: "المقدم العيد بن سالم بن يامه التِّجاني" و"سيدي علي بن الصديق" و"المقدم العروسي محمَّدي" و"المقدم محمَّد الطَّيب سعدودي" وغيرهم،... لأجل زيارة ضريح شيخه، الشَّيخ "أحمد التِّجاني"؛ ومن ثَمَّ عرج "الشيخ التِّجاني نصيري" رفقة الوفد وزاروا جامعة القرويين، والتقى بشيوخها(31).
وقد مكث رفقة الوفد بمدينة "فاس" حوالي ثلاثة(3) أشهرٍ. وكانت وسيلة نقله في الرِّحلتين ذهاباً وإياباً، القطار.
أما لقاءاته بالعلماء الوافدين على منطقة "وادي ريغ"، فجلُّها تمت بزاوية تماسين التِّجانية التي كان يرتادها العلماء من حين لآخر، فأغلب العلماء الذين زاروا هاته الزَّاوية في الفترة الممتدة بين 1918 إلى غاية 1945م(32)، التقى بهم الشَّيخ "التِّجاني نصيري"؛ وتدارس معهم أصول الفقه والحديث من بينهم: الشَّيخ "محمد مناشو التُّونسي"(33)، والشّيخ "محمَّد الحافظ التِّجاني المصري"(34)، الذي زار تماسين سنة 1937م(35). ومن بين المسائل التي أثارها مع الشَّيخ "محمَّد الحافظ المصري"، طرق التَّعبد بأسماء الله وصفاته، عند العامة من النَّاس، وعند الخاصة من أصحاب الذَّوق العرفاني، فكانت إجابات الشَّيخ "التِّجاني نصيري" تُبهر العاقلَ وتأسر اللبيب، فقال في حقه الشَّيخ "محمَّد الحافظ المصري" وهو يخاطب "الشَّيخ أحمد التِّجاني التَّماسيني"(36): «إذا كان هذا حال التِّلميذ سيدي، فما بال مُعلِّمه، والله لقد أسرني»(37).
6)- استقراره بمدينة تقرت:
ارتبط الشَّيخ "التِّجاني نصيري" بالطريقة التِّجانية ارتباطاً روحياً وتربوياً وثيقاً، وكما أشرنا سابقاً أنَّ الشَّيخ "محمَّد حمه" هو الذي كفله بالرِّعاية والعناية، بعد فقده لنعمة البصر.
كان للشيخ "محمَّد حمه" خديماً يُدعى "الطَّاهر بن بكاري"، ولهذا الأخير صبيٌّ يُدعى "سي مُحمَّد"، حفظ القرآن الكريم؛ وفي إحدى زياراته للشيخ "محمَّد حمه" بتماسين، أخبر "الطَّاهر بن بكاري" شيخه بالنِّعمة التي حلَّت به وبابنهِ المرافقِ له في هذه الزِّيارة، ففرح الشَّيخ لسماع هذا الخبر، ودعا الطِّفلَ الصَّغير للتقدم نحوه، وأجلسه أمامه. ثمَّ بدأ باختباره في حفظ كتاب الله تعالى.
قال الشَّيخ "محمَّد حمه" للطفل: اُتلُ علينا قولهُ تعالى:﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ...﴾(38).
فتلا الطِّفلُ الصَّغيرُ هذا الرُّبع الأخير من السُّورة تلاوةً جيدة.
قال الشَّيخ "محمَّد حمه" للطفل: اُتلُ علينا قولهُ تعالى: ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ...﴾(39).
فتلى الطِّفل الصَّغير هذا الرُّبع الأخير من السُّورة تلاوة جيدة.
بعد هذه التِّلاوة الصَّحيحة والمتقنة، قال الشَّيخ "محمَّد حمه" لخادمه "الطَّاهر": «سي "محمَّد" يلزمه مُدرِّس يُدرِّسه العلم».
فردَّ "الطَّاهر":« أنأ لا أستطيع أنْ آتي له بمدرس».
فقال الشَّيخ "محمَّد حمه": « حمه - يقصد نفسه - عنده مدرس»(40).
وبعث الشَّيخ "محمَّد حمه" من يستدعي له "الشَّيخ التِّجاني نصيري" من "سوف"، كي يُدرِّس هذا الطفل. وفعلاً التحق "الشَّيخ التِّجاني نصيري" بمَهمته، وعلَّم هذا الصبي أشهراً قليلة قبل وفاة الشَّيخ "محمَّد حمه". وتعاهده فيما بعد بتلقينه العلوم، حتى أصبح قادراً على الإمامة والتَّدريس(41).
لهذا السَّبب تعرفت بلدة "الطَّيبات" على الشَّيخ "التِّجاني نصيري" بحكم هذه المهمة، فأصبح يقضي بها كل سنة ما يقارب سِّتة(6) أشهر.
في أواخر سنة 1912م توفي الشَّيخ "السَّاسي لفقيه"، فقيه بلدة "تبسبست"(42) وعالمها، فأصيبت البلدة بانتكاسة لفقدها مرجعها العلمي الدِّيني، ومنبرها الإفتائي؛ وبقيت تبحث عمّن يملأ هذا الفراغ، فاقترح السَّيد "أحمد عرعار" على أهل "تبسبست" الشَّيخ "التِّجاني نصيري" لمعرفته المسبقة به، لأنَّه اشتغل برفقته بالتَّدريس وتعليم الصِّبية بمسجد "الظَّهارة" بِـ "وادي سوف".
جاء الشَّيخ "أحمد عرعار" أواخر شهر ديسمبر سنة 1913م، وعرض على الشَّيخ "التِّجاني نصيري" تعليم الصِّبية والتَّدريس للعامة، فوافق على هذا الطَّلب، وتوكّلَ على الله وسافر معه من فوره، وقال له: «هذا واجب وتكليف رباني لن نتخلى عنه»(43).
عند حضوره لبلدة "تبسبست"، نزل الشَّيخ "التِّجاني نصيري" ببيت "عبد الرَّحمن الرِّيغي"، ثمَّ بعد ذلك اقتنى له أهل البلدة منزلاً قريباً من المسجد "سيدي قاسم" وبدأ عمله مطلع عام 1914م(44).
7)- وفاته:
كان الشَّيخ "التِّجاني نصيري" يلقى على مسامع العامة درساً في التَّوحيد، بالمسجد العتيق "سيدي قاسم"، إذْ به يدخل عليهم درويش اسمه "سي عبد القادر عشبي" يشهد له أهل المنطقة بالصَّلاح، وكان الشَّيخ "التِّجاني نصيري" يقول: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم...»، فقال الدِّرويش: «لا رسول لا رسوله، فيها البركة، فيها البركة، لا تزيد ولا كلمة واحدة وُفات - بمعنى انتهى -». فقام أحد الحضور ويُدعى "الزيدي الهاني" لأجل إخراج الدِّرويش من حلقة الدَّرس والمسجد. فنهاهم الشَّيخ "التِّجاني نصير" عن ذلك قائلاً: «اُتركوه»، ثمَّ غيَّر مجرى درسه بأكمله، وقال للحضور: «إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاش 53 سنة في مكة، و 10 سنوات في المدينة، وعندما انتقل للرفيق الأعلى قُبرَ بالمدينة المنورة بيت سكناه؛ فمن الأحسن إذا مات الأنسان لا يُتعب ذويه ومُحبيه ويُقبر بالمكان الذي هو قاطنٌ فيه». - وكأني به ينعي نفسه -. وكان هذا آخر كلام قاله أمام رواد المسجد.
في ليلته هذه، بات طريح الفراش، لعلة أصابته في بطنه ولمدة أربعة أيام، حتى وافته المنية يوم الثّلاثاء 27 ربيع الثَّاني 1364ه/10 أفريل 1945م، وقُبر مساءً بمقبرة "تبسبست"، وصلى على جثمانه الطَّاهر الشَّيخ "أحمد التِّجاني التَّماسيني" شيخ الطَّريقة التِّجانية وأبَّنه(45).
ثانياً: شخصية الشَّيخ التِّجاني نصيري:
1)- وصفاته الخلْقية والخُلُقية:
كان من جملة ما وُصفَ به الشَّيخ "التِّجاني نصيري"، أنَّه ذو لونٍ يميل إلى البياض المُشرب بالحمرة، رجلاً رَبْعاً، جميل الهيئة، معتدل القامة إذا قام، وكان خفيف اللحية، بهي المنظر، ترى في وجهه علامات الهيبة والوقار المشعة بالنور، الذي يرسم في ملامحه سمات الولاية والتَّقوى والصَّلاح(46).
كما عُرِف بنعومة اليدين، رطب الملمس إذا صافحك، عريض الكتفين، يُزينه كلُّ لباسٍ يضعُ فوقَه، القندورة(47) أو البرنوس(48).
أما صفاته الخُلقية، فكلها صفات جليلة قلَّما تتوفر في خواص الأئمة والمدرسين، فهو من قوامي الليل وصوامي النَّهار، كثير النَّوافل وتلاوة القرآن، وذكر الله الحق الدَّائم سبحانه وتعالى؛ كان رجلاً متصوفاً عارفاً بالله، مُؤثراً للحق على النَّفس، وملتزماً بميزان الشَّرع، وفق منهج شيخه الشَّيخ "أحمد التِّجاني"، الذي قال: «إذا سمعتم عني شيئاً فزنوه بميزان الشَّرع فإن وافق فاعملوا به، وإنْ خالف فاتركوه»(49)؛ كان ذا غيرة على حُرمة الدِّين ومقدساته، وفي ذلك كان يقول لتلاميذه ومُجالسيه:« اعلنوا بالطَّاعة لله وحده، وأولها حُسن أداء الصَّلاة حتى تصلح بعدها كلّ الأعمال وتسكنون في أعلى عليين، وأكثروا من الصَّلاة على رسول الله صلى عليه وسلم، فإنها روح العبادات»(50).
أما الشَّجاعة فهي عزمه وديدنه في الذَّود عن حياض الإسلام ، ومنها موقفه الشَّجاع في دفع ظلم المحتل الفرنسي على عامة أبناء "تبسبست"، الذين أجبرهم قرار منع تدريس اللغة العربية واعتبارها لغة أجنبية الصَّادر في 8 مارس 1938م(51) من تلقي تعليمهم على يد شيخهم ومعلمهم الشَّيخ "التِّجاني نصيري"، فسجل موقفه منه في الذِّكرى الثَّانية لمرور سنتين عن صدوره، سنة 1940م بعد اندلاع الحرب العالمية الثَّانية، ورفض توقيف حراكه التَّعليمي في المسجد، أو إنهاء حلقة الدَّرس به كما طُلب منه؛ فتمَّ توقيفه وأُخذ للتحقيق معه من قبل سلطات الاحتلال، فأصرَّ على موقفه في مواصلة التَّعليم والتَّدريس، حتى تدخل شيخ الطَّريقة التِّجانية في حينه الشَّيخ "أحمد التِّجاني التَّماسيني"، وقال في حقه لسلطات الاحتلال:« هذا شيخ ضرير بما سيضر فرنسا؟!، إنَّه لا يفعل شيئاً سوى التَّحدث والكلام، فهو لا يحمل سلاحاً ولا يدفع العامة لحمله، كما أنَّه لا يدفعهم لإثارة الهرج والقلاقل، فاتركوه يملأ فراغه، ويلبي حاجته وحاجة المستمعين إليه، وأنا أضمن أن لن يُخل بالنِّظام». فردَّ الحاكم العسكري "مارديزال –Mardizal"(52): « لا نخافه، لكن نخاف نوعية كلماته، وحركيته طوال النَّهار»(53).
وبحسب شهادة تلميذه "محمَّد السَّعيد عرعار": «أنَّ نوعية الكلام الذي كانت تخشاه فرنسا هو الحديث عن الجهاد، والشَّيخ "التِّجاني" لا يتحدث عن الجهاد إلاَّ من خلال السِّيرة النَّبوية، والغزوات التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو عندما يتحدث عن جهاد النَّفس، الجهاد الأكبر، يعرج عن الجهاد الأصغر، وهذا الأمر أقلق المحتل».
كان لموقف الشَّيخ "التِّجاني نصيري" وإصراره على المطالبة بحقه في التَّدريس، وحق أبناء "تبسبست" في التَّعلم، أثراً بالغاً في نفسية الطِّفل "فرنسيس" ابنُ "مارديزال"، الذي حضر في مكتب والده للحوار الدَّائر بينهما، وبعد مغادرة الشَّيخ "التِّجاني نصيري" وإطلاق سراحه؛ قال الطِّفل الصَّغير لوالده: « شيخ مسن وضرير يستميت أمامك ولا يخشاك، من أين له هذه القوة؟!»(54).
هذا الموقف أدى بالطِّفل الصَّغير "فرنسيس" إلى البحث في قوة هذا الشَّيخ "التِّجاني"، فوجدها في الإسلام والتَّمسك بالحق، فبحث في تاريخ الإسلام وسير رجاله، واعتنق الإسلام، وذهب باتجاه الأزهر الشَّريف ودرس العلوم الشَّرعية هناك، وعاد إلى مدينة "تقرت" بهيئة إسلامية.
هكذا هم صلحاء الرِّجال، يؤثرون بالكلمة، ويؤثرون بالموقف(55).
لقد نال بهذا الموقف مكانة رفيعة، ومقاماً عظيماً بين خاصة النَّاس وعامتهم، وصار موضع احترام وتقدير لدى علماء تقرت، من أمثال: الشَّيخ "الطَّاهر العبيدي"، والشَّيخ "محمَّد بن جديدي"، وغيرهم.
أما أهل بلدته "تبسبست"، فكانت نظرتهم إليه مفعمة بالإكبار والإجلال، فكان إذا مرَّ بطريق قام كباره وصغاره يُحيونه ويُقبلون كتفه ورأسه، حتى المزارعين ينزلون من دوابهم، وإنْ كانوا يمشون يضعون الحشيش المحمول على ظهورهم ومناجلهم فوق الأرض، ويهرولون باتجاه الشَّيخ للسلام عليه وتقبيل يده. وعند خروجه من صلاة العشاء كانت دائما ترافقه جماعة كبيرة من أهل البلدة، يؤنسونه ويتجاذبون معه أطراف الحديث، حتى يدخل منزله(56).
أما إذا كان راحلاً باتجاه "سوف" أو بلدة "الطَّيبات" شيَّعهُ(57) النَّاس حتى آخر مدينة "تقرت".
كان الشَّيخ "التِّجاني نصيري"، ظريفاً، كريماً، متواضعــاً، ورعاً، زاهداً، محققاً، مُشتملاً على أكرم الشِّيم، وأشرف الأخلاق وأحسن الصِّفات؛ فكان من دلائل خُلقه الرَّفيع، حسن الظَّن بالعلماء والأولياء، وكان ينظر باعتدال واحترام لرجال الطُّرق الصُّوفية الأخرى، وحسبنا في ذلك علاقته معهم وتشاورهم الدَّائم معه، بخاصة الشَّيخ "الطَّاهر العبيدي"(58). وكان يؤيد الاتجاه الصُّوفي عامة بمختلف طُرقه لما فيه من فوائد، في التَّزكية النَّفسية والتَّربية الرُّوحية، لأنَّه علم وعمل وموهبة(59).
2)- كرامـــــــــــاته:
ذكر مُحدثنا وتلميذ الشَّيخ "التِّجاني نصيري"، السَّيد "محمَّد السَّعيد عرعار" المدعو "حمودي"؛ أنَّ رجلاً من أهل "تبسبست" كان يُدعى "دندوقة" واسمه الحقيقي "محمَّد"، وكان عاصياً يتعاطى الخمر، وكانت والدته على قيد الحياة، ودائماً تتردد على الشَّيخ "التِّجاني نصيري" وتشكو له حال ابنها، وتطلب منه أنْ يتذكره في صلواته وخلواته بالدُّعاء.
في أحد الأيام مرَّ المدعو "دندوقة" من أمام الشَّيخ "التَّجاني نصيري" وهو جالس أمام بيته، وبين يديهخبز (رقاق)(60) وشاي، على عادته كلَّ صباحٍ ومساء؛ وكان "دندوقة" هذا يُحاول المرور دون إحداث صوت في مشيته، كي لا يحس الشَّيخ "التَّجاني نصيري" به، فبمجرد أنْ مرَّ أمامه ناداه الشَّيخ "التِّجاني" وسماه باسمه الحقيقي قائلاً: «يا مُحمَّد مرحباً، قرب لينا، قرب لينا»(61)، فقال "محمَّد": «لا أستطيع»، قال الشَّيخ "التِّجاني": «لماذا؟!»، فقال "محمَّد": «أحمل الخبيث يا سيدي»، قال الشَّيخ "التِّجاني": «تعال وقرب إلى هنا»، فلما دنا منه سأله الشَّيخ: «هل تعرف الاغتسال من الأكبر؟»، قال "محمَّد": «نعم سيدي».
قام الشَّيخ "التِّجاني نصيري" وأدخل "محمَّد" إلى بيته، كي يغتسل في المكان المخصص لذلك، وبقي ينتظره، وبينما هو ينتظره أمره أنْ لا يُعيد ثيابه تلك لجسده، وأمر الشَّيخ "التِّجاني" زوجَه بأنْ تسلمه أحد ثيابه بعد أنْ وصفها لها، وأتاه بها، وسلمه إياها، فلبسها وخرج، بعدها سلمه عطرهُ. وأثناء تعطر "محمَّد" بعطر الشَّيخ "التِّجاني" رُفع أذان المغرب، فقال الشَّيخ "التِّجاني" لِــ"محمَّد": «هيا بنا للجامع والصَّلاة»، وذهبا معاً(62).
شرع الشَّيخ "التِّجاني نصيري" في صلاته، فصلى الرَّكعة الأولى بعد الفاتحة بقوله تعالى:﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ...فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(63).
أما الرَّكعة الثَّانية بعد الفاتحة، فقد قرأ، قولَ الله تعالى:﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً... وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً﴾(64).
في أثناء السُّجود سأل الشَّيخ "التِّجاني نصيري" ربه بهذا الدُّعاء المتواتر عن الصَّالحين فقال: «اللهم إنِّك تعلم بتدبير خلقك ومصالح عبادك، وأنَّ هذا العبد "محمَّد" من عبيدك، قد وافق عموم المسلمين في لباسهم وتطهرهم والوقوف بين يديك والسُّجود لك، وأنا قد غيرت في ظاهره، ولا يقدر على تغيير باطنه غيرك، وقد أجلسته على مائدة كرمك، أنقذه من هاته الكبيرة يا كريم يا رحيم»(65).
فما إنْ أنهى المُصلون الصَّلاة، حتى أتى "محمَّد" ورمى بنفسه على الشَّيخ "التِّجاني" وهو يبكي ويردد: «تبتُ يا شيخي والله تبت، والله لن أعود لشرب الخمر بعد اليوم».
فتهلل جمع المسلمين فرحاً وسروراً، فمنهم من كبَّر، ومنهم من حمد الله وأثنى عليه، ومنهم من بكى فرحا واغتباطاً(66). وهذه اللحظة السَّعيدة، إنما حصلت بكرمٍ إلَهِي، وببركة الشَّيخ "التِّجاني نصيري" وصالح دعائه.
أما الكرامة الثَّانية: مكاشفته لأحد العصاة. بينما هو راجع لمنزله في يوم به ريح كثيف، رفقة دليله "محمَّد السَّعيد عرعار" بعد نهاية دوامه الصَّباحي في المسجد، إذْ به يستوقف تلميذه ويسأله، هل القادم فلان؟. قال تلميذه: نعم، فقال له: استدعه. فدعاه التِّلميذ: يا فلان "نعم سيدي"(67) يحتاج إليك. فتقدم الرَّجل وسلم على الشَّيخ "التِّجاني"، لكن الشَّيخ مسك يده وضغط عليها ضغطاً مُحكماً وقوياً حتى صاح الرَّجل وقال: «يدي ماتت عليا يا الشَّيخ "التِّجاني"». وكررها، والشَّيخ صامت؛ ثم نطق الشَّيخ "التِّجاني" وفي صوته نبرة غاضب حاد وقـــال: «عذاب الله أكبر لما تقترفه من ذنوب، لو أنك أسقطت بيتاً أو سرقت لكان ألطف لك»(68).
لهذا الشَّيخ العارف بالله العديد من الكرامات، حفظتها ذاكرة أهل "تبسبست"، منها ما كتبناه، ومنها ما تعذر علينا جمعه بسبب ضيق الوقت؛ كما أنه لا يمكن حصرها لأنها من تاريخ هذا الرَّجل، وتاريخ هذا الرَّجل لا يمكن ضبطه وحصره في ساعات بين الصفَّحات.
ثالثاً: الشَّيخ التِّجاني نصيري بين تعليم النَّشء ورعاية الفتوى:
إنَّ طبيعة المجتمع "الوادي ريغي" التَّواقة دوماً إلى تحسين المستوى التَّعليمي، جعلته يسعى جاهدا للبحث عن السُّبل الأكثر نجاعة لتطوير الأداء والتَّحصيل العلميين، لهذا نجد أنَّ الدَّور الذي لعبته الطُّرق الصُّوفية في مُختلف أرجاء الأقاليم الأخرى دوراً كبيراً وعظيماً(69)، حيث سعت جاهدة إلى توسيع رقعة التَّعليم لتشمل عدداً كبيراً من فئات المجتمع. إمَّا عن طريق مُساعداتها المادية للمجتمع من خلال إنشاء مراكز تعليمية(زوايا صغيرة) تابعة للزاوية الأم، أو تسخير رجالاتها المتعلمين وتوجيههم لتعليم أبناء الشَّعب تلميحاً أو تصريحاً، كما هو الحال مع أنموذج دراستنا الشَّيخ "التِّجاني نصيري" الذي كان متصوفاً تيجانياً، يتقد نشاطاً وعزماً وهمَّة في الدِّفاع عن حياض الإسلام واللغة العربية من خلال التَّعليم العربي القرآني، الذي حاول المحتل الفرنسي القضاء عليه باستحداثه وإدخاله التَّعليم المنظم، من خلال فتحه المتتالي للمدارس بناء على المرسوم الصَّادر بتاريخ 14 جويلية 1850م(70).
لكن الأهالي ظلوا مُتحفظين إزاءهُ، بالرَّغم من تعاطيهم معه في بعض المناطق. أما التَّعليم الذي بقي مُتجذراً في "وادي ريغ" فهو التَّعليم القرآني وتوابعه من العلوم. فكيف مارسه الشَّيخ "التِّجاني نصيري"؟ وما إمكاناته وبرنامجه؟.
1)- النِّظام التَّعليمي:
يُعد التَّعليم القرآني التَّعليم الأكثر انتشاراً في كامل القطر الجزائري(71)، بخاصة في "وادي ريغ"، حيث انتشر بفضل المؤدبين في الكتاتيب بالمساجد والزوايا(72).
لقد كان تواجد هذه المدارس والكتاتيب التَّعليمية بأعدادٍ كبيرة جداً، حيث لا يخلو حيٍّ بقرى ومدن "وادي ريغ" من مدرسة قرآنية على الأقل، وهي في طريقة تدريسها مشابهة لباقي البلدان الإسلامية الأخرى(73)، وقد تكون تابعة للمساجد أو منفصلة عنها، إمَّا بجواره أو تبعد عنه بقليل، كما أنَّ بعض العائلات شيدت مدارس قرآنية ببيوتها، حيث تقتطع قطعة أرض أو غرفة من المنزل وتسخرها للتعليم، كما فعلت عائلة الحاج "قويدر بن الحسن"(74).
أما الأدوات والإمكانات التي سخرت لهذا التَّعليم فهي بسيطة جداً لكنها تبرز صورة الفرد الجزائري المقاوم والمتحدي للصعاب حتى الظَّفر بغايته ومرامه، وهي تخريج جيل متعلم ينفع الدِّين والبلاد والعباد.
يعتبر أثاث هذه المدارس القرآنية التي كان يُزاول بها الشَّيخ "التِّجاني نصيري" نشاطه التَّعليمي بمسجد "سيدي قاسم" أثاثا بسيطا في شكله وقيمتهِ، حيث يُجلس الأطفال على حصائر أو أفرشة ـــــ محدودة الطُّول ـــــ في فصل الشتاء(75)؛ أما في فصل الصَّيف فالجلوس يكون على الرَّمل في مكانٍ بهِ ظِل، أو تحت "زريبة"(76) كي تَقيهم حر الشَّمس.
أمَّا أدوات الكتابة، فهي بسيطة ككل مناطق الوطن، إذ تُحضَّر منزلياً من الصَّمغ المحروق مع طحنه، ثم توضع كمية منه في الدَّواة مع شيء من الصُّوف والماء، فيصير مداداً للكتابة ويوضع لذلك قلم مبري من قصب الدِّيس، بالإضافة إلى الطِّين الذي يُمحى به اللوح بعد حفظ ما كُتب عليه من قرآن. هذه الأدوات البسيطة والثَّمينة في قيمتها والمساعدة على حفظ كتاب الله تحفظ كلها في مِخلاة(77).
2)- البرنامج التَّعليمي:
اعتمد الشَّيخ "التِّجاني نصيري" في برنامجه التَّعليمي على النِّظام التَّالي:
قام بتقسيم نظام التَّعليم عنده إلى طورين، أوَّل وثان، يدوم كلٌّ منهما ثلاث(3)سنوات، وتنتهي كلُّ فترة تحصيلية بامتحان تختبر فيه قدرات الطَّالب على التَّحصيل العلمي. والجدول التَّالي يوضح مضامين الطَّورين التَّعليميين(78):
الأطوار |
مدَّة الدِّراسة |
مواد الدِّراسة |
الطور الأول |
3سنوات |
حفظ الحروف وحركاتها + حفظ القرآن الكريم (محاولة ختمه كاملاً) + دروس في النَّحو والصَّرف + البلاغة + مفاهيم بسيطة في التَّوحيد + الفقه (العبادات و المعاملات) + علم الفرائض. |
الطور الثَّاني |
3سنوات |
مواصلة حفظ القرآن الكريم لمن لم يحفظه كاملاً + التعمق في كلِّ ما أُخذ في الطَّور الأوَّل + تفسير القرآن الكريم + الحديث النَّبوي (حفظ وشرح) + علم المواريث |
أما توزيع المواد التَّعليمية عند الشَّيخ "التَّجاني نصير" فيمر وِفْقَ الرزنامة الأسبوعية التَّالية:
الأيام |
السبت |
الأحد |
الاثنين |
الثُّلاثاء |
الأربعاء |
الخميس |
المواد |
نحو + صرف |
التَّوحيد |
تفسير+ فقه |
الحديث + مواريث |
علم الفرائض + مواريث |
يذهب للزَّاوية العابدية |
لقد اجتهد الشَّيخ "التِّجاني نصيري" في وضع هذا البرنامج كخلاصة لتجربته التَّعليمية، بين أحضان شيخه "عبد الرَّحمن العمودي"، وشيوخ جامعتي الزَّيتونة والقرويين، واختار لتنفيذه حجماً ساعياً - يشبه ما عليه التَّعليم اليوم -، وتوزيعاً تَدَرُّجياً في المفاهيم وبناء التَّعلُّمات يمكن من خلاله إفادة تلاميذه وتقوية معارفهم. والبرنامج اليومي كالتالي:
من بعد صلاة الصَّبح حتى السَّاعة8 |
من السَّاعة 8 حتى السَّاعة 10 |
من السَّاعة 10 حتى السَّاعة 11 |
حفظ وعرض لسور القرآن الكريم المحفوظة في ذلك اليوم |
درس في المادة المثبتة في الجدول أعلاه بحسب اليوم |
درس للطلبة الجدد أو المسبوقين بسبب الغياب |
يُنهي الشَّيخ "التِّجاني نصيري" كما أسلفنا الذِّكر كلّ طورٍ بإجراء امتحان شفاهي، يختار لهذا الامتحان لجنة يستدعيها ويُشكلها من أئمة المساجد المجاورة تحت إشرافه ورعايته.
يُجرى الامتحان في المسجد بجانب المحراب، وهي صورة تبرز قيمة المكان - المحراب - الذي يعني الصَّدارة، وداخل المسجد، تبرز القُدسية، فما سيقبل عليه التَّلاميذ مُقدس. تجلس اللجنة بجوار الشَّيخ "التِّجاني نصيري"، ويُقابلها التَّلاميذ الممتَحَنون، ثمَّ يُستدعى التَّلاميذ الواحد تلوى الآخر، فيأتي كلّ تلميذ ويمثُلُ أمام اللجنة جاثياً على ركبتيه، مطأطأً رأسه تأدباً وحياء من الشَّيوخ؛ وهذا من ثوابت التَّعليم الإسلامي، فاحترام اللجنة العلمية الممتَحِنة هو احترام لشيخك ومعلمك(79). هكذا كان جيل من سبقنا في التَّعلم.
يُسأل التِّلميذ في كلِّ فرع من فروع العلوم التي تلقاها، وتُقيِّم اللجنة فيه: قوة الحافظة، وسرعة البديهة، وسلامة اللغة، والاستدلال بالقرآن والحديث النَّبوي الشَّريف، والشِّعر العربي الفصيح(80).
إذا اجتاز التِّلميذ الامتحان بتفوق، فإنَّ اللجنة تعطي له إجازة لفظية، مفادها أنَّه أصبح تلميذا في السَّنة الموالية، وإذا كان في آخر سنة من الطَّور الثَّاني، فإنَّ اللجنة تمنحه لقب "طالب" مع شهادة موقعة من طرف اللجنة وشيخه كإجازة، تمكنه منْ إمامة النَّاس في الصَّلاة، وأن يُحفِّظ الصِّبية الصِّغار كتاب الله. أمَّا إذا رسب في اجتياز الامتحان، فتقرر اللجنة إعادته للسنة التي قبلها، ولا يمكث في نفس السَّنة، وذلك لأجل إعادة بناء التَّعلمات؛ وإذا كان هذا الممتحن تلميذا في السَّنة الأولى ولم ينجح فإنه يرسب فيها ويُعيدها.
لقد كان التَّعليم يعتمد على الطَّريقة التقليدية، وهي تلقين وحفظ المتون، أما مع شيخنا المترجَم له الشَّيخ "التِّجاني نصيري" فقد مَثَّلَ نظامين من التَّعليم في مسجده هما: التَّعليم الكُتابي(ابتدائي) الذي يُعلِّم فيه تلاميذه الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى بعض المتون، أما التَّعليم المسجدي(الإعدادي + الثَّانوي)، فقد أعطى لطلابه التَّفسير والحديث، وعلم الفرائض وعلم المواريث، والشُّروح لتلك المتون التي حفظوها عليه بالمرحلة الأوُّلى، مرحلة التَّعليم الكُتابي(81).
كان الشَّيخ "التِّجاني نصيري" صاحب نكتة مع تلاميذه، ومتلطفاً بهم عندما يُخطئون، فإذا أخطأ أحدهم في قوله، قال: المصنف فلان(رضي الله عنه وعثا به)، بدلاً من أنْ يقول: (رضي الله عنه وعنَّا به). فيضحك الشَّيخ "التِّجاني" راسما ابتسامة عريضة على وجنتيه، ويقول له: «يلي اتبخبخ وترشرش وتقول الميزاب يروي، أعد ما قلت». فيعلم التَّلميذ أنَّه أخطأ ويُعيد إجابته(82).
ومن أخلاقه وحبِّه لتلاميذه، كان إذا مرض أحدهم يأخذ هدية مما توفر لديه، ويذهب لزيارته بعد العصر.
أمَّا لعامة النَّاس، فقد كان يُدرِّس التَّوحيد، كتاب(متن العقيد السُّنوسية في التَّوحيد، المسماة أمُّ البراهين)(83)، وكتاب(جوهر التَّوحيد)(84)، كذلك الفقه(العبادات والمعاملات) من شرح مختصر سيدي خليل الذي اعتنى به الشَّيخ "عليش"(85)، وعلم الفرائض، وعلم النَّحو، وشرح لقصيدة البردة النَّبوية كاملة، والهمزية بشرح الشَّيخ "أحمد التِّجاني"(86) في الأيام الأولى من شهر ربيع الأول؛ أمَّا في السَّيرة النَّبوية ومحبَّة رسول الله صلى عليه وسلم، فلقد كان يُقدم لهم من كتاب (الشِّفاء)(87) للقاضي عياض، وشرحه (نسيم الرِّياض)(88). كما كان يُلزم تلاميذه حضور هذه الدُّروس بعد قراءة الحزب في المسجد فيما بين صلاتي المغرب والعشاء، وذلك لتعميم الفائدة وإعدادهم إلى ما هو آتٍ على مدى الأيام والسَّنوات القادمة(89).
3)- الفتوى عند الشَّيخ "التِّجاني نصيري":
كان هذا الشَّيخ من الذين عُرف عنهم التَّريث في أحكام التَّحليل والتَّحريم، ولا يُبادر للإفتاء بحلالٍ أو حرام إلاَّ إذا درس الأمر جيداً، وفي الأخير ينحو للأحوط في أحكامه.
أمَّا في المسائل المتعلقة بالميراث والعبادات والمعاملات فإنه يُبادر للإجابة عن أيِّ سؤال يطرح عليه.
كان أهل البلدة يسألونه في كلِّ أمور دينهم ويستشيرونه في أمور دنياهم، حتى النِّسوة كنَّ يسألنه في بيته عن طريق زوجِهِ أو يكلمنه من وراء حجـاب، لأنه كان لا يرضى بمقابلتهن، وهذا تطبيقا للأمر النَّبوي الوارد في باب احتجاب النِّساء من الرِّجال(90)، كيف لا وهو الأعلم والأجدر بتطبيق السُّنة النَّبوية المشرفة.
وقد طرح عليه الحاكم العسكري بتقرت "مارديزال" سؤالاً عن طريق شيخ البلدة "إبراهيم بلعيد"، مفاده: هل الله يُجازي النَّصارى على أعمالهم الخيرية بالجنة؟.
فأجابه الشَّيخ "التِّجاني" عن ذلك كتابياً، عن طريق أحد تلاميذه وهو "محمَّد السَّعيد عرعار"، بسرده لكل الآيات والأحاديث، ثمَّ أردفها بآراء العلماء المسلمين قائلاً:« أنَّ الله يجازيهم في الدُّنيا خير جزاء، بالنَّصر والتَّمكين لفاعل الخير، وهذا معروف عندنا في الإسلام. أما الجنة فشرط الدُّخول إليها لا يتأتى إلاَّ بنطق الشَّهادتين، شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله وأنَّ سيدنا محمَّدا رسول الله، ولكم معشر النَّصارى أسوة فيما قام به أبو زيد البسطامي(91) مع كباركم، وكيف نطقوا بالشهادتين لما عرفوه من حق»(92).
4)- بعض آرائه العلمية:
كان للشيخ "التِّجاني نصيري" قدرة كبيرة على التَّحقيق والتَّدقيق وتتبع الأثر العلمي واستقصائه في القرآن الكريم، ومن هذه المسائل، التي أُثِرت في أحد جلساته العلمية مع تلاميذه، مسألة علمية لغوية حول تسمية "وادي ريغ" وارتباطها بالفعل "راغ"، فبحســـب استنتاجاته أنَّ تــسمية المنطقة قد تكون مشتقة من كلمة ريغ (ج، رياغ) وهو التُّراب، وقيل التُّراب المدقق، أو من الفعل "راغ"(93) كما جاء في القرآن الكريم :﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾(94)، وفي آية أخرى يقول تبارك وتعالى:﴿فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ﴾(95). وراغ هنا تعني مال في خفية(96)، وهي نفس الصِّيغة التي تكون قد أطلقت على الوادي بعدما اختفى وحاد عن مجراه.
هذا ما أصَّل له العلامة الشَّيخ "التِّجاني نصيري" في دروسه أمام تلاميذه(97) من أنَّ كلمة وادي ريغ، تعني الوادي المدفون، ويعود سبب دفنه إلى عقاب «أرسله الله عقاباً على المنكرات والمعاصي التي كان يقترفها السَّاكنة»(98)، بحسب الرِّوايات المتواترة.
رابعاً: أثر الشَّيخ التِّجاني نصيري في وادي ريغ والطَّيبات:
لقد ترك الشَّيخ "التِّجاني نصيري" أثراً طيباً في بلدة "تبسبست" خصوصاً و"وادي ريغ" عموماً، وكذا بلدة "الطيبات"، من خلال أداءه التَّعليمي المتميز، فتخرج على يده مجموعة كبيرة من تلامذته النُّجباء الذين حملوا كتاب الله العزيز، ومشعل التَّنوير للأجيال القادمة، فبلغ عددهم 111(99) حافظاً، نخص بالذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر المجموعة الآتية أسماؤهم:
1)- ببلدة "تبسبست"(بتقرت).
الطَّالب محمَّد خرفي.
الشَّيخ إبراهيم خرفي ابنه، كان إمام بمسجد باريس(فرنسا).
الطَّالب أحمد عرعار.
الطَّالب محمَّد السَّعيد عرعار(حمودي) ابنه، كان معلم ابتدائي + إمام متطوع.
الطالب إبراهيم بن محمَّد الطَّاهر بن حمودة.
الطَّالب محمَّد الطَّاهر بن دومه.
الطَّالب منصور بن محمَّد عبد الجواد.
الطَّالب محمَّد الصَّغير مجوجة.
الطَّالب السِّبتي بن قويدر دحمون.
الطَّالب محمَّد بن مومي عرعار.
الطَّالب علي بن إبراهيم بن ليفة.
الطَّالب علي بن قويدر رحمون.
الطَّالب احميده بن محمَّد قرميط.
2)- ببلدة "الزَّاوية العابدية"(بتقرت).
الطَّالب الحاج قويدر بالحسن.
ابنه الطَّالب محمَّد الطَّاهر بالحسن.
ابنه الطَّالب بشير بالحسن.
الطَّالب بوجملين.
3)- ببلدة "الطَّيبات"
أما ببلدة "الطَّيبات" الميمونة، التي كان يمكث بها فصل الصَّيف وحوالي الشَّهرين من فصل الخريف، فلقد تخرج على يده مجموعة من الحفاظ لكتاب الله نخص منهم:
الولي الصَّالح سيدي علي بن الصديق (مقدم الطَّريقة التِّجانية).
العلامة سي محمَّد بن سليمان.
العلامة الشَّيخ محمَّد السَّايح اللقاني. أحد أعمدة الطَّبقة العلمية بالزَّيتونة.
الطَّالب محمَّد الصقيعي (شريف سائحي).
الطَّالب البشير زقوني (شريف سائحي).
الطَّالب محمَّد العيد بن خيرة (شريف سائحي)
الطَّالب سي بلقاسم بن خيرة (شريف سائحي)، سميت باسمه مقبرة الطَّيبات.
الطَّالب محمَّد الأخضر بن خيرة (شريف سائحي).
الطَّالب سيدي أحمد بن سيدي الأخضر بن الصديق (أحد خلفاء زاوية بن الصديق التِّجانية).
ابنه الطَّالب سيدي محمَّد العيد.
الطَّالب محمَّد الصَّالح موان. سميت باسمه ابتدائية بحي تكسبت "بالوادي".
بفضل هذا الجهد للشَّيخ "التَّجاني نصيري"، وهذه النَّخبة من "الطُّلبة" العلماء العاملين التي خلفها، تواصل التَّنوير وانتشر التَّعليم ببلدة "الطَّيبات" و"تبسبست" و"الزَّاوية العابدية"، وازدادت درجة الاستقامة بين النَّاس، حيث كان يُعلِّم ويُدرِّس(100).
خامساً: متفرقات من حياة الشَّيخ التِّجاني نصيري:
كانت له علاقة وطيدة بشيوخ الطَّريقة التِّجانية بتماسين وهم: الشَّيخ "محمَّد حمه"، والشَّيخ "محمَّد البشير الأول"، والشَّيخ "محمَّد العيد الثَّاني"، والشَّيخ "أحمد التِّجاني التَّماسيني". وكان يستشيرهم في كلِّ ما يتعلق بأمور حياته الخاصة. فمثلاً: أولاده لم يُسمِّ منهم أحدا قط، فالكلُّ سمّاهم شيوخُ الطَّريقة تيمنا وتبركاً(101). باستثناء ابنه "محمَّد الحافظ" الذي استشار الشَّيخ "أحمد التِّجاني التَّماسيني" في تسميته واستأذنه بأنْ يُسميه "محمَّد الحافظ"، تيمناً بالشيخ الجليل "محمَّد الحافظ التِّجاني المصري"، فوافقه على هذا الاختيار وبارك له الاسم.
كان الشَّيخ "التِّجاني نصيري" كثير الحركة وساعياً هموماً في إصلاح ذات البين، كلما سَمِع بمشكلة ما، لا يهنأ أبداً، حتى يجد لها حلاً، وكان يقول: «من نام وخبالُو(102) أمسرَّق ومنسجُو(103) قائم، وخبال المسلمين أمخلبص، الله إخلبص اخبالُو»(104).
كان كثير الفصل في قضايا البيع، والـمُزارعة، والمواريث؛ وكلما تدخل في قضية إلاَّ وكان التَّوفيق الإلهي حليفه. ومن ذلك أنه يبدأ جلسة الصُّلح دائماً بقراءة فاتحة الكتاب، والصَّلاة على النَّبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الفاتح لما أغلق، ثمَّ يتلو قول الله تعالى:﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ﴾(105). بعدها يدعو ويقول: «اللهم إنك تعلم أني أتيت مصلحاً لا أطلب سُمعةً ولا رياءً، فكن لي عوناً ونصيراً». ثمَّ ينطلق في إبرام جلسة الصُّلح. كل هذا العمل كان يقوم به على رؤوس الأشهاد وصوته يلعلع(106).
خصص الشَّيخ "التِّجاني نصيري" يوم الخميس إلى "زاوية سيدي العابد" أو ما يُسمى بالزَّاوية العابدية"، فيذهب لأهلها وينزل في بيت الحاج "قويدر بن لحسن"، قصد إلقاء الدُّروس، والإفتاء لمن يسأله، وحل المشكلات الاجتماعية(107).
من أقواله:
كان يقول لتلاميذه: «من أراد أنْ ينتشل النَّاس من الجهل، فليعلمهم ما لديه، ويجتهد في إعطائهم الصَّحيح، ويترك الباقي على الله».
كان يقول لمُريديهِ في المسجد: «من صلى على النَّبي صلى الله عليه وسلم امتلأت ذاته أنوراً، وانعكست على سلوكه، فبتلك الأنوار يهدي الله به عباده حالاً أو مقالاً؛ فنوروا ذواتكم بالصَّلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، تَهدُوا و تَهتدوا ».
كان دائما يُردد هذا البيت من الشِّعر:
ابدأ بنفسك فانهها عن غَيِّها * فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُسمع إنْ وعظت ويُقتدى * بالقول منك، ويُقبل التَّعليـــــــمُ
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيـــــمُ(108)
خاتمة
من خلال هذه التَّرجمة والدِّراسة يتبين لنا أنَّ الشَّيخ "التِّجاني نصيري" علم من أعلام "وادي ريغ" الذي لم ينل حظه من الكتابة والبحث، فالشَّيخ "التِّجاني" ضرب سهماً وافراً في تنوير الألباب والبصائر بتحفيظ وتعليم كتاب الله عز وجل وعلومه، والسَّعي في حاجة النَّاس، دون أنْ يبتغي بذلك جزاء ولا شكوراً. ويمكن حصر ما توصلت إليه حول سيرة هذه الشَّخصية الموسوعية في النِّقاط التَّالية:
تعد شخصية الشَّيخ "التِّجاني نصيري" شخصيةً متصوفة تجانية المشرب، في الحال والمآل، تمتاز بطمرها الرباني بنور البصيرة، كما تمتاز بسعة العلم. تعرَّفَ على الدُّنيا وشؤونها وزهد في قيمتها عن علم لا عن حوج، خير عبادتها ذكر الله بالحال لا اللسان؛ كانت كل حركاته وسكناته ومظهره وتصرفاته، تدلل على ربانيته، كل من رآه أحبه، واستمع إليه.
على قلة كسبه، إلاَّ أنه كان يكنزُ بعض أمواله لأجل أنْ يستغلها في فض النِّزاعات وإنهاء الخصومات بين النَّاس، ومتصدقاً بجزء منها على فقراء بلدته ومساكينها.
كان يؤمن بالتكوين الذَّاتي، وتجديد المعلومات، فتراه كلما زار عالمٌ من العلماء زاويةَ تماسين التِّجانية، زاره فيها واستزاد منه، من خلال النقاش العلمي الهادف، والمسامرات العلمية البناءة، كما كانت له صداقات علمية رباطها أخوة الإسلام مع مشايخ "وادي ريغ" و "وادي سوف" من أمثال لمقدم "سي العروسي محمَّدي" الذي يلقبه بشقيق الرُّوح.
كان الشَّيخ "التِّجاني نصيري" رجل زمانه ونقطة التقاء بين مكونات مجتمعة، فكان يجتمع لديه كل مريدي الطُّرق الصُّوفية الأخرى، كالطَّريقة الرَّحمانية، والطَّريقة القادرية، ويصلون وراءه، ويستفتونه فيجيبهم، وهذا إنْ دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على دماثة أخلاق هذا الرَّجل وقدرته على الجمع وبناء الألفة.
لقد انتهج الشَّيخ "التِّجاني نصيري" منهجاً متميزا في تحفيظه لكتاب الله العزيز، من خلال وضعه برنامجاً ثرياً وتنظيماً محكماً، التزم به وألزم به تلاميذه، فكان نتاجه مائة وأحد عشرَ 111طالباً حافظا لكتاب الله، بهم أصبحت أغلب مساجد تقرت، وبلدة الطَّيبات وما جوارها، تزخر بعلمهم وعملهم، وبلغ إشعاعُه حتى مسجد "باريس".
ومجمل القول أنَّ الشَّيخ "التِّجاني نصيري" جَسَّدَ الخلق النَّبوي حالاً ومقالاً، فهفت له قلوب أهل بلدته، فكان مسجده "سيدي قاسم" مدرسة للمتعلمين، ومحكمة للمتعاقدين، وملجأً للمتخاصمين، وقبلة للمتصالحين، ومسجداً للمستفتين، ومزاراً للمتبركين
الهوامش:
1- وادي ريغ: هو إقليم مستطيل الشَّكل طوله حوالي 160كلم، وعرضه يتراوح بين 30 و 40كلم، يبتدئ شمالاً من عين الصَّفراء قرب بلدة أم الطُّيور و ينتهي جنوباً بقرية قوق. يحد الإقليم من الشَّمال شط ملغيغ، ومن الجنوب ورقلة، ومن الشَّرق العرق الشَّرقي الكبير، ومن الغرب منحدر حصوي وهضبة وادي ميزاب انظر: قادري عبد الحميد إبراهيم: التَّعريف بوادي ريغ، (د ــ ط)،منشورات جمعية الوفاء للشَّهيد، تقرت، 1999م، ص.1. وانظر كذلك: Touati. Boozid:«Les potentialités hydrique et la Phoneniciculture dans la vallée de l'oud Righ, Bas – Sahara Algérienne», Thèse de doctorat de 3eme Cycle, de Géographie Physique, Université de Nancy, Février,1986, p.13.
2- الطَّيبات: هي إحدى بلديات ولاية ورقلة، تقع في الشَّمال الشرقي للولاية، على الطَّريق الوطني رقم 16 الرَّابط بين ولاية "وادي سوف" و ولاية "ورقلة"، وتبعد عن مدينة "تقرت" بحوالي 40 كم، يقطنها حوالي 20.000 ألف نسمة ينتمون إلى عدَّة عروش أهمها: أولاد السَّايح، أولاد جامع، أولاد أمبارك، و أولاد عبد القادر. انظر: عبد القادر موهوبي: ومضات تاريخية واجتماعية لمدن وادي ريغ وميزاب وورقلة والطَّيبات والعلية والحجيرة، ط.1، دار البصائر، الجزائر، 2011م، ص.95.
3- وادي سوف: هو إقليم يقع جنوب شرق الجزائر، وهو جزء من العرق الشَّرقي الكبير، يحده من الشَّرق نفطة و نفزاوة، وهي حدود تونسية، ثم بئر رومان و"غدامس"، ومن الجنوب واحات "غدامس" على الحدود الليبية، ومن الغرب وادي ريغ (تقرت – وتماسين) و ورقلة، ومن الشَّمال بلاد الزَّاب بسكرة، ليمتد إلى جبال الأوراس والنمامشة وإلى منطقة نقرين. انظر: إبراهيم العوامر: الصُّروف في تاريخ الصَّحراء وسوف، ط.1، منشورات تالة، الجزائر، 2007م، ص.41. وانظر:Marc Robert Thomas:«Sahara et Communauté», presses universitaire de France, Paris, p.37.وانظر كذلك: Ahmed Nadjah :«Le Souf des Oasis», édition de la maison des livres, Alger, 1971, p.10.
4- العميرة: هي مجموعة عوائل تشكل بطن من بطون الفرقة التي تكون إحدى مكونات العرش. انظر: بن سالم بن الطَّيب بالهادف: سوف تاريخ وثقافة، ط.1، مطبعة الوليد، الوادي، 2007م، ص.51.
5- الشوايحة: ينسبون إلى شيحة، وهو محل بالقرب من "جبل أوراس" لنزولهم به زمناً عند دخول العرب أرض إفريقية، ثمَّ أتو إلى "وادي سوف"، واختلطوا بالشّبابطة وتصاهروا معهم. انظر: إبراهيم العوامر: المصدر السَّابق، ص.357.
6- الشّبابطة: ينسبون إلى مُصعب بن شباط، وهم من العرب الذين دخلوا "وادي سوف" عقب سيدي مسطور وأولاد أحمد، والشّبابطة ينقسمون إلى اثنتي عشرة عميرة من بينهم: عميرة الشّوايحة. انظر: إبراهيم العوامر: المصدر نفسه، ص.355.
7- المصاعبة: يُقال لهم المصابعة نسبة إلى رجل ذي أصبع زائدة، وهو ابن قيس ابن صعصعة بم طرود بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان. والمصاعبة أربع قبائل هي: الشّبابطة، القرافين، العزازلة، والشّعانبة. انظر: إبراهيم العوامر: نفسه، ص.354.
8- ساحة العرش: هي السَّاحة الموجودة جنوب مسجد "الفتح" حاليا، مسجد "الظَّهارة سابقاَ. ويقطنها كل من عائلة "الشّريفي" وعائلة المقدم سي "العيد محمدي" و عائلة "الأخوة"، وغيرهم...
9- سيدي عبد الرَّزاق: ينتمي إلى عميرة "السّواكرية" فرقة الشّبابطة عرش المصاعبة، ويتصل نسبه بالصَّحابي الجليل سيدنا "الزُّبير بن العوام" رضي الله عنه، هو الجد الأول لعائلة الرزازقة(رزاق بعرة، رزاق سالم، رزاق هبله...). كان صديقا حميما لسيدي "عبد الله بن احمد"، وبعد وفاته دُفن في قريته، وضريحه لا يزال إلى الأن في زاويته بمسجد "سيدي عبد الله". انظر: إبراهيم العوامر: نفسه، ص.361.
10- الظَّهارة: يُقصد بهم عرش المصاعبة، وهم أوَّل من خط هذا المسجد. بحسب الرِّوايات الشِّفاهية المتداولة. أما قصة بنائه، فأنها تشير إلى أنَّ الشَّريف "سيدي محمَّد بن السَّايح"، قد ارتحل إلى "سوف" واختار مكان المسجد الآن، فقام بتخطيطه، وأمر صديقه الذي كانت تربطه به علاقة صداقة ومحبة وهو سيدي عبد الرَّزاق، أنْ يُكمل بناءه فأكمله. وكان ذلك سنة 1590م، وقاموا بتجديده التَّجديد الأوَّل سنة 1750م. التَّاريخ= =الأوَّل لا أعتقد أنه صحيح لأنه مرتبط بِــ "سيدي محمَّد بن السَّايح"، فالموَّثق لدينا أنَّ سيدي محمَّد بن السَّايح ولد سنة 820ه/1417م، وتوفي سنة 900ه/1495م. فبالمقارنة البسيطة بين تاريخ وفاة سيدي محمَّد بن السَّايح وتاريخ التَّأسيس لمسجد "الظَّهارة" سنجد 95سنة، وهذا مستحيل التَّطابق، وبهذا فهذه الرِّواية غير صحيحة في بناء المسجد. الأمر الثَّاني: أنَّ الشَّيخ إبراهيم العوامر قد أورد في كتابه: الصَّروف في تاريخ الصَّحراء وسوف. أنَّ سيدي مسعود الشَّابي عند قدومه لِــ "سوف"، قد بنى مسجدين، أحدهما بالوادي، والثَّاني بقمار وذلك سنة 1597م. وهما أوَّل مسجدين بالمنطقة. و بالاستناد إلى الرِّواية الأوُّلى فإنَّ مسجد "الظَّهارة" هو أوَّل مسجد بني بِـ "سوف"، وهذا غير صحيح. فالأقرب إلى الصِّحة، أنَّ مسجد "الظَّهار" قد أُسس سنة 1163ه/1750م. انظر: مطوية مسجد الفتح "الظَّهارة"، ص.3. وانظر: إبراهيم العوامر: المصدر السَّابق، ص.242. وانظر: موهوبي عبد القادر: آل البيت في الجزائر والعالم العربي، ط.1، مطبعة بن سالم، الأغواط، الجزائر، 2009م، ص. 274.
11- تماسين مدينة تاريخية ذات تراث روحي كبير في الموروث الثَّقافي الجزائري، تبعد عن تقرت 10كلم جنوباً، وهي العاصمة الثَّانية للطريقة التِّجانية. يرجع تـأسيسها إلى حوالي سنة 159ه/782م. انظر: حناي محمد: الحياة الثَّقافية في زاوية تماسين التِّجانية(1803 – 1954م)، رسالة ماجستير(غير منشورة)، تخصص: تاريخ حديث ومعاصر، قسم العلوم الإنسانية، جامعة الوادي، 2014م، ص.01.
12- الحِمْلُ: ما حُمِلَ، والجمع أحمال، وهو ما يُحمل على الدَّابة. انظر: ابن منظور جمال الدِّين: لسان العرب، تح: عبد الله علي الكبير وآخرون، مج.2، ج.9، (د ـــ ط)، دار المعارف، القاهرة، 1979م. ص.1001.
13- هناك رواية ثانية تقول: بأنَّه فقد بصره بسبب مرضه بمرض الجدري الذي أضرى له عيناه. مقابلة مع: الحاج أحمد خراز، أجريت بمنزله بوادي سوف، بتاريخ: يوم الأحد 31 ديسمبر 2000م.
14- الشَّيخ محمَّد حمه التِّجاني: والده هو الشَّيخ محمَّد العيد الأول، وأمه السَّيدة شيخة بنت الطَّاهر بن درويش التِّجيني، ولد عام 1260ه/1844م، حفظ القرآن الكريم في صغره وزاول دراسته وتلقي العلوم الأخرى عن عمِّه سيدي محمَّد الأخضر وعن لمقدم سي لخضر بن حمَّانه القماري، أجازه الشَّيخ علِّيش مُفتي الدِّيار المصرية سنة 1282ه/1866م، أمَّا في الطَّريقة فقد أجازه والده بالإطلاق التَّام، كما أجازه فقيه الحرمين الشَّريفين أحمد بن محمَّد الحكيم السَّوسي على ما ذكر الشَّيخ محمَّد الحجوجي الفاسي. بويع بالخلافة يوم الأربعاء 06 ذو الحجة 1310ه/21 جوان 1893م. إنجازاته كثيرة منها تأسيسه إلى مجموعة من الزَّوايا منها: زاوية بسكرة، وزاد في عمران كلُّ من زاويتي تماسين وقمار. انتقل إلى الرَّفيق الأعلى يوم الاثنين 06 محرم 1331ه/16 ديسمبر 1912م وقُبِر بضريح جده. انظر: غريسي علي: أعلام وأختام، ج.1، ط.1، مطبعة SIB، كوينين، الوادي، 2013م، ص.33 ـــــ 38.
15- مقابلة مع: المقدم العيد محمُّدي، أجريت بالزَّاوية التِّجانية بالوادي، بتاريخ: يوم الأربعاء 25 جويلية 2001م.
16- مقابلة مع: أحمد عمار نصيري(نجل المترجم له)، أجريت بمنزله بتبسبست، بمدينة تقرت، بتاريخ: يوم الاثنين 17 جويلية 2000م.
17- الشَّيخ عبد الرَّحمان العمودي: وُلد بالوادي، وبحسب رواية سيدي علال بن سيدي السَّايح أنَّ سيدي حمه عروسي يفوقه بسنة واحدة؛ وبهذا يكون قد وُلد سنة 1846م. درس بجامع الزَّيتونة، وكانت تربطه علاقات جيدة مع شيوخها من أمثال: الطَّاهر بن عاشور، والشَّيخ محمَّد النَّخلي، ومحمَّد الخضر بن الحسين، تزوج مرتين الأولى: الضَّاوية بنت الحاج عبد القادر العمودي، وانجب منها: محمَّد الصَّالح، والزُّهرة؛ والثَّانية: امرأة أخرى من توزر، وانجب منها: مريم وعبد الله، كان مُقيماً بحي الأعشاش، ثم انتقل إلى حي المصاعبة. كان متصوفاً ورعاً زاهداً، كثير التِّجوال ناشراً للعلم. عمل في سلك القضاء بمحكمة كوينين، ودرس على يديه الكثير من الطَّلبة أمثال: الشَّيخ إبراهيم بن عامر، والشَّيخ الطَّاهر العبيدي، وغيرهم. ويُعد الشَّيخ عبد الرَّحمان العمودي أوَّل من أدخل علم النَّحو إلى حاضرة وادي سوف وما جاورها. توفي سنة 1327ه/ 1909م، ودفن بمقبرة الأعشاش بالوادي. انظر: مصطفى سالمي: الدُّر الـمُصفى من تقاييد الشَّيخ سالمي مصطفى، تع: علي غنابزية، ص.20.(مخطوط). وانظر: ديوان الشَّيخ العلامة إبراهيم بن عامر السُّوفي، تع: عاشوري قمعون، ط.1، مطبعة مزوار، 2013م، ص.14.
18- مقابلة مع: أحمد عمار نصيري: المصدر السَّابق.
19- سعد بن البشير العمامرة و أحمد بن الطَّاهر منصوري: أعلام من سوف في الفقه والثَّقافة والأدب، ط.1، مطبعة مزوار، الوادي، 2006م، ص.37.
20- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار (تلميذ الشَّيخ "التِّجاني" ودليله) ، أجريت أمام منزله، بتاريخ: يوم الاثنين 17 جويلية 2000م.
21- الشَّيخ محمَّد الخضر حسين: بن الحسين بن علي بن عمر، أصيل الجزائر، هاجر والده إلى مدينة نفطة التُّونسية بعد الاحتلال الفرنسي لمدينة بسكرة سنة 1844م، وولدت له زوجته هناك مولود أسماه محمَّد الأخضر في 26 رجب 1293ه/16 أوت 1876م، درس العلوم الدِّينية واللغوية على يد عدد من العلماء منهم خاله الشَّيخ محمد المكي بن عزوز الذي كان يرعاه ويهتم به، ولما بلغ الشَّيخ سن الثَّالثة عشرة انتقل إلى تونس مع أسرته ودرس في جامع الزَّيتونة على عدَّة مشايخ منهم: الشيخ سالم بوحاجب، تخرج الشيخ في الزيتونة سنة 1316ه/1898م، ولي الشَّيخ قضاء بنزرت سنة 1905م، وشارك في تأسيس الجمعية الزيتونية سنة 1906م. بعد هجرته الأولى وعودته إلى تونس وجد أنَّ الأمور قد تعقد وأصبح فيها خطرا عن حياته، فأزمع الهجرة نهائيا و اختار دمشق موطنا ثانيا له ، وخلاله رحلته مر بمصر والتقى بمشايخها الكبار. حصل على عضوية هيئة كبار العلماء سنة 1950م، ثم اختير شيخا للأزهر في 26 ذي الحجة 1371ه/ 16 سبتمبر 1952م، وبقي فيه إلى غاية 7 يناير عام 1954م، ثم استقال. من مؤلفاته: "رسائل الإصلاح"، وهي في ثلاثة أجزاء. و "الحرية في الإسلام". توفي في 13 رجب 1377ه/ 28 فيفري 1958م. انظر:الموسوعة الكاملة للإمام محمَّد الخضر حسين، تح: علي رضا الحسيني، ج.1، ط.1، دار النَّوادر، دمشق، 2010م، ص.11.
22- عاشوري قمعون: العلاقات الثَّقافية بين منطقة سوف وبلاد الجريد التُّونسية، ص.11.(محاضرة مخطوطة).(أرشيف خاص).
23- الشَّيخ محمد النَّخلي: هو محمد بن محمد بن حمودة النخلي القصراوي القيرواني، وُلد بمدينة القيروان سنة 1286ه/ 1869م، التحق بجامع الزَّيتونة سنة 1304هـ/1887م، حيث درس على الشَّيخ سالم بوحاجب و محمَّد النَّجار وغيرهم... تولى خطة التَّدريس من الطَّبقة الأولى، من بين تلامذته الشَّيخ محمَّد الطَّاهر بن عاشور. ويعتبر الشَّيخ النَّخلي من مؤسسي جمعية الجامعة الزيتونية، أما من حيث التَّأليف ، فإن الشَّيخ النَّخلي لم يترك أثرا مطبوعا سوى نشرية في اثنتي عشرة صفحة بعنوان: حياة اللغة العربية، مطبعة النّهضة ـــــــ تونس، بدون تاريخ، وقد قدّم لها ابنه السَّيد عبد المنعم النَّخلي، وله تأليف: "رسالة في المرأة المسلمـة"، قضى جلُّ عمره قراءة وإقراء. توفي بتونس في شهر رجب سنة 1342ه/ فيفري 1924م، ودفن بالجناح الأخضر بمدينة "القيروان". انظر: محمَّد بن مخلوف: شجرة النُّور الزَّكية في طبقات المالكية، تح: عبد المجيد خيالي، ج.1، ط.2، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010م، ص.605.
24- الشَّيخ محمَّد الطَّاهر بن عاشور: وُلد بتونس سنة 1296ه/ 1879م، دَرَسَ في الزَّيتونة على يد كبار علمائها من أمثال: الشيخ سالم بوحاجب، والشَّيخ محمَّد النَّخلي، عُين رئيس المفتيين المالكيين بتونس، وشيخ جامع الزَّيتونة وفروعه بتونس، عُين سنة 1932م شيخاً للإسلام، وهو من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة. له مصنفات كثيرة منها: "مقاصد الشَّريعة"، و"تفسير التَّحرير والتَّنوير". توفي بتونس سنة 1393ه/ 1973م. انظر: خير الدِّين الزَّركلي: الأعلام، ج.6، ط.5، دار العلم للملايين، بيروت، 1980م، ص.174.
25- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم(صديق الشَّيخ "التِّجاني" وأمين سره) ، أجريت بمنزله، بتاريخ: يوم الجمعة 25 جانفي 2002م.
26- بلدة النَّخلة: حاليا هي احدى بلديات ولاية الوادي، تقع في الجنوب الشَّرقي للولاية، يحدها شمالاً بلدية البياضة، وجنوباً بلدية العقلة، وشرقاً بلدية دوار الماء، وغرباً بلدية الرَّباح، صنفت كبلدية منذ سنة 1958م، وفي 01 جويلية 1963م ألحقت ببلدية الرَّباح، وبعد التَّقسيم الإداري لسنة 1984م، أُعيد تصنيفها كبلدية من جديد. تعداد سكانها يزيد عن 13000 نسمة بحسب احصائيات سنة 2008م، النَّشاط الرَّئيسي لسكانها الفلاحة وتربية المواشي. لهذه البلدة اسهامات معتبرة في الثَّورة التَّحريرية. انظر: مفكرة نهاية القرن العشرين، المطبعة العصرية، الوادي، 1999م، ص.212.
27- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
28- الشَّيخ أحمد التِّجاني: وُلد الشَّيخ عام 1150ه/1737م بقرية عين ماضي، بولاية الأغواط الجزائر. حفظ القرآن الكريم حفظاً جيداً وهو ابن سبع سنين على يد العلامة المقرئ سيدي محمَّد بن التِّجاني المضاوي، ثم قرأ مختصر خليل ومقدمة ابن رشد والرِّسالة وشتى العلوم من فقه ولغة ونحوٍ ومنطق وبيان، ثم انطلق في رحلة علمية قصد من خلالها حواضر العلم في ذلك الزَّمن وهم: تلمسان، وجامعة القرويين بفاس، حيث درس على مشايخ عدة كالشَّيخ الدَّقاق، والسِّجلماسي، والجمَّال، حتى تبحر في جميع العلوم العقلية والنَّقلية. ارتحل الشَّيخ قاصداً زيارة بيت الله الحرام وقبر نبيه عليه الصَّلاة والسَّلام عام 1186ه/1772م فالتقى بالشَّيخ عبد الصَّمد الرَّحوي وأخذ عنه علوماً وأسراراً، ثم عرَّج على مصر فالتقى مع الشَّيخ سيدي محمود الكردي، وفي مكة التقى مع أبي عبد الله الهندي، كما اتصل بالشَّيخ عبد الكريم السَّمان، وبعدها رجع إلى الجزائر. ذهب إلى توات لملاقاة الشَّيخ محمَّد بن الفضيل، وبعدها حلَّ بقصر أبي سمغون سنة 1196ه/1782م، وبه حصل له الفتح الأكبر. هابه حكام الأتراك لضياع صيته فضيَّقُوا عليه الخناق بغية تطويعه فاستعصى عليهم وأثر الرُّحول إلى مدينة فاس فكان له ما أراد سنة 1213ه/1799م. انتقل إلى الرَّفيق الأعلى في يوم الخميس 17 شوال 1230ه/21 سبتمبر 1815م مخلفاً وراءه ولدين وتأليفاً بعنوان: جواهر المعاني. قارن بين: حرازم علي بن العربي براد: جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التِّجاني، ج.1، ط.1، المكتبة العصرية، بيروت، 2004م، ص.34.وعبد الرحمان طالب: الشَّيخ سيدي أحمد التِّجاني ومنهجيته في التَّفسير، والفتوى والتربية، ط.1، مطبعة الجاحظية، الجزائر،1999م، ص.7 ــــ 9.
29- أبو شعيب بن عبد الرحمن الدُّكالي: ولد سنة 1295ه/1878م، تلقى تعليمه الأولي بمسقط رأسه، على يد شيوخ وعلماء القبيلة من أمثال العلامة ابن عزوز، انتقل إلى الرِّيف حيث زاول بها دروس الفقه والحديث والقراءات. وفي سنة 1315ه/1897م رحل إلى مصر فمكث بها مدة طويلة، وأخذ فيها العلم عن علماء الأزهر الشَّريف مثل: شيخ الإسلام سليم البشري، والعلامة الشيخ محمَّد بخيت؛ رحل إلى مكة طلبا للعلم وأُجِزَ هناك من طرف شيوخها، في سنة 1325ه/1907م عاد إلى أرض المملكة المغربية واستقر بمدينة فاس، وقربه السُّلطان عبد الحفيظ بن الحسن، وتهافت عليه علماء فاس وطلبتها وأعيانها.في سنة 1328ه/1910م أرسله المولى عبد الحفيظ إلى مكة لاقتناء أملاك تحبس على الحرمين ثم عاد إلى المغرب في السَّنة الموالية 1329 هـ/1911م. في سنة 1330ه/1912م تم تعيينه وزيرا للعدل والمعارف. وفي سنة 1342ه/1932م، قدَّم استقالته لأسباب صحية، فَمُنِحَ إذ ذاك لقب "وزير شرفي" لجهوده في خدمة بلاده. توفي يوم الجمعة ليلاً 8 جمادي الأولى 1356ه/16 جويلية 1937م. انظر: موسوعة أعلام المغرب، تح: محمَّد حجي، ج.8، ط.1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1996م، ص.3053.
30- مقابلة مع: الباحث مسعود عاد(نائب مدير الدِّراسات بثانوية عبد الرَّحمان الكواكبي)، أجريت بمنزله بتبسبست، بمدينة تقرت، بتاريخ: يوم الاثنين 17 جويلية 2000م.
31- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق. و رسالة مخطوطة، (أرشيفي الخاص). انظر: الملحق رقم.01.
32- محمَّد حناي: المرجع السَّابق، ص.113 – 115.
33- الشَّيخ محمَّد مناشو: وُلد عام 1299ه/1882م، دَرَسَ بجامع الزَّيتونة وحصل على أعلى شهاداته المعروفة آنذاك باسم (التَّطويع) سنة 1901م. اشتغل بالتَّدريس في المدارس القرآنية قبل أنْ يلتحق بالإطار التَّدريسي بجامع الزَّيتونة. كان العنصر الرَّئيسي في تأسيس وِدادية أدبية تُسمى جمعية الجامعة الزَّيتونية سنة 1919م، كما كان من مؤسسي جمعية العلماء التي ظهرت في مارس 1933م للدفاع عن المصالح الأدبية والمادية لشيوخ جامعة الزَّيتونة وقد تولى آنذاك خطة النَّائب الأول للرئيس، كتب الشَّيخ محمَّد مناشو في عددٍ من الصُّحف من أهمها: مرشد الأمة. كما أشرف عام 1921م على إصدار مجلة (البدر) التي أعلنت ميولها إلى الجامعة الإسلامية. له تأليف في التَّصوف منها: مجموع قمع التَّعصب وأهواء أعداء التِّجاني بالمشرق والمغرب. شغل منصب مدير المدرسة الأهلية التُّونسية حتى وفاته. توفي الشَّيخ مناشو سنة 1352ه/1933م.انظر: بن عاشور محمّد الفاضل: الحركة الأدبية الفكرية في تونس، ط.1، الدَّار التُّونسية للنشر، تونس، 1972م، ص.63. و الزَّيدي علي: الزَّيتونيون ودورهم في الحركة الوطنية 1904 ـــــ 1945، ط.1، مكتبة علاء الدِّين، صفاقس، تونس، 2007م، ص.40.
34- الشَّيخ محمَّد الحافظ التِّجاني المصري: ابن عبد اللطيف بن سالم الشَّريف الحسيني، يتصل نسبه بسيدنا الحسن رضي الله عنه، وُلد سنة 1315ه/1897م في بلدة كفر قورص بإقليم المنوفية بمصر، قرأ القرآن الكريم على عدَّة مشايخ منهم: الشَّيخ عبدالله حمادة والشَّيخ سليمان البنا برواية حفص، وقرأ الفقه على الشَّيخ يوسف الكومي والشَّيخ محمَّد المهدي وغيرهم، و أخذ التفسير عن الشَّيخ يوسف الدَّجوي. ولازم الشَّيخ سلامة العزامي القضاعي، صاحب كتاب (البراهين السَّاطعة في رد بعض البدع الشَّائعة). وأخذ موطأ مالك عن أمام المحدثين محدث المغرب الأقصى الرَّحالة الشَّيخ محمد عبد الحي الكتاني، وأجازه فيه وفي صحيح البخاري وفي كتب السُّنة والتفسير، وروى أيضا عن إمام دار الحديث بِــدمشق و المشرق الشَّيخ بدر الدِّين الحسيني. له عدَّة مؤلفات منها: "علماء التزَّكية هم من أعلم النَّاس بالكتاب والسُّنة"، و كتاب: "رد أكاذيب المفترين على أهل اليقين". جال الكثير من الأقطار الإسلامية: كالجزائر والمغرب وبلاد الشَّام واليمن. توفي منتصف ليلة الأثنين 29 جمادى الآخرة 1398ه/5 جوان 1978م، ودفن بزاويته بحي المغربلين بمصر. انظر: سيدي محمَّد الطَّيب السُّفياني: الإفادة الأحمدية لمريد السَّعادة الأبدية،تق: محمَّد الحافظ التِّجاني المصري، ط.2، دار التِّجاني للطباعة والنَّشر والتَّوزيع والتَّرجمة، الوادي، الجزائر، 2008م، ص.6 - 12.
35- غريسي علي: المرجع السَّابق، ص.56.
36- الشَّيخ أحمد التِّجاني التَّماسيني: ولد عام1316ه/1898م بالرُّقيبة، حفظ القرآن على يد سي أحمد بن السَّا القماري، وتعلم مبادئ اللغة والفقه والتَّصوف على علماء الزَّاوية، منهم الشَّيخ مبارك المازق والشَّيخ عبد الرَّؤوف المهري والشَّيخ اللقاني والشَّيخ محمَّد بن جديد السُّوفي، كما تعلَّم اللغة الفرنسية بإشارة من والده، على يد الأستاذ عبد القادر بن البشير بن الهادي، أما التَّربية الرُّوحية فأخذها عن والده وأخيه الشَّيخ محمَّد البشير. بويع بالخلافة يوم الثُّلاثاء 27 ربيع الثَّاني 1346ه/25 أكتوبر 1927م. له إجازات علمية في الحديث من مفتي القيروان الشَّيخ محمَّد بن العلاني، وأخرى من المحدِّث الشَّيخ عبد الحي الكتَّاني. له أعمال جليلة كثيرة نخص منها الجانب الاجتماعي، كمساهمته لجمعية العلماء في تكوين مؤسسة اقتصادية سنة 1942م. أما في الحركة الوطنية والثَّورة التَّحريرية فدوره كان عظيماً، خاصة في قضية فصل الصَّحراء. انتقل إلى الرَّفيق الأعلى يوم الثُّلاثاء 14 صفر 1398ه/24 جانفي 1978م، وقُبِر بضريح جده. انظر: غريسي علي: المرجع السَّابق، ص.55 ـــــ 74.
37- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
38- سورة الأنعام: الآية.151 إلى آخر السُّورة.
39- سورة الأعراف: الآية.74 فما فوق.
40- مقابلة مع: عثمان سعدودي(مُقدم الطَّريقة التِّجانية بتقرت) ، أجريت بمنزله، بتاريخ: يوم الأحد 16 جويلية 2000م.
41- كان الشَّيخ "التِّجاني نصيري" يحلُّ منتصف فصل الرَّبيع، وكل فصل الصَّيف بالطَّيبات. أما في أواسط فصل الخريف فإنَّه يرحل باتجاه مدينة "وادي سوف" ليقضي فصلي الخريف والشِّتاء هناك في بداية مهمته، وفيما بعد أصبحت الرِّحلة تقام بين تقرت والطَّيبات بعد زواجه الثَّاني. مقابلة مع: أحمد عمار نصيري: المصدر السَّابق.
42- تبسبست: أغلبية سكانها وفدوا من مكان يُدعى بغداد، التي تبعد عن الرَّاشدي بمسافة 5 كلم من النَّاحية الشَّمالية، فهي تابعة إلى الأقراف التَّابعة لبلدية لحجيرة ولاية ورقلة، كما قدم إليها "سيدي قاسم" من دندوقة بالمغير، ثم أولاد بن القبور وأولاد زينة، وأولاد خدومة ثم الرواشدية الذين شاركوا في بناء تبسبست الحالية. سكانها هم: أولاد مولات، النَّائلي، الحرزلي، خويلدي، بو زاهر، بن دومة، زنو من الفتايت، سعيد أولاد عمر ومن وادسي سوف وغيرهم. انظر: عبد القادر موهوبي: ومضات تاريخية واجتماعية لمدن وادي ريغ وميزاب وورقلة والطَّيبات والعلية والحجيرة، المرجع السَّابق، ص.67.
43- مقابلة مع: الباحث مسعود عاد: المرجع السَّابق.
44- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
45- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
46- نزيه حمَّاد: نظرية الولاية في الشَّريعة الإسلامية، ط.1، دار القلم، دمشق، 1994م، ص.104.
47- القندورة: جمعها قنادر، وتكون من صوف وحده أو مُعلمة بالوبر أو الحرير. انظر: العوامر: المصدر السَّابق، ص.104.
48- البرنوس: جمعها برانيس، وهو من أهم المصنوعات في الصَّحراء وسوف، ويُصنع من الصُّوف الخالص. انظر: إبراهيم العوامر: المصدر نفسه، ص.104. وانظر: صورة للشيخ "التِّجاني نصيري". الملحق رقم.02.
49- سيدي محمَّد الطَّيب السُّفياني: المصدر السَّابق، ص.45.
50- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
51- عبد الحميد بن باديس: «يالله! للإسلام والعربية في الجزائر«البصائر، ع.107، الصادر في: 8 أفريل 1938.
52- مارديزال: حاكم عسكري، حكم تقرت في الفترة ما بين 1938 – 1946م. مقابلة مع: الباحث مسعود عاد: المرجع السَّابق.
53- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
54- هذا الكلام نقله شيخ بلدة "تبسبست" إبراهيم بلعيد إلى الشَّيخ "التِّجاني نصيري". فردَّ عليه الشَّيخ "التِّجاني" وقال: «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لي: لا تخشاه فالله معك». مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
55- حناي محمَّد: «موقف السُّلطة الفرنسية من هاته النُّخبة»، أعمال الملتقى الطُّلابي الوطني الأول في التَّاريخ السِّياسي، إرهاصات الفكر التَّحرري في الجزائر قبل ظهور نجم شمال إفريقيا 1900 ــــ 1919م، المركز الجامعي بالوادي، 25 ــــ 26 أفريل 2011م، منشورات الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، 2012م، ص.79.
56- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
57- شيَّعَهُ: تعني تبعه ومشى وراءه. انظر: ابن منظور جمال الدِّين: المرجع السَّابق، مج.4، ج.27، ص.2377.
58- عبد اللطيف نصيري: أوراق حول الشَّيخ التِّجاني نصيري، ص.4.(مخطوط).
59- أحمد بن عجيبة الحسني: معراج التَّشوف إلى حقائق التَّصوف، تح: عبد المجيد خيالي، ط.1، مركز التراث الثَّقافي المغربي، الدَّار البيضاء، المملكة المغربية، (د.ت.ن)، ص.26.
60- الرُّقاق: هو عبارة على خبز يطهى فوق قرص حديدي، يوضع على شكل شرائح رقيقة فوق بعضها البعض. مقابلة مع: ينبعي نجاة: أُجريت بمنزلها بالزَّاوية التِّجانية بتماسين، بتاريخ: يوم السَّبت 15 جوان 2013م.
61- هي عبارة يستعملها كلّ أهالي "وادي ريغ" تعني تعال إلى جانبا، حللت أهلاً ونزلت سهلاً أنت ضيفنا. انظر: حناي محمد: الحياة الثَّقافية في زاوية تماسين التِّجانية، المرجع السَّابق، ص.104.
62- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق. و حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
63- سورة السَّجدة: الآيات.15 - 19 .
64- سورة الفتح: الآيات.1 – 5.
65- مقابلة مع: عثمان سعدودي: المصدر السَّابق. وهو دعاء كان يردده الولي الصالح الشَّيخ سيدي أبو مدين شعيب التِّلمساني. انظر: عبد الحميد حميدو التِّلمساني: السَّعادة الأبدية، ط.3، المطبعة الجديدة، فاس، المغرب، 1996م، ص.60 - 61.
66- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
67- نعم سيدي: أو "الطّالب" في عرف أهل "سوف" و"وادي ريغ"، هي عبارة تطلق على مؤدب الصِّبيان وتعني السَّيد المطاع. انظر: علي غنابزية: مجتمع وادي سوف من خلال الوثائق المحلية في القرن 13(ه) 19(م)، رسالة ماجستير(غير منشورة)، تخصص: تاريخ حديث ومعاصر، قسم التَّاريخ، جامعة الجزائر، 2001م، ص.150.
68- هذا الرَّجل كان يُمارس اللواط، ويُمارس عادة الاستمناء. قال هذا الكلام لمحدثنا بعد توبته. مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
69- فاني كولونا: «مُثقفون في الأطراف»، من كتاب الأنتلجانسيا في المغرب العربي، إشراف: عبد القادر جغلول، ط.1، دار الحداثة للطباعة والنَّشر والتَّوزيع، بيروت، 1984م، ص.280 – 281.
70- انظر: نص المرسوم في جريدة المبشر 15 أوت 1850م. وعن توالي فتح هذه المدارس، انظر على سبيل المثال الأعداد التَّالية من نفس الجريدة: 15نوفمبر1851م، 1جويلية1852م، 22أفريل1864م، 2فيفيري1865م. وانظر كذلك: Maurice Poulard: «L'enseignement pour les indigènes en Algérie», Alger, 1910, p.90 – 91.
71- محمَّد العربي الزُّبيري: التِّجارة الخارجية للشرق الجزائري، ط.1، الشَّركة الوطنية للنشر والتَّوزيع، الجزائر، 1979، ص.48.
72- أحمد توفيق المدني: كتاب الجزائر، طبعة خاصة، دار البصائر، الجزائر، 2009م، ص.383.
73- C. Cauvet: «Note sur le Souf et les Souafas», bulletin de la société de géographie d'Algérie, Alger, 1934, p.106.
74- عبد اللطيف نصيري: أوراق حول الشَّيخ التِّجاني نصيري، ص.4.(مخطوط).
75- بن موسى موسى: الحركة الإصلاحية بوادي سوف نشأتها وتطورها 1900 ـــــ 1939م، رسالة ماجستير(غير منشورة)، جامعة منتوري، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم التَّاريخ والآثار، تخصص: تاريخ الحركة الوطنية، قسنطينة، 2006م، ص.99.
76- الزَّريبة: عريش من الجريد يُشَبَّك في بعضه البعض بعد أنْ يُثبت في الأرض، ثُمَ يُغطى بنبات الحلفاء في سطحه وجوانبه، ويُزَخُ بالماء في الصَّيف كي يُلطِّف الجو داخل العريش بعد هبوب النَّسيم، وهو بيت يُستظل به. انظر: ابن منظور: المصدر السَّابق، مج.3، ج.21، ص.2881.
77- المخلاة: جراب يُصنع من الصُّوف أو الكتان ذو حجمٍ صغير، يُجعل له خيط طويل نسبياً كي يُحمل به على الكتف أو يوضع في الرَّقبة. انظر: موسى بن موسى: الحركة الإصلاحية، المرجع السَّابق، ص.99.
78- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق. و الباحث مسعود عاد: المرجع السَّابق.
79- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر نفسه.
80- مقابلة مع: الباحث مسعود عاد: المرجع السَّابق.
81- قادري عبد الحميد إبراهيم: المرجع السَّابق، ص.50.
82- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
83- انظر: محمَّد بن يوسف السُّنوسي الحسني التِّلمساني: متن العقيد السُّنوسية. المسماة أمُّ البراهين، تح: الإمام محمَّد الدُّسوقي، ط.1، مطبعة دار أحياء الكتب العربية، القاهرة، 1873م.(نسخة بمكتبة العلامة سيدي أحميدة ينبعي).
84- انظر: إبراهيم بن حسن اللقاني: جوهرة التوحيد، شرح: الإمام البيجوري، تح: علي جمعة، ط.1، دار السلام للطباعة، القاهرة، 2002م.
85- انظر: خليل بن اسحاق الملكي: شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل، تح: محمَّد عليش، ط.1، دار الفكر، بيروت، 1984م.
86- انظر: أبو العباس أحمد التِّجاني: الإرشادات الرَّبانية بالفتوحات الإلهية، ط.1، المكتب العصرية، بيروت، 2006م.
87- انظر: القاضي عياض: الشِّفاء بتعريف حقوق المصطفى، تح: عبد السَّلام البكاري المساري، ط.1، دار الفكر، بيروت، 2003م.
88- انظر: أحمد الخفاجي: نسيم الرٍّياض في شرح شفاء القاضي عياض، تح: عبد القادر عطا، ط.1، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001م.
89- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
90- حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ:...أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُمِرْنَا بِالحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجِبَا مِنْهُ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا= =وَلَا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ». انظر: التِّرمذي عيسى بن محمَّد: سنن التِّرمذي، كتاب الأدب، رقم الحديث:2778.
91- عبد الرَّحيم محمَّد: العارف بالله أبو يزيد البسطامي، ط.1، دار الفكر، بيروت، 1996م، ص.43.
92- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السَّابق.
93- الفيروز أبادي محمد بن يعقوب: القاموس المحيط، (د ـــ ط)، دار الفكر، بيروت، 1999م، ص.704.
94- سورة الذَّاريات: الآية 26.
95- سورة الصَّافات: الآية 91.
96- السُّيوطي جلال الدِّين و المحلي جلال الدِّين: تفسير الجلالين، ط.1، دار الفكر، بيروت، 2003م، ص.449.
97- مقابلة مع: محمد السَّعيد عرعار: المصدر السًّابق.
98- حملاوي علي: «وضعية الآثار بمنطقة وادي ريغ الجنوب الشَّرقي الجزائري»، مجلة آثار، جامعة الجزائر، ع.5، عدد خاص، 1999م، ص.109.
99- كان الشَّيخ التِّجاني يسأل الله دائما أن يترك عددا من حفظة القرآن الكريم والعلوم الشَّرعية، يساوي العدد الذي بلغه شيخه "الشَّيخ أحمد التِّجاني" 111 علماً، فاستجاب الله لدعائه وبلغ هذا العدد من الحفظة لكتاب الله. مقابلة مع: عثمان سعدودي، الرجع السَّابق.
100- قادري عبد الحميد إبراهيم: تقرت البهجة قراءة تاريخية واجتماعية، ط.1، مطبعة الإسكندر، قسنطينة، 2011م، ص.131.
101- عبد اللطيف نصيري: المرجع السَّابق، ص.5.
102- لخبال: هو مجموعة الخيوط المتداخلة التي تُشكل بناء المنسج، الذي يقوم عليه نسج أي شيء، فإذا مُزق منه خيطاً واحدا، تداخلت كل الخيوط في بعضها وفسد النَّسيج. مقابلة مع: حميد عائشة: أُجريت بمنزلها ببلدية المقرن. ولاية الوادي، بتاريخ: يوم الثلاثاء 15 أفريل 2003م.
103- المنسج: هو أداة لنسيج الزَّرابي والبرانيس والقشاشيب، ويتكون من أربع خشبات تربط ببعضها البعض في شكلٍ مستطيل، وتكون الخشبة السُّفلية مثقوبة عدَّة ثقب، والعلوية كذلك، ثمَّ يتم إعداد خيوط المنسج خارجاً بسيقتين طويلتين(عود الجريد)، وتسمى القوائم، علوية وسفلية، ويسمى هذا المنسج الممسوك بالقوائم، السَّداة، ولما يتم اكتمال إعداده، يربط عن طريق الثُّقب الموجودة في الخشبتين المشكلتين للمستطيل وهو جسم المنسج، ويصبح كاملاً بكل أجزائه فيدعى منسجاً، ثم تأتي عملية النَّسج بإدخال خيط النِّيرة.انظر: ابن منظور: المصدر السَّابق، مادة السَّداة، مج.3، ج.22، ص.1978. وانظر. مادة النَّيرة: مج.6، ج.51، ص.4592.
104- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
105- سورة النِّساء: الآية.35.
106- مقابلة مع: حمه كبير زعيِّم: المصدر السَّابق.
107- عبد اللطيف نصيري: المرجع السَّابق، ص.4.
108- هذه الأبيات من قصيدة لأبي الأسود الدُّؤلي، بعنوان: (يأيها الرَّجل المعلِّم غيره). انظر: علي بن محمَّد الماوردي: أدب الدُّنيا والدِّين، تح: مصطفى عبد القادر عطا، ط.3، مؤسسة الكتب الثَّقافية، بيروت، 2004م، ص.22.