العلامة الشيخ الطاهر بن علي بن بلقاسم العبيدي (1968/1886)
بقلم: الحفناوي بن عامر غول-
أتطفل أمام قامة من قامات العلم الشوامخ ، والترجمة له ولو بنبذة مختصرة عن حياة من نسينا بل وتناسيناه عن قصد، ولا أدري في أية خانة أصنف هذا الإجحاف والإنكار الذي لحق بنا في حق من اناروا لنا درب الطريق ورسموا لنا معالم سرنا من خلالها، حافظوا فيها على لغتنا وديننا وهويتنا . وهو الذي قضى ثلثي عمره في الترحال بين كل زاوية ومسجد ونادٍ، معلما ومربيا ومرشدا وخطيبا ومصلحا له بصمات في نشر الثقافة وعلوم القرآن واللغة العربية. رغم أن الإجحاف لم يكن في هذه السنة فقط بل بعد رحيلة لم يُحتف به، اللهم الا بعض النشاطات التي لم تفِه حقه وهو العالم العلامة والحبر الفهامة .
الشيخ الطاهر العبيدي بن علي بن بلقاسم بن عمارة بن بلقاسم بن سليمان بن عبد الملك بن الهادي بن احمد خذير بن عبد العزيز والذي ينتهي نسبه الى الحسن بن علي كرم الله وجهه، مرفوعا للنسب الشريف من ذرية المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ولد بوادي سوف سنة 1304 هـ 1886. تعلم بها وحفظ القرآن الكريم وسنه لم تتجاوز اثنتي عشرة عاما .أخذ عن الشيخين عبد الرحمن العمودي و محمد العربي ابن موسى العلوم الشرعية و اللغوية و استفاد من دروس الشيخين القاضي عمارة و الصادق بلهادي . كما تلقى الإجازة من الشيخ محمد المكيواخذ ورد الطريقة الرحمانية عن الشيخ محمد الصالح بن سيدي سالم .
هاجر الى تونس بداية افريل من عام 1904 م والتحق بجامع الزيتونة وكان من الطلاب المجتهدين وتلقى العلوم عنمشائخ الجامع وعلى رأسهم الشيخ محمد بن الطاهر بن عاشور . وكانت له لقاءات جمعته مع الطلبة الجزائريين ومنهم الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي بقي معه على اتصال واتصال ولهما مراسلات ومفاكهات ومناظرات أدبية.
وبعد ثلاث سنوات قضاها في التحصيل العلمي نال شهادة العالمية.. وعاد الى مسقط رأسه. ولم يبق بها كثيرا، ليحل بمدينة تقرت بتوجيه من معلمه الشيخ محمد العربي بن موسى فلقي الترحيب من أهلها وعلمائها وتم تعيينه في المسجد العتيق إماما وخطيبا. فأقبل عليه الطلبة من كل حدب وصوب وقد تخرج على يديه الكثير من الاعلام والمشائخ والاساتذة من امثال الشيخ عبد القادر بن ابراهيم المسعدي و الشيخ محمد الطاهر بن دومة، الشيخ مدني بن هدية والشيخ اغويني بن ناجي و الشيخ حفناوي بابا عربي والشيخ الطاهر بلحسن، الشيخ خليل القاسمي، وأخيه الشيخ أحمد العبيدي وحفيده سليماني عبد السلام . ولم يقعد العبيدي للعلم في تقرت فقط بل كان يحاضر ويخطب ويدرس في مناطق مختلفة من مدن الجنوب والغرب الجزائري وفي الزوايا خاصة زاويتي الجلالية بالجلفة وسيدي سالم بالوادي وتماسين بتقرت وقمار بالوادي والهامل التي كان كثير التردد عليها، واقامة حلقات العلم والالتقاء مع صديقه العلامة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي. كما كان كثير التردد على مسجد الجمعة بالجلفة، ويبقى هناك أشهرا متصلا بتلميذه عبد القادر المسعدي وبصديقه العلامة الشيخ عطية بن مصطفى. إلى غاية وفاته يوم 28/01/1968م ودفن بمدينة تقرت حسبما أوصى به .
ترك الشيخ العبيدي العديد من المؤلفات مخطوطة والمصنفات في شتى الفنون والعلوم اللغوية والفقهية ورسائل وقصائد في مختلف الفنون ومن بين أهم مؤلفاته:
– النصيحة العزوزية في نصرة الأولياء و الصوفية
– نظم رسالة البيان للشيخ الدردير
– نصيحة الشباب المزيحة للسحب و الضباب
– منظومة جريان المدد في الاعتصام برجال السند في 856 بيتا
– رسالة الرد على الطبيعيين
– رسالة في الجبر والاختيار
– رسالة التيمم
– نظم قطر الندى وبل الصدى
– رفع الإبهام عن مسائل الصيام
– و تفسيرللقرآن الكريم ( يوجد منه بعض النسخ بخط يده في مكتبة حفيده الشيخ المكي)
ويذكر حفيده عبد السلام سليماني : ” ..و في العاشر من محرم سنة 1353 هـ الموافق ل 17 ابريل 1934 هـ ختم العبيدي تفسيره للقرآن الكريم ..و عاشت تقرت مهرجانا عظيما لم تعرف مثله من قبل و من بعد ..”
كما أن طرفة البيان على رسالة البيان للشيخ احمد الدردير والتي نظمها شعرا قد
شرحها تلميذه عبد القادر المسعدي بإذن من شيخه الطاهر ، ويقول في ختمها :
وافى الكتاب كبدر تم كامـــــــــل *** مذ لاح في جيد الزمان العاطـــل
هذا كتاب بل كتائب مفخـــــــــــر *** فاقنص جواهر موجها بالساحـل
وقد اطلع عليها شيخه وأعجب بها وبعث له برسالة يقول فيها بأنه :” ..وردت عني طرفتكم الشهية وما أدراك ماهيه مبان نهية ومعان في الحسن البلاغي نهية وماهي بأول الآيات التي لا يكون مثلها ولا يأتي زاد آلته في بضاعتك وأمدك بالإخلاص في طاعتك..”. وقد قرضها شقيق الناظم احمد العبيدي حيث يقول :
بدت للبيان طرفة تشرح الصدرا *** وتصدع بالتحقيق ما ولجت خــــــدرا
قر عيون المنصفين لحسنـــــها *** ومنها اكتسى ذو النظم بالحلة الخضــرا
لك الله عبد القادر الشهم لاتــرى *** سوى مادح شرحا لكم قد علا قــــــدرا
رسالتك الفيحاء في القلب خيمت *** ولاشك عندي انها منة كبــــــــــــــرى
كما قرضها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الرايس المدرس بالمغير العضو في جمعية العلماء فقال:
ربيع البها قد جاء بالنور و البشرى *** وعادت به الأفراح بعد النوى دهرا
و إن شئت إيضاحا فإني هائم *** بمتن بديع نظمه يشبه الدرا
فصيح المباني ذو معان بليغة *** تفوق اذا قيلت حلاوتها الخمرا
فلما سبا عقلي بحسن بيانه *** كلفت به دون المتون التي تقرا
لقد زانه بالشرح حتى كأنه *** قلائد من در على غادة عذرا
إمام الهدى مجلي القلوب من الصدى*** رفي الثناء طود العلوم الذي أروى
هو الحبر عبد القادر السيد الذي *** غدا جمعنا من ذكره عابقا نشرا
ومن بين أشهر مؤلفات العبيدي ” رسالة الستر ” والتي قرضها الشيخ الديسي حيث يقول :
خير ما يقتني اللبيب و يدخر *** نشر علم به يباهى و يفخـــــر
حبذا نفائس فقـــــــــــه *** نظمت نظم لؤلؤ متخيـــــــــر
أبرزتها قريحة ابن عبيـــــد *** طاهر باهر الفضائل أزهــــــر
سيما نظمه رسالة ستــــــر*** في سموط كأنها عقد جوهـــــر
زانها بفضائل رائقـــــــات *** حذرت من عوائد هي منكـــــر
وقد تبادل الشيخ العبيدي الكثير من الرسائل مع أعلام عصره ،خاصة الرسائل الاخوانية والفقهية . امثال عبد الحميد بن باديس وعبد القادر بن ابراهيم المسعدي وعطية بن مصطفى مسعودي
ولا بأس ان نتطرق الى رسالة “النصيحة العزوزية في نصر ة الأولياء والصوفية”
العبيدي، ” والتي ينتصر فيه صاحبها للطرق الصوفية، ويقول فيها :
ان ترد عزة وفضل مزيـــــــــــة *** فتلق الطريقة عزوزيـــــــــــــة
وتلقن أورادها و تبــــــــــــــــرك *** بحماها ففي الرجال بقيـــــــــه
كم توالت لأهلها رحمـــــــــــــات *** فهي حقا والله رحمانيــــــــــــه
وقرضها الإمام ابن باديس حيث يقول :
” بسم الله الرحمن الرحيم .وصلى الله على سيدنا محمد و آله وصحبه وسلم وبعد
فإني بعدما سمعت هذه المنظومة من مؤلفها العالم العلامة الشيخ سيدي الطاهر العبيدي قلت هذه الأبيات ، خدمة للعلم وإشادة بفضل هذا الرجل العظيم . ومنظومته المزرية بالدر النظيم على حسب ماسمح به الخاطر الكليل القاصر :
ذي درر حسنة التنضيد *** سالمة من وصمة التعقيد
جامعة للقصد والمزيد *** تدني الجنا لكل مستفيد
من نظم زين العلماء العبيدي *** جازاه رب الناس من مفيد
بالعلم والعمل والتأييد
قال، وكاتبه عبد الحميد بن باديس عفا الله عنه من يوم الثلاثاء من 7 رجب سنة 1337 هـ ”
وعارضها الشيخ الرايس محمد بقصيدة من نفس القافية والوزن حيث كتب
ان ترد عزة و فضل مزيـــــة *** فتتبع طريق خير البريــــــــة
واعتصم بالكتاب و السنة الغر *** راء تسعد و تبلغ الامنيـــــــــة
وانبذ ماسواهما من أضاليــــل *** وسبل تشعبت للبليـــــــــــــــه
كم رأينا لأهلها من هنـــــــات *** فهي حقا والله شيطانيـــــــــــه
ومن المراسلات الغريبة ما اأتحفنا به الدكتور أبوالقاسم سعد الله في كتابه القيم (تجارب في الأدب والرحلة ) يحوي ” وثيقتين متبادلتين بين الشيخين الاولى قصيد نظمها العبيدي في ابن باديس من اثنين وعشرين بيتا ” مادحا له بالعلم والتقى ..” والثانية رسالة ابن باديس للعبيدي وهي مكتوبة بقسنطينة سنة 1337هـ 1919 م ”
ويقول العبيدي في مدح الإمام ابن باديس عند زيارته لتقرت :
بروحـي جلـيلاً حـلَّ بتقرتـنا النضْرا *** يفـوق شذا أخلاقه الـــمسكَ والعطرا
فأمّا محـيّاه الـمحـيَّا فإن مــــــــــــن *** يُشبِّهـه بـالـبـدر مـرتكبٌ أمـــــــــــرا
أفـي الـبـدر مـن أخلاقه وعـلـومه؟ *** وهل فـيـه تحـريرُ الـتقـارير والأقـرا؟
ولكـنه قـد ضمَّ مع عـلـــــــمه تقًى *** ويسلكُ فـي الـتعـليـم مـنهجَه الأحـرى
وما كان فـي الـحسبان رؤيةُ مــثلهِ *** بـوقتٍ وهَتْ فـيـه القــــــــراءةُ والقُرَّا
رأيـتُ له عـلـمـاً وعقـــــلاً مطهَّراً *** وحسنَ اعتقـادٍ للهدى يشـــرح الصدرا
وقد أرسل عبد الحميد بن باديس رسالة الى صديقه ، جاء فيها :
” الى حضرة علم العلم والفضل ومعلم الكرم، والنبل التقي الطاهر الأثواب السري البارع الآداب، مستحق الشكر منا بما له علينا من سابق الايدي . العلامة الشيخ سيدي ابي الطيب الطاهر العبيدي . أدامه الله بدرا طالعا في هالة درسه وغيثا هاميعا يحيي ربع العلم من بعد طمسه . حتى يبدل وحشه وقطره بأنسه ويجني من بساتين تلاميذه ثمرات غرسه . آمين .
وبعد سلام، كما تفتحت الازهار في نسمات الاسحار ، وتحية تحي قديم التذكار وان شطت الدار . فاني كتبته اليكم من حضرة قسنطينة يوم قدومي من رحلة كنت اعملتها لناحية الجزائر وتلمسان . لزيارة الأحياء والأموات من العلماء والصلحاء و أعيان الزمان . فتشرفت بسادات كثيرين من العلماء والصالحين . ومن أعظم الجميع قدرا وأشهرهم ذكرا سيدي أبي مدين الغوث وسيدي محمد السنوسي بتلمسان . وسيدي محمد بن عبد الرحمن وسيدي عبد الرحمن الثعالبي بالجزائر ..” والرسالة مؤرخة في جمادي الثانية من سنة 1337 . وقد اعتبر د. ابو القاسم سعد الله المراسلة غريبة، كما عنون بذلك رسالته. حيث يحدثنا ابن باديس على زيارته لمؤسس الطريقة الرحمانية بالجزائر الشيخ محمد بن عبد الرحمن الازهري ( بوقبرين ) ويقول الاستاذ سعد الله انه”.. من الشائع أن ابن باديس كان من أتباع هذه الطريقة في بداية حياته، وهي الطريقة التي كان يمثلها في قسنطينة عندئذ مصطفى باش تارزي..” مع اننا لو رجعنا قليلا الى التاريخ لوجدنا بأن الشيخ ابن باديس قد قام سنة 1341هـ/1923م بتصحيح المنظومة الرحمانية في الأسباب الشرعية المتعلقة بالطريقة الخلوتية، التي نظمها الشيخ سيدي عبد الرحمن باش تارزي الجزائري وتم طبعها في سنتها بقسنطينة .وكتب فيها تحت عنوان (خاتمة الطبع بقلم المصحح أي ابن باديس) مايلي : ” ولما اتمها قال الشيخ ابن باديس : .. فقد تمّ طبع المنظومة الرحمانية. ذات الأسرار الرّبّانية، الجامعة لأصول الطريقة الخلوتيّة، وآداب التربية الشرعية، الدّالّة على علم ناظمها وبركته بما نفع الله بها من أتباعه وتلامذته، حتى نفذت طبعتها الأولى مع شرحها فكثرت الرّغبات، وتوالت الطّلبات في إعادة طبعها،لتعميم نفعها..” مضيفا ” وقد ندبني الشيخ المذكور إلى إعانته على نشر المنظومة الرحمانيّة بالوقوف على تصحيحها. فلبّيت طلبه راجيا من وراء ذلك أن يتذكّر الإخوان ما عليهم في هذا الطريق الشرعي من الأدب العمليّ والعلميّ ويعلموا أنهم لا يكفيهم في ترقية نفوسهم مجرد الانتساب الأسمى فيدعوهم ذلك إلى العلم والتعلم اللّذين لا سعادة في الدارين بدونهما ولا تقدم، فيفقهوا حينئذٍ حقيقة الدين وينتفعوا بنصائح المرشدين ويكونوا يوم ذاك إن شاء الله تعالى من المهتدين..”
وكتب العبيدي رسالة الى تلميذه المسعدي جاء فيها :
ورد الكتاب فراق صوب صـوابه *** وخطوب أشواقي خطت بخطابــــــــه
والسعد أسفر والزمان مساعــــد *** فولجت روض الوصل من أعتابــــــه
لما فككت ختامه ألفيتــــــــــــــــه *** درا نفيسا يوم حسر قرابـــــــــــــــــه
لله درك يانبيل العـصـــــــــــر في *** رعي الذمام بصكه وكتابـــــــــــــــــه
الجهبذ المقدام القطريف الهمام بدر الأدب واللسان عضب الصيقل واللسان، ذو الفضل الباهر والفخر الباهر ولدنا الشيخ سيدي عبد القادر بن إبراهيم السلام عليكم ورحمة الله تعال، ماتهلل وجه الموصول بصلة العايد وتلالا وبعد فانه ورد كتابكم الاخير مقلدا قلايد المعاني لابسا حلل رقيق المباني فتمتعت به وشاهدت حسنه وبريقه، واقتطفت داني روضه وكرعت رحيقه وقد كانت وفـادته صحبة جواب العـلامة سيدي محمد المكـي بن عـزوز، وذلك من الموافقـات المطرية فلله دركم في الصناعتين غير انكم تعتامون من الكلام الدرر الغالية وتصطفون منه مايزدري نفحه بنفحات الغالية وقد منعتنا موانع من مكاتبتكم منها موت البنت التي كنا أخبرناكم بموتها منتصف شعبان، ثم دهمنا موت السيد الحاج البشير السنوسي وهو من رؤوس المحبة الخالصة والعبد بشر ان رأى خيرا سر به وان رأى شرا عبس واكفهر والامر كله لله ..” ورد عليه المسعدي في رسالة بقوله :
” روح التحقيق وإنسان عين التدقيق وإمام اسعد فريق، خاتمة العلماء الاعلام وسيد السادات الجهابذة الفخام، ذو الشرف الباذخ والقدر الشامخ البدر الزاهر، صاحب الفخر الباهر، والمعاني الرائقة الفائقة ومعاني الأنفة العابقة المخصوص من الله بالأيادي والأيدي مولانا العلامة شيخنا الطاهر بن العبيدي، بعد إهداء سلام ممزوج بشوق زمجر رعده على اطلال القلب وانهملت سحائبه على صفحات خدود الصب وتراكمت عليه غمائم الاشواق، فأسالت منه العزب وعلقت في وجهه الشرق والغرب اعلم سيادتكم العلية ان الوصول اليكم في هذه السنة، صار دعوة خلانية وما أدراك ماهية نزغة شيطانية تقشعر منها الجلود ويشهد ببهتانها الحجر الجلمود، مع أني والله الذي لا اله إلا هو لالتظى من الوجد وأحن اليكم واجن العرب الى ربى نجد وكيف لا وانت الروح والراح والمورد العذب، الذي يجب المفر إليه والرواح ..
لقد منعوني الروح والراح والمنـــــى *** فجد بي الوجد المجد لذيالضنـا
وقد منعوني الانس والشمس ان ارى *** بدورا تدور والبدار الى المنــــــــا
وقد منعوني الزور بالزور منهـــــــــم *** فصرت بهم حلا وقد حل بي العنا
وقد منعوني بالبعاد فابدعوا وعـــادوا *** وحادوا عن جنائي لذى الجنـــــــا
وفد منعوني عن رشادي ومرشـــــدي *** ورفدي ورصدي للمعاني وماعنا ..”
وقد اثنى العلامة الشيخ عطية اولاد نائل عن الشيخ العبيدي وبعث له رسالة من ضمنقصيدة من الدرر يقول فيها : ”
صاح بلغ ذوى المكــــارم عني *** ساكني تقرت الكرام ســـــــــلاما
وارثى الأنبياء علما وارشـــــــا *** دا فكم بينوا لنا أحكاما
من لنا بوجودهم أي فخــــــــــر *** اذ بهم شرعنا الشريف استقاما
حيى استاذهم حميد الخــــــــلال *** الطاهر القدوة” العبيدي الإماما
و لما أرسل الشيخ العبيدي إلى الشيخ عطية مؤلفا للشيخ عاشور ، قال الشيخ عطية:
أجل أيها الشيخ المصيب فراستــه *** لقد راق لي شرح وراقت دراسته
وماذاك مني يا إمام تعصــــــــــب *** لمذهب أهل السدل دامت حراسته
ولكن في رفع الخلاف سقوط مــن *** روى السدل عن حبر تجلت قداسته
وقد ترك الشيخ الطاهر العبيدي الكثير من القصائد الشعرية، لا بأس أن نذكر نماذج منها القصيدة التي بعث بها لتلميذه المسعدي :
ورد الكتاب فراق صوب صـوابه *** وخطوب أشواقي خطت بخطابــــــــه
والسعد اسفر والزمان مساعــــد *** فولجت روض الوصل من أعتابــــــه
لما فككت ختامه ألفيتــــــــــــــــه *** درا نفيسا يوم حسر قرابـــــــــــــــــه
لله درك يانبيل العـصـــــــــــر في *** رعي الذمام بصكه وكتابـــــــــــــــــه
اما اللسان فكنت قايد جنـــــــــــده *** وعريف دولته وقيل صحابــــــــــــه
ان قال هذا القطريف هل من نابـغ *** كفء يكف الخصم سيف جوابـــــــه
قلنا فعبد القادر الحبر الرضـــــــى *** جواب آكام العلا ورحابـــــــــــــــه
مازال في أهل اللسان مجــــــــــددا *** عهد البلاغة ينتمي لجنابـــــــــــــــه
كما رثى العبيدي تلميذه المسعدي بقصيدة يقول فيها :
مسعد حسرتي فقدت السعـــــــادة *** وخلعت تاج العلى والسيــــــادة
كنت بين القرى محط رحــــــــــال *** في بني نائل كقصر اشـــــــادة
كان نور العلم فيك مضيئــــــــــــا *** ان فقد العلوم فقد السعــــــــادة
كان عبد القادر نجل ابــــــــــــــرا *** هيم فيك أنواره وقـــــــــــــــادة
وهو في الذوق والفهوم وفي الآن *** شاء بحر يجري صنوف الافادة
انما هذه الحياة متاع لـــــــــــــيس *** فيها بغير علم سعـــــــــــــــــاده
ومنها قصيدته في المديح النبوي حيث يقول :
ركـنُ الضلال بنـورِ أحـمدَ زُعزعـــا *** والشـرك مـن هـذا الرسـول تـروَّعــــا
كـان الضلالُ قـد استطـالَ بطــــــوله *** وتَزَايـدت أَجنـادُه وتـرعـرعــــــــــــا
والـحقُّ يـدفع جِزْيةً فـــــــــــــــي ذلةٍ *** فـي هـوَّة الهـون استكـان مـروَّعـــــــا
فأتـاه أحـمدُ فـي جحــــــــــاجحةٍ سُرَا *** ةٍ أُسْدِ غابٍ لابسـيـن تَورُّعــــــــــــــا
ومنها قصيدة في الصحابة :
يـا خلـيلـي إن شئتَ تلقى الصحــــــــابَهْ *** وتـرى فـي الجهـاد مـنهـمْ عصـــابَهْ
وتـرى الصحـبَ كـيف كـانـوا عـلى دِيــ *** ـنٍ متـيـنٍ قـد عـالجـوا أوصـابــه
فتقـدَّمْ وزُرْ لجـبـهة تَحْريــــــــــــــــ *** ـرٍ تجـدْهـم كـمـا رجـال الإصـابــــــــه
فكأن الرسـول حـيٌّ لـديـهـــــــــــــــم *** وهْو يُلقِي نحـو الـحـمـاسِ خطـابــــــه
جـبـهةٌ أحـيـتِ الجهـادَ وقـد أُقْــــــــــ *** ــبِرَ إذْ أطفأ العـدوُّ شهـابــــــــــــــــــــه