محمد البشير الإبراهيمي ودوره الفكري والسياسي

بقلم: د. فهد امسلم زغير-

ان تاريخنا المعاصر ما يزال في أكثره أسير الكتابة غير المتخصصة، والكتابة الرسمية، اما لاندثار الوثائق، أو لعدم السماح بالإطلاع عليها، أو لتعمد الإعراض عنها، ومن أمثلة ذلك، ما يقال في الكتابات الرسمية، وبعض الكتابات غير المتخصصة، من أن جميعة العلماء المسلمين الجزائريين لم تؤيد ثورة الأول من تشرين الثاني 1954 إلا في سنة 1956، وهي أمور عارية الصحة، لأن أولى البيانات المؤيدة للثورة، هي بيانات محمد البشير الإبراهيمي رئيس الجمعية.

يعد محمد البشير الإبراهيمي في حقل الجهاد السياسي من كبار علماء الدين المجاهدين لقضية وطنه، ويتضح ذلك من خلال مواقفه الرائدة من الثورة الجزائرية، وصدق جهاده في سبيلها، وهي أصدق رد على كل من يحاول النيل من هذه الشخصية الوطنية، عندما أثيرت بعض الأقلبم المتطرفة ذات النظرة الضيقة، إلى محاولة إنكار دوره ومشاركته الفعالة في الثورة التحريرية، وقد نجح في خلق جيل من الشباب الجزائري المؤمن بعروبته، ووطنيته، ودينه، وكان ذلك الجيل هو نواة جيش التحرير الجزائري، ولولا الجيل الذي رباه محمد البشير الإبراهيمي، ومعاونوه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لما استطاع شعب الجزائر أن يقدم للثورة وقودها وتحقيق الانتصار في النهاية.

ومما تجدر الإشارة إليه أن معظم الذين تناولوا دراسة المصلحين والحركة الإصلاحية الجزائرية كانت جهود غالبيتهم منصبة على دراسة شخصية عبد الحميد بن باديس، وكانت هناك أسماء عديدة ولامعة ساهمت بدورها في إبراز أفكار المصلحين ونشاطهم، وأصبحت تلك الأفكار تدعو إلى إخراج المستعمر الفرنسي الذي استحوذ على ثروات الشعب الجزائري وخيراته، ومن هنا جاء بحثنا المعنون محمد البشير الإبراهيمي ودوره الفكري والسياسي (1889-1965 م) ليسلط الضوء على تلك الحقبة التاريخية.

اتبعت الدراسة منهج البحث التاريخي واستقراء الأحداث التاريخية ومعطياتها الفكرية والسياسية ووضعها وتحليلها، اذ اقتضت الدراسة تقسيمها إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، فقد تناول المبحث الأول أسرته وملامح تكوين شخصيته الاجتماعية ودراسته حتى عام 1920 عندما عاد إلى الجزائر، وعالج المبحث الثاني دوره في إنشاء جمعية العلماء المسلمين والعوامل الداخلية والخارجية التي ساعدت على نشوئها، ورئاسته لجمعية العلماء المسلمين الجزائرين بعد وفاة عبد الحميد بن باديس عام 1940 وموقفة الداعم للثورة الجزائرية (1954-1962).

أما المبحث الثالث فتضمن جهود محمد البشير الإبراهيمي في الحصول على دعم أقطار المشرق العربي للثورة الجزائرية، في حين تضمنت الخاتمة أهم الاستنتاجات التي توصل لها الباحث.

اعتمدت الدراسة على مصادر متنوعة حوت الكثير من المعلومات كان في مقدمتها الوثائق والمصادر التي تناولت حياة ودور محمد البشير الإبراهيمي ولاسيما كتاب أحمد طالب الإبراهيمي، آثار البشير الإبراهيمي بأجزائه الخمسة، فضلاً عن المصادر الأجنبية )الانكليزية والفرنسية) والعديد من رسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه وكانت الصحف والمجلات معيناً مهماً للبحث وذلك لما كان ينشر فيها من معلومات مهمة كان من بينها جريدة البصائر ومجلتي الثقافة والشهاب.

المبحث الأول: محمد البشير الإبراهيمي أسرته وحياته وملامح تكوين شخصيته الاجتماعية )1889-1920)

أولاً: ولادته:

ولد محمد البشير بن محمد السعدي بن عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر الإبراهيمي في 14 تموز 1889 في قرية رأس الوادي في مدينة سطيف قرب مدينة بجاية في الجزائر(1)، ويذكر الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله أنه ولد عند طموع الشمس من يوم الخميس الرابع عشر من شوال عام 1306 هـ الموافق للعام 1889 م، وقد سمع ذلك وقرأه بخط جده على ظهر كتاب من كتبه سجل فيو مواليد أفراد الأسرة ووفياتها،"وفيها مواليد إخواني وأخواتي اللاتي ولدن قبلي، ولم يعش لوالدي من الذكور غيري"(2).

وقد نشأ على ما نشأ عليه أبناء البيوتات العلمية الريفية من طرق الحياة القائمة على البساطة في المعيشة والطهارة في السلوك والمتانة في الأخلاق والاعتدال في الصحة البدنية(3) فلما بلغ التاسعة من العمر أصيبت رجله اليسرى بمرض وكان للبعد عن المركز الصحي أثر في إصابته بعاهة العرج، وكان للإصابة أثر واضح في انكبابه على قراءة الكتب وحفظها وكانت له أعظم سلوان (4).

ثانيا: أسرته:

ينسب الشيخ محمد البشير الابراهيمي إلى قبيلة ذات أفخاذ وبطون تعرف بـ)أولاد إبراهيم) وهي إحدى سبع قبائل متجاورة في سفوح الأطلس الأكبر الشمالية المتصلة بقمم جبال أوراس من الجهة الغربية في مقاطعة قسنطينة في الجزائر(5)، وتجتمع قبيلته مع القبائل السبع في جدهم يحيى بن مساهل ذي النسب الشريف ويقع في عمود نسبه مجموعة من العلماء الأجلاء، عاشوا بين المائة التاسعة والمائة الثالثة عشر للهجرة وأغلبهم كتبوا عن ذلك النسب وثبت هو بالأدلة التاريخية الممكنة، وأخرىم جده الشيخ عمر الإبراهيمي ولو فيه كتاب قرأه وهو صغير(6).

إن النسب الذي ورثة الإبراهيمي لاشك فيه أنه عربي صميم، فإن لم يكن في قريش فيه في هلال بن عامر، لأن موطنهم الحاضر من المجالات الأولى التي كان لبني هلال فيها مضرب واسع لأول هجرتهم من صعيد مصر في أواسط المائة الخامسة للهجرة (7).

ثالثا: تربيته وتعليمه:

قام على تربية محمد البشير وتعليمه شقيق والده الأصغر الشيخ محمد المكي الإبراهيمي، وكانت الأسر العلمية في هذه المنطقة أو الإقليم قائمة على تقاليد متوارثة، اذ تقوم بوظيفة المدرسة المعروفة، فيأوي إليها المنقطعون لطلب العلم عشرات ومئات (8).

لم يفارق محمد البشير الإبراهيمي في تعليمه بيت أسرته فهو مدرسته التي تعلم فيها وعلم، أخذه عمو بالتربية والتعلم بعد أن أكمل السنة الثالثة من عمره، ولازمه منذ ذلك اليوم في طعامه ونومه، فكان قلما يتركه بدون فائدة علمية، وقد وهبه الله سبحانه وتعالى ذاكرة وحافظة عرف عمه كيف يصرفهما فيه(9). حفظ القرآن حفظاً متقناً في أخر السنة الثامنة من عمره(10) فضلاً عن أنه حفظ في هذا العمر ألفية ابن مالك وتمخيص المفتاح، وقد حفظ كتب كثيرة من الأدب والمعلقات وشعر المتنبي وأبي نؤاس وغيرهم.

توفي عمه عام 1903 وله من العمر أربعة عشر عام، وكان قد منحه الإجازة العامة وطلب منه بأن يخلفه في تدريس زملائه الطلبة الذين كان حريصاً على نفعهم، فعمل على وصية عمه ووفقه الله وأصبح شيخاً في سن الصبا(11).

رحل بعدىا من الجزائر إلى الحجاز عام 1911(12) وعمره واحد وعشرون عاماً ملتحقاً بوالده الذي كان يقيم بالمدينة المنورة(13)، وفي طريقه عرج على القاهرة حيث كان المفكرون والمصلحون كالأفغاني يقيمون فيها(14)، وزار الشاعرين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، فضلاً عن جماعة من علماء الأزهر، والتقى بالشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935) ثم توجه إلى المدينة المنورة حيث يستقر والده(15). التقى هناك بابن باديس(16) عندما جاء لأداء فريضة الحج وربطت بينهم صداقة قوية، وركز في المدينة المنورة على القراءة والإقراء فكان يلقي دروساً عدة متطوعاً وتلقى دروساً في التفسير والحديث، وقد أعانته حافظته على حفظ الحديث وأسماء الرجال (17).

أسهمت تلك التطورات في فتح ذهنه للأعمال العامة فشارك برأيه في الآراء السياسية العامة للدولة العثمانية وعلاقتها بالدين والإصلاح بالحرم المدني وباشر مع ثلة من الطلبة الشبان المتنورين، وكاد أن ينجح ويوتي ثمراته لو لا إن فاجأته الحرب العالمية الأولى (1914-1918) ثم ثورة الشريف الحسين بن علي عام 1916 ضد العثمانيين اذ كان من المساندين لها بقلمه ولسانه وبدورها كانت السبب في إجلائه مع سكان المدينة إلى الشام والأناضول(18).

كان هو ووالده من المرحلين من المدينة المنورة إلى الشام أواخر عام 1917 فاستقر في دمشق في حالة يرثى لها واتصل به إثر وصوله جماعة من أهل العلم والفضل، ثم اتصل به الوالي العثماني جمال باشا، فقد ا أراد منه أن يخدم سياسته بقلمه ولسانه فتجافى عن ذلك بتحايل ولطف(19). واتصل به الكثير من أصحاب المدارس العلمية، وقبل التعليم عندهم ثم حمله جمال باشا عملى أن يكون أستاذا لتدريس العربية في المدرسة السلطانية وكانت المدرسة الثانوية الأولى بدمشق وما إن باشر عمله فيها حتى رحل جمال باشا السفاح عن دمشق بعد رحيل السلطان عبد الحميد بقليل(20)، بعد تلك التغيرات أصبح التعليم الرسمي كله عربياً فأصبح بذلك الإبراهيمي أستاذاً للآداب العربية وتاريخ اللغة وأطوارها وفلسفتها بالمدرسة السلطانية وبذلك حصل على وظيفته الطبيعية وتخرج على يده في سنة واحدة جماعة من الصفوف الأولى وامسوا في طليعة العاملين في حقل العروبة (21).

عاد محمد البشير الإبراهيمي إلى الجزائر في أوائل عام 1920، ليبدأ هو وجماعة من المتعلمين من الوطنيين الجزائريين بالعمل على حصول بلبدهم على الاستقلال(22) وخاصة أنه عاد محملاً بالأفكار الإصلاحية الدينية والاجتماعية التي كان الهدف منها النهوض بالجزائر لاسترداد سيادتها(23) وبعد وصوله إلى الجزائر حتى تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931 م يعمل في التدريس في مدينة سطيف الجزائرية(24).

المبحث الثاني: محمد البشير الإبراهيمي والبناء الفكري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين

أولاً: العوامل التي ساعدت على نشوء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

مما لا شك فيه أن ميلاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم يكن وليد الصدفة بل نتيجة لجهود طويلة من العمل الإصلاحي وتأثير عدة عوامل خارجية وداخلية(25)، فمن العوامل الخارجية تأثير الشيخ محمد عبده وفكرة الجهاد لديه وإيمانه بتأسيس الجامعة الإسلامية وما أحرزته من تأثيرات في المجال الديني(26). إذ يقول فيه محمد البشير الإبراهيمي (موضوع البحث) "وكان الأستاذ الإمام أعجوبة الأعاجيب في الألمعية، وبعد النظر، وعمق التفكير، واستنارة البصيرة وسرعة الاستنتاج واستشفاف المخبأة، حكيم بكل ما تؤديه هذه الكلمة من المعنى"(27) وازداد تأثير الشيخ محمد عبده أكثر بعد زيارته إلى الجزائر والتقائه بعلمائها، تاركاً ورائه أفكار لم تمت بوفاته بفضل تلاميذه، أمثال محمد رشيد رضا، الذي قال فيه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي "ولعمري لو أن محمد رشيد رضا قصر كما قصر غيره، ولم يجمع خلاصات ودروس الإمام، لأضاع على العالم الإسلامي كنزا علمياً لا يقوم بمال الدنيا" (28).

عكست الحرب العالمية الأولى (1914-1918) أثارا واضحة على المشرق والمغرب العربيين بصورة خاصة كما ساهمت في تبلور الحركة الإصلاحية من خلال مشاركة بعض الجزائريين في الحرب وتأثرهم بأفكار جديدة مثل الحرية والمساواة، والاستقلال(29) فضلاً عن دور الأحزاب السياسية الأوروبية وشكلها التنظيمي، والتأثير الذي أحدثته في نفوس علماء الإصلاح، كما لا يمكن اغفال الدور الذي أدته مجلة المنار في الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي والاستقلال السياسي(30).

أما العوامل الداخلية فكانت الثورة العلمية التي أحدثها ابن باديس بعد عودته من تونس والحجاز، ولا سيما دراسته في الجامع الأخضر، إذ يقول فيه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي "فما كانت تنقضي مدة، حتى كان الفوج الأول من تلاميذ بن باديس طلائع العهد الجديد الزاهر"اولا(31) وثانياً تقبل الشعب الجزائري لمحركة الإصلاحية وإن كان بطيئا، وهذه الحركة تجسدت من خلال أعلام الجزائر الذين لقوا الكثير من التعسف كالنفي والتشريد(32) وثالثا الدور الذي مارستهالصحف لتييئة الشعب الجزائري وفي تحضير الرأي العام للحركة الإصلاحية أوائل العشرينات ومن تلك الصحف الجزائر، والمنقد، والشهاب، وذو الفقار وغيرها(33). ورابعا العوامل السلبية التي ساعدت على إظهار الحركة الإصلاحية وتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وبعض الطرق الصوفية التي أبعدت مفاهيم الناس عن الدين الإسلامي وأصوله الحقيقية واستغل رجالها نفوس الفئة الجاهلة لاستخدامها في أغراضيم الخاصة والتي لم تخدم في نهاية المطاف إلا الوجود الاستعماري والدعوات الاندماجية التي ظهرت عند بعض المثقفين المتفنرسين المتغربين الذين حاولوا سلخ الشعب الجزائري عن هويته(34)، فضلاً عن الضغط الذي مارسته الحكومة الفرنسية على الدين الإسلامي، ولا سيما بعد صدور قانون الأديان في 9 كانون الأول 1905 والذي يمنحها السيطرة على الشعب الجزائري من الناحية الدينية والسياسية والثقافية (35) ويمكن القول أن تأسيس جمعية علماء الجزائر في عام 1931 قد سبقه يقظة عامة للبلاد بين عامي 1919 و1931 ضمت تلك اليقظة معظم ميادين الحياة الجزائرية، ففي ميدان الحقل الاقتصادي كانت المنافسة بين الجزائريين والفرنسيين حول الأراضي الزراعية، وفي الميدان الثقافي كانت هناك النوادي والجمعيات، وفي الميدان الديني كان إنشاء المساجد بأموال الشعب بالمدن والقرى، وفي النطاق النفسي كان هناك تفكير جاد ومباشر وثقة لدى الأهالي، فضلاً عن اعتقاد راسخ بوجود الأمة، وفي الحياة السياسية كان هاك شعور خاص نحو الإسلام واللغة العربية(36).

ثانيا: دور محمد البشير الإبراهيمي في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائر يين حتى قيام الثورة الجزائرية عام 1954

إن فكرة التمهيد لتأسيس جمعية علماء المسلمين من الموضوعات المهمة التي ظلت تشغل بال عبد الحميد بن باديس والشيخ محمد البشير الإبراهيمي معا وتملؤ وقتيهما في كل لقاء واجتماع يتم بينهما في تلك المدة(37).

وقد بدأت ثمرة العمل الإصلاحي منذ عام 1913 في المدينة المنورة، في أثناء لقاء ابن باديس مع محمد البشير الإبراهيمي، ويقول الإبراهيمي في ذلك، "إن الأسس الأولى لجمعية العلماء لم تبرز لموجود إلا في عام 1913 ، ونادى بها عبد الحميد بن باديس عام 1925 في نداء وجهه للعلماء والمصلحين، داعيا إياهم لتأسيس حزب ديني، لتنقية الدين من الشوائب والبدع، والرجوع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة"(38)، وقد أوضح محمد البشير الإبراهيمي في روايته بعد رجوعه إلى الجزائر أن الشيخ ابن باديس قد زاره في مدينة سطيف عام 1924 وأخبره بخطته في إنشاء جمعية للعلماء في مدينة قسطنطينية تحت اسم )الإخاء العلمي) وقد شجع محمد البشير الإبراهيمي هذه الفكرة، إلا أن الجمعية لم تر النور بسبب الظروف القاسية التي كانت تحيط بالعلماء والشعب الجزائري، مما دفع الشيخ محمد البشير الإبراهيمي إلى التفكير من جديد في توسيع نطاق العمل الإصلاحي(39). وفي عام 1925 أطلق عبد الحميد بن باديس نداءه إلى العلماء المصلحين، وبمجرد وصول النداء باشروا بتبنيه وشكلوا )نادي الترقي)(40) واقروا مجموعة مبادئ منها مقاومة نزعات الإدماج، وفرض الجنسية الفرنسية، والدعوة إلى الإصلاح والعروبة وضرورة إنشاء جمعية تتبنى مطالب الجزائريين(41).

يرجح معظم المؤرخين أن تأسيس جمعة العلماء المسلمين الجزائريين كان رد فعل على الاحتفالات المئوية التي قامت بها السلطات الفرنسية والتي كلفت الحكومة الفرنسية حوالي 130 مليون فرنك(42)، ولا سيما بعد مقولة بعض الفرنسيين "أن هذا الاحتفال أقيم لنصلي صلاة الجنازة على الإسلام والعروبة في الجزائر"(43). ومهما تكن المبالغة في هذا الرأي فإن الاحتفالات المئوية ساهمت في الإسراع بإنشاء جمعية العلماء، نظرًا لما أحدثته في البلاد من تحد للمشاعر الدينية والوطنية، وإن كان بعضهم يرى أن الطعن بالإسلام والمسلمين في الجزائر كان قبل ذلك بمئة عام، ولكن أصحاب ذلك الرأي، فاتهم أن يدركوا حقيقة أن الجزائريين بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) بلغوا من الوعي ما جعلهم يبادرون إلى الإتحاد والعمل، فضلاً عن توافر عوامل سياسية أخرى، الأمر الذي لم يتح لأسلافيم قبل الحرب العالمية الأولى(44)، يؤكد الشيخ محمد البشير الإبراهيمي ذلك بقولو "تكونت في شكلها القانوني أواسط عام 1931 ، جعميا الله تنغيصاً للاستعمار، فقد كان نشواناً بغمرة الفرح لمرور مائة سنة على استقراره في الجزائر، وقد قضى السنة التي قبلها في مهرجانات صاخبة دعا إليها العالم كله، فما دخلت السنة الثانية حتى فوجئ بتكوين جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في غمرة من ابتهاج الأمة بهذا المولد الجديد"(45).

وقد اجتمع العلمماء في صباح الخامس من آيار 1931(46) في نادي الترقي في الجزائر العاصمة اذ تمت المصادقة على القانون الأساسي للجمعية الذي ضم خمسة أقسام وثلاثة وعشرين فصلاً(47)، ومن ثم تم انتخاب اليهئة الإدارية المكونة من ثلاثة عشر عضواً، فكانت النتيجة الموافقة بالاجماع عملها(48)، وانتخب عبد الحميد بن باديس رئيسا للجمعية، ومحمد البشير الإبراهيمي نائباً له وهكذا برزت جمعية علماء المسلمين الجزائريين إلى الوجود كحركة سياسية إسلامية ذات جذور اجتماعية قوية، وذلك في اطر الصحوة الإسلامية وحركات التحرر العربية التي عمت العالم العربي والإسلامي في بداية القرن العشرين، وأنها ظهرت إلى الوجود في وقت تكاثر فيه الحديث عن اندماج الجزائر مع فرنسا، والدعوة للتخلي عن الهوية الإسلامية للحصول على الجنسية الفرنسية (49) هكذا أصبح عبد الحميد بن باديس ورفاقه وبالأخص محمد البشير الابراهيمي الركيزة الأساسية بنهضة الجزائر، والواجية الأمامية للتصدي للاحتلال الفرنسي، مما دفع السلطات الفرنسية للوقوف بوجه الجمعية وأعضائها، لايقاف نشاطها وإنهاء دورها الإسلامي، إلا أن أعضاء الجمعية استمروا في أداء رسالتهم حتى قيام الثورة الجزائرية(50)؟ وبدءاً من آيار 1932 أصبحت الجمعية كلها بيد عبد الحميد بن باديس كونه رئيسا لها، وعلى الرغم من قيادة عبد الحميد بن باديس للجمعية والذي مثل المحور الأساسي لأعمالها، إلا أن دور محمد البشير الإبراهيمي كان متميزًا خلال مدة الثلاثينيات من القرن العشرين(51).

الهدف الأساسي للجمعية هو تجديد الإسلام عن طريق العلم ومحاربة الخرافات، وكان شعارها آنذاك (الإسلام ديني والعربية لغتي والجزائر وطني) ورفضها الاندماج وكان الغرض الرئيسي من ذلك هو تطيهر البيت الجزائري من الداخل أولاً، ويعد ذلك الأساس في عملية التغيير والخلاص من الاستعمار إذ دعت جمعية العلماء المسلمين الجزائرية بطريقة غير مباشرة إلى تحرير الج زائر واستقلالها، في الوقت الذي لم تعد نفسها هيئة سياسية ولم تدرج في قانونيا الأساسي أي بند يخص السياسية بصورة صريحة إلا أنها ركزت على تثقيف الشعب وتحرير العقول من المفاهيم التي رسخها المستعمر وإحياء الأسس الإسلامية الصحيحة التي عمل الاستعمار على طمسها(52)، وفي هذا الصدد قال محمد البشير الإبراهيمي " يقول آخرون أنها تدخلت في السياسة وما ينبغي لها، لأنها لا تحسن ولا تنطق بلسانها، لسان السياسة أعجمي، ولسانها عربي مبين"(53).

لكن ما يلاحظ على تلك المواقف -وإن كانت شخصية -أنها تعبر وبصدق على ميول الجمعية للنشاط السياسي بصفة عامة، وما يبرر ذلك، تلك الحملة الصحفية التي شنتها صحف الجمعية على نطاق واسع، ومما يؤكد ذلك قول محمد البشير الإبراهيمي "اذا كان الإسلام ديناً وسياسة فجمعية العلماء دينية سياسية، قضية مقنعة لاتحتاج إلى سؤال ولا إلى جواب، وجمعية العلماء ترى أنّ العالم الديني، إذا لم يكن عالما بالسياسة، ولا عاملاً لها، فليس بعالم، وإذا تخلى العالم الديني عن السياسة فمن يصرفها ويديرها.."(54)، وعندما عقد المؤتمر الإسلامي الأول في باريس عام 1936 واجتمع هناك العلماء "محمد البشير الإبراهيمي، عبد الحميد بن باديس، والطيب العقبي"(55) وببعض رجال دولة فرنسا، وبعض مراسلي الصحف الفرنسية، وبرجال حزب نجم شمال إفريقيا، كانت تلك بدون شك فرصة للعلماء لاطلاع الساسة الفرنسيين على ما يجري في الجزائر، وعلى الرغم من المطالب المعتدلة للجمعية في ذلك المؤتمر، إلا أن الساسة الفرنسيون رفضوها، وهذا مما عزز التقارب بين الجمعية وحزب الشعب عند تأسيسه عام 1937(56)، ورغم فشل المؤتمر، إلا أن محمد البشير الإبراهيمي كان يقول" لجمعية العلماء في كل نقطة من السياسة الجزائرية رأي أصيل"(57)، وقد دافعت الجمعية عن موقفها بهذا التصريح "أن السياسة تعني الأمة كلها، وأن الجمعية جزء من الأمة"(58)، وفي عام 1937 أقامت جمعية علماء المسلمين الجزائريين حفلا في تلمسان بمناسبة افتتاح مدرسة دار الحديث(59)، وانتخب محمد البشير الإبراهيمي رئيسا للمدرسة(60).

في يوم الثلاثاء 16 نيسان 1940 توفي عبد الحميد بن باديس تاركا الجمعية لرفاقه، الذين اجتمعوا بعد غياب رائدهم عبد الحميد بن باديس، واتفقوا على أن يكون نائب الرئيس محمد البشير الإبراهيمي رئيساً للجمعية، وأن يباشر عملة بمجرد إطلاق سراحه بعد أن احتجزته سلطات الاحتلال الفرنسي في بداية الحرب العالمية الثانية في مدينة تملسان ولم تمض مدة طويلة حتى تم الإفراج عنه(61)، وكان محمد البشير الإبراهيمي أثناء وفاة عبد الحميد باديس، منفيا في مدينة آفلو، ولم ترفع الإقامة الجبرية عنه إلا سنة 1943، وكان انتخابه كرئيس للجمعية غيابياً، وظل يشغل ذلك المنصب حتى إندلاع الثورة(62)، تولى محمد البشير الإبراهيمي رئاسة الجمعية، وكانت أسس الجمعية ومبادؤها مترسخة وثابتة منذ أيام عبد الحميد بن باديس، فالشيخ محمد البشير الإبراهيمي جاء ليكمل مسيرة زميله عبد الحميد بن باديس بممارسة واجباته والاضطلاع بمسؤولياته ونشاطاته، لذا ركز على الجانبين المهمين التعليمي والقضائي، حيث أسس عدد اً كبيرًا من المدارس لكلا الجنسين، كما صبّ جل اهتمامه بالمجالس القضائية الإسلامية، وسعى إلى أن يتولى ذلك القضاء إسلاميون، واستمر بسياسته ضد التجنيس والاندماج(63)، وعمل محمد البشير الابراهيمي على تنشيط اللغة العربية بوصفها اللغة الرئيسة اذ كان عالماً بمختلف فروع العلوم الإسلامية والعربية(64)، وقد زاد محمد البشير الإبراهيمي من تأسيس النوادي التهذيبية، بوصفها محطات ثقافية تقام فيها الخطابات والشعر، وكانت ملتقى الأدباء والمفكرين الذي دأبوا على ارتيادها واستمر في ترأسه لاجتماعات الجمعية (65).

زارت لجنة الإصلاحات الثانية في عام 1943 الجزائر بهدف دراسة موضوع الإصلاحات بطلب من الجنرال شارل ديغول (Charlrs Degaucle)(66)، وكان أخذ رأي محمد البشير الإبراهيمي أمرًا مهما، اذ كان جوابه عام 1944 بتقرير بينّ فيه طريقة الإصلاحات مؤكداً أن يشمل الإصلاح على وجه السرعة ما يلي:

1- القضاء الإسلامي: وذلك بضرورة إصلاحة عن طريق تكوين القضاة، وتوسيع برامج التعليم القضائي الإسلامي، كما رأى ضرورة تأسيس مجلس قضائي إسللمي أعلى، يتولى تعيين القضاة.

2- التعليم العربي الحر: طالب بضرورة فتح باب التعليم لأبناء الجزائر في المدارس العربية، مع الاكتفاء فقط بالرقابة القانونية.

-9 الجنسية: رفض التجنيس باعتباره يمثل خطوة نحو الإدماج الذي يؤدي إلى محو مقومات الشخصية الجزائرية(67)، رفضت حكومة فرنسا تلك المقترحات فزاد التقارب بين زعماء الحركة الوطنية، اذ أجرى محمد البشير الإبراهيمي مجموعة من الاتصالات مع مصالي الحاج وفرحات عباس، أسفرت عن ميلاد جبهة موحدة في 15 أيلول 1944 ، ومقاطعة الانتخابات الفرنسية برفض تسجيل أسمائهم في القوائم الانتخابية، وعدم التصويت(68).

كان لفشل لجنة الإصلاحات الثانية، ولأحداث 1945 ، التي عبر عنها محمد البشير الإبراهيمي بعبارات قاسية، حين قال " لو شيدها فرعون لتبرأ منها وافتخر لعدم ارتكابه لها"، آثار سلبية، حيث سيق هو وفرحات عباس إلى السجن، ولم يطلق سراحهما إلا بعد إصدار قانون العفو الشامل في 16 آذار 1946 ، لتتوطد العلاقات بينهما أكثر فأكثر، بعد أن غير كل منهما نظرته، فأصبح كلٌ منهما ينظر بعين الريبة لحزب الشعب، اذ حملوه مسؤولية ما حدث. لتبدأ رحلة أخرى للعمل السياسي، حين عقد اجتماعاً عاماً لجمعية العلماء في ايلول 1946، أعلن فيه مواصلة الجمعية لنشاطاتها، وأول ما قام به محمد البشير الابراهيمي هو السعي لتوحيد الأحزاب، ففي سنة 1947 توجه العربي التبسي لمقابلة مصالي الحاج وقال له " أنه يود أن تتحد برامج الأحزاب السياسية الجزائرية في الانتخابات... حتى لا تتشتت الجهود ويفوز الخصوم"، لكن الجهود لم تلق الاستجابة، بالرغم من الوعد الذي قطعة مصالي الحاج على نفسه، الأمر الذي اغضب محمد البشير الإبراهيمي وجعله ينتقد مصالي الحاج علنا(69) كما كان للجمعية رأي في دستور الجزائر 1948 ، وفي جبهة الدفاع عن الحرية وفي فشل الأحزاب في الانتخابات، وفي التمثيل البرلماني(70)، ولا بد من أن نذكر بأن موقف محمد البشير كان على الدوام مع القضية الفلسطينية، اذ حمل فرنسا مسؤولية الموافقة على قرار تقسيم فرسطين عام 1948 كأحد أعضاء هيئة الأمم المتحدة (71) والحق أنه قلما عالج قلم عربي قضية فلسطين بالصراحة والواقعية التي عالجها بها قلم محمد البشير الإبراهيمي، واعترافاً بذلك تلقى الشيخ الإبراهيمي رسالة من مفتي فلسطين محمد الأمين الحسيني عام 1948 اثنى فيها على جهود جمعية العلماء الجزائرية العربية والإسلامية (72)، وبعد قيام الثورة في مصر عام 1952 كتب محمد البشير الإبراهيمي مقالة بعنوان "محنتا مصر محنتنا" قال فيها" أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المعبرة عن إحساس الشعب الجزائري كله، تعلن تأييدها للشعب المصري، وتضامنها معه في موقفه الحاسم وأنه يعتقد أن كل مصري يخرج عن إجماع مصر، فهو مدخول العقيدة، وأن كل عربي لا يؤيد مصر فهو عاق للعروبة ناكث لعهدها"، وقد شكر رئيس الوزراء المصري جهود محمد البشير الإبراهيمي على ذلك(73).

مما سبق يتضح أن الجمعية كانت تساعد الشعب العربي في كفاحه ضد الاستعمار والصييونية على الصعيدين العربي والإسلامي، رغم ما كانت تلاقيه من اضطهاد، من جانب فرنسا وعملائها، فضلاً عن تأييدها المطلق للثورة الجزائرية عام 1954 م في ذلك يقول محمد البشير الإبراهيمي" أن الجزائر ستقوم قريباً بما يدهشكم من تضحيات وبطولات في سبيل استقلالها، وابراز شخصيتها الإسلامية، وأنذر فرنسا بأن مرحلة الكلام قد انتهت"(74).

أدت بيانات تأييد الثورة التي أصدرها محمد البشير الابراهيمي، إلى جعل أغلب قادة الدول العربية والإسلامية -الذين لم يكونوا على علم بأي من مسؤولي الثورة- إلى تقبلها وتقبل مسؤوليها، وقد زاد من ذلك التقبل، الطلب الذي تقدم به محمد البشير الابراهيمي إلى شيخ الأزهر في 12 تشرين الثاني 1954 القاضي بدعوة المسلمين إلى الجهاد ضد فرنسا، مما دفع بعض الضباط الفرنسيين المتخصصين في علم الاجتماع، أن يبادروا إلى الكتابة في جريدة العالم الفرنسية مشيرين إلى "أن جمعية العلماء هي المسؤولة عن هذه الحوادث"(75) وأكيد أن الضباط لم يقصدوا أن الجمعيةهىي التي أطلقت الرصاصة الأولى، وإنما هي التي حررت العقول على حد قول محمد البشير الإبراهيمي(76).

كان الإبراهيمي لا يفوت ذكرى للثورة، إلا وأحياىا في إطار خدمة الثورة والتعريف بها، وهذا من خلال إحيائه للذكرى الثانية لإندلاع الثورة في الأول من تشرين الثاني 1956، والرابعة 1958، وبهذه المناسبة الأخيرة ألقى كلمة ذكر فيها بالثورة وبمسيرتها وبحقوق المجاهدين الجزائريين على إخوانهم الشرقيين (77).

نظرًا للأهمية الحيوية التي يكتسبها عاملي السلاح والمال في استمرار الثورة وتقدمها فقد ركز علهيما محمد البشير الإبراهيمي بشكل خاص، إثناء اتصالاته المكثفة سواء بالقادة، أو بالشعوب العربية الإسلامية، ومن هنا بادر إلى مطالبة رؤساء، وحكومات الدول العربية بمضاعفة جهودهم في هذا المجال حسب ما جاء في قوله "وأما التسليح فهو أصعب الأشياء، لأن الجزائر محاطة بمراكش، وتونس ولا يمكن التسليح إلا منها، وفرنسا محتاطة من عشرات السنين لهذا القضية بخصوصها، وما احتلت فزان إلا لهذا، وما بادرت بمفاوضة التونسيين واسكات الفدائيين إلا لهذا"، وقد شهد له بذلك أحد المسؤولين العرب آنذاك حين قال: " كان الابراهيمي يلتقي بصاحب العرش، وولي العهد، كما كان يلتقي برئيس الوزراء، ووزير الخارجية، حاثاً إياهم على نصرة الجزائر سياسياً، وعسكرياً، ومادياً"(78)، والسؤال هنا ما هي أوجه الدعم الذي قدمته، أو وعدت بتقديمه الدول العربية والإسلامية تلبية لطلبات محمد البشير الإبراهيمي ويكمن الجواب في المبحث الأخير من هذا البحث.

المبحث الثالث: دور الإبراهيمي في حشد دعم المشرق العربي للثورة التحريرية

بعد تأييد محمد البشير الإبراهيمي للثورة التحريرية سافر إلى المشرق العربي وطاف بالعراق، والحجاز، وسوريا، والأردن، ومصر، ولبنان ليهيئ الشعب العربي وحكوماته لمساعدة الشعب الجزائري والوقوف معه في ثورته، وبالفعل فقد أحرز نجاحا في استقطاب الرأي العربي للثورة وجلب الدعم لها (79)، وفي مهمة تلك لم يكن في ذهن الإبراهيمي إلا ثلاثة أهداف:

1- بذل المساعي لدى الحكومات العربية بقبول عدد من الطلاب الجزائريين الذين تخرجوا من معاهد العلماء لمدراسة في مختلف المعاهد والكليات وخاصة العسكرية منها.

2- طلب المعونة من الحكومات العربية لجمعية العلماء حتى تنهض بعبء رسالتها التعليمية.

3- الدعاية لقضية الجزائر في المشرق العربي (80).

ويمكن توضيح دور الإبراهيمي في الحصول على دعم أقطار المشرق العربي على النحو التالي:

أولاً: مصر:

كانت مصر قبلة العرب ومعقلاً لثوار المغرب العربي، اذ فتحت ذراعيها للجزائريين وناصرت قضيتيم فاتحة المجال لاسماع صوتيا عن طريق فتح المكاتب وتأسيس المجان، ومن أهمها مكتب المغرب العربي الذي باشر نشاطه من القاهرة(81)، فضلاً عن ذلك، وضعت مصر إذاعة صوت العرب في خدمة الثوار الجزائريين من خلال إذاعة البيانات والنشرات المؤيدة للثورة الجزائرية(82)، ومن أجل توحيد جهود الجزائريين المقيمين بالقاهرة، بادر محمد البشير الإبراهيمي الى تأسيس جبهة تحرير الجزائر في 12 اذار 1955 ، وقد بارك الرئيس جمال عبد الناصر ذلك ودعم الكفاح المسلح في شمال إفريقيا(83)، وعلى إثر ذلك أرسل الفضيل الورتلاني ومحمد البشير الإبراهيمي برقية شكرا فيها الرئيس جمال عبد الناصر لاهتمامه بالقضية الجزائرية واستمرار الدعم لها، ومما جاء فيها: " إن اهتمامكم بقضايا العرب وشؤون المسلمين وسعيكم لجمع كلمتهم على الحق والخير عمل نبيل القصد وعميق الأثر يشكركم عليه جميع العرب والمسلمين ونحن أكثرهم تقديرًا لهذه الرسالة الشريفة وأعظمهم شكرًا لكم على القيام بها واحتضانها، ان عزمكم الأخير بإدراج قضية الجزائر على جدول أعمال هيئة الأمم المتحدة قد وجب علينا زيادة إكباركم وتعظيمكم... باسم أحد عشر مليون جزائري نؤكد لسيادتكم شكرنا وتقديرنا لمواقفكم الشجاعة"(84)، أما عن الدعم العسكري فقد كتبت جريدة البصائر في عددها 290 الصادر في 20 كانون الأول 1954 ، عن الاستقبال الذي حضي به محمد البشير الإبراهيمي، وأعضاء الوفد الأخرون من قبل جمال عبد الناصر الذي أكد لهم "أن مصر مستعدة لبذل كل عون تقدر عليه، وأن هذا العون قابل للنمو دائماً" (85)، وإن لم تتوفر الوثائق والشهادات الرسمية، التي تشير إلى حجم ما حصل عليه محمد البشير الإبراهيمي، من الدعم العسكري والمالي من الحكومة المصرية، فهذا لا ينفي جهوده في هذا المجال(86).

أما في الجانب الثقافي فقد أثمرت الجهود التي بذلها الإبراهيمي في إرسال البعثات العلمية التي نجح أكثر من 90 % من طلبتها في دراساتهم الثانوية والجامعية، وفي هذا الشأن ذكرت جريدة البصائر في عددها 287 بتاريخ الأول من تشرين الأول 1954 "أن مساعي وجهود الشيخين الإبراهيمي والورتلاني قد أسفرت عن قبول مختلف البلاد العربية لبعثة جديدة من أبناء الجزائر..." وبحسب تصريح جمال عبد الناصر فقد قبلت مصر حوال 100 طالب جزائري (87)، وكان محمد البشير الإبراهيمي يؤكد أن طلاب هذه البعثات سيكونون من جنود الثورة وبالفعل فقد ساهم الكثير منهم بفكرهم وثقافتهم في مختلف أجهزة الثورة (88)، وكان لا يفتأ أن يذكر الطلبة الجزائريين بحق وطنهم عليهم بقوله: "لاحق لكم في الوطن بل الحق كله للوطن عليكم"(89).

ثانياً: العراق:

لم يكن العراق بعيدا من التطورات السياسية الجارية في الجزائر، ولا سيما أنه أول دولة عربية حصلت على استقلالها عام 1932 م، فكانت الجزائر حاضرة في السياسة الخارجية العراقية إذ هبّ الشعب العراقي لمناصرة إخوانه الجزائريين عن طريق المظاهرات والتجمعات الجماهيرية المنددة بالاستعمار الفرنسي، وشكلت عدة لجان للمساندة المادية بما فيها جمع التبرعات المالية والطبية والغذائية(90).

ترجع البدايات الأولى للجهود الدبلوماسية العراقية تجاه الجزائر إلى أربعينيات القرن العشرين، من خلال علاقة الإبراهيمي بفاضل الجمالي(91) التي تعود إلى عام 1945 عندما كان الأخير عضوا في الوفد العراقي لمؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في سان فرانسيسكو عام 1945، حيث تحدث عما يجري في الجزائر من طمس للشخصية العربية الإسلامية، الأمر الذي دفع ممثل فرنسا إلى القول: ان الجزائر هي فرنسا، فرد عليه فاضل الجمالي: " كلا يا سيدي، إن الجزائر إسلامية عربية"(92)، وفي إجتماع اللجنة السداسية للجامعة العربية المنعقدة في القاهرة عام 1953، طالب العراق بالاهتمام بالقضية الجزائرية، وضرورة عرضها على الأمم المتحدة(93)، ولحشد الدعم الرسمي والشعبي العراقي للجزائر، ولشرح المآسي التي يتعرض لها الجزائريون من جراء الاحتلال الفرنسي، زار محمد البشير الإبراهيمي العراق في يوم الثلاثاء 5 كانون الثاني 1954 واستُقبل استقبالا طيباً لدى الشارع العراقي، بوصفه من الشخصيات الإسلامية المرموقة، والتقى رئيس الوزراء فاضل الجمالي واستغرق اللقاء وقتاً طويلاً تناولا خلاله دور العراق في دعم الثورة الجزائرية(94)، وتلبية لرغبة الإبراهيمي لم يستثنِ الجمالي أي إجتماع، أو أي دورة في المحافل الدولية، إلا وكانت قضية الجزائر أساس اجتماعاته، ففي مؤتمر بأندونيسيا المنعقد في آذار 1955 قال فاضل الجمالي: " إن قضايا المغرب العربي كانت هي المحرك الأول لعقد هذا المؤتمر"(95)، وانهى الجمالي حديثه بضرورة تحديد الوقت اللازم لإنهاء الاستعمار، وتنفيذ مبدأ تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة(96)، وفي إجتماع حلف بغداد في تركيا عام 1958 أثيرت قضية الجزائر فحاول سكرتير خارجية بريطانيا الدفاع عن الاستعمار الفرنسي في الجزائر، موضحاً لأعضاء الحلف " بأن الجزائر هي جزء من فرنسا"، فرد عليه فاضل الجمالي "بأن الجزائر لم تكن يوم من الأيام جزءاً من فرنسا، وأن الشعب الجزائري ليس شعباً فرنسياً، وهم لا يرغبون أن يكونوا فرنسيين"، ودعا من خلال ذلك بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى محاولة التوسط لدى فرنسا بقبول منح الاستقلال بقوله: " لقد حان الوقت لأصدقاء فرنسا بمواجهة الحقائق في الجزائر... بالاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره"(97) ومن هنا ندرك الدور الدبلوماسي الذي أداه فاضل الجمالي لخدمة قضية الجزائر، على مستوى العراق، أو على مستوى المحافل الدولية(98).

قدم العراق دعماً مادياً وعسكرياً للثورة الجزائرية، رغم أن الوثائق لم توضح ذلك، إلا أن الشهود الذين استنطقوا في المحاكمات العسكرية بعد قيام ثورة 1958 في العراق أشاروا إلى ذلك، فالشاهد الحاج هاشم يونس -أحد التجار الأثرياء في العراق- يذكر أن الإبراهيمي أثناء زيارته للعراق أواخر عام 1956 طلب منه المعاونة في جمع التبرعات من أهل الخير في العراق لغرض شراء الأسلحة وأنا بدوري )الشاهد) اتصلت بأحد الوزراء المتنفيذين والأخير أبلغني بأن نوري السعيد يريد مقابلة الإبراهيمي، وعندما دخل محمد البشير الإبراهيمي وجد عنده شخصين أحدهما عسكري والأخر وزير المالية وقد طلب نوري السعيد من الضابط أن يعطيه قائمة بالأسلحة المبتاعة من دول أوروبا(99)، وأمر نوري السعيد الضابط أن يشحن جزءاً من الأسلحة إلى المكان الذي عينه لهم محمد البشير الإبراهيمي، ورجع الأخيرا شاكرًا نوري السعيد والحاج هاشم يونس على ما قاما به في هذه القضية (100).

ويبدو أن الحكومة العراقية لم تكن متحرجة من مساعدة الجزائر عسكرياً، اذ يذكر أحمد توفيق المدني بأن الحكومة العراقية، كانت مستعدة لإرسال الأسلحة للمجاىدين الجزائريين بواسطة الطائرات عن طريق ليبيا(101)، في الوقت نفسه يذكر فاضل الجمالي بأنه تم إرسال القسم الآخر من تلك الأسلحة إلى سوريا عن طريق البر وقد تسلمها ممثل الجبهة في دمشق عبد الحميد مهري(102)، وفي عام 1957 وصل محمد البشير الإبراهيمي إلى بغداد لحضور أسبوع الجزائر، وكان الملك فيصل الثاني وفاضل الجمالي أبرز الحضور، وخطب محمد البشير الإبراهيمي قائلاً " اجعلوا هذا الأسبوع كالينبوع يفور ولا يغور كماء دجلة..."، عند ذلك أعلن الملك فيصل الثاني "باسمه تعالى افتتح حملة الاكتتاب للقطر الجزائري الشقيق..." اذ تبرع بعشرة الآف دينار عراقي " أي ما يزيد على مائة ألف دينار جزائري" ثم توالت التبرعات حتى بلغت أكثر من 25285 دينار عراقي، وقد حث فاضل الجمالي أصحاب الثروات أن يبذلوا كل ما لديهم في سبيل قضية الجزائر، أما الدعم الثقافي فقد قبلت الحكومة العراقية عشرة طلاب للعام الدراسي 1952-1953 وخمسة طلاب للعام 1953-1954 ثم جعلت الدراسة لطلبة الجزائر على نفقة الحكومة العراقية (103).

ثالثاً: المملكة العربية السعودية:

لم تبخل المملكة العربية السعودية على الثورة الجزائرية وقضيتها العادلة في تقديم الدعم الدبموماسي، فكانأاول دعم لها هو عرض القضية الجزائرية على هيئة الأمم المتحدة(104)، بواسطة ممثلها بنيويورك في كانون الثاني 1955، اي بعد شهرين من انطلاق الثورة الجزائرية مبيناً الحالة الخطيرة التي تسود الجزائر، ومعاناة شعبها من سياسة الاستعمار الفرنسي(105)، وفي هذا الشأن أرسل محمد البشير الإبراهيمي برقية إلى الملك سعود عام

1955 أشار فيها بجهود المملكة في عرض قضية الجزائر في مجلس الجامعة العربية، ومن ثم في هيئة الأمم المتحدة(106)، وفي المجال العسكري فقد سخرت السلطات السعودية مصنع السلاح في بلدة الخرج لتمويل الجزائر بالسلاح، كما قدمت مبالغ ضخمة لشراء أنواع أخرى من الأسلحة، ولم تكتف بذلك بل قطعت علاقاتها مع فرنسا وإن كانت على مراحل(107)، وفي المجال الثقافي فقد تمكن الإبراهيمي من الحصول على مجموعة مهمة من الكتب تبرع بها الملك سعود بن عبد العزيز وتقدر بألف مجلد وقبول العديد من الطلبة(108).

رابعاً: سوريا:

عندما اندلعت الثورة الجزائرية عام 9999 سارعت سوريا الى تأييدىا مدعومة بعوامل قومية، فضلاً عن التجربة المشتركة ضد الاستعمار الفرنسي (109)، وقد صرح أحمد الشقيري رئيس الوفد السوري في هيئة الأمم المتحدة" أن الجزائريين لهم الحق في حكم أنفسهم بأنفسهم، وفي عصر هيئة الأمم المتحدة هذا الذي نحن فيه، فمن غير المعقول بتاتاً أن تدعي فرنسا أن الجزائر فرنسية"(110)، وفي المجال الثقافي قبلت سوريا عدة بعثات من طلبة الجزائر للعام الدراسي 1953-1954 والعام 1954-1955 وأرسلت العديد من الكتب المجلات(111).

خامسا: أما الدول العربية الأخرى "لبنان، الكويت، اليمن"،

فقد زار محمد البشير الإبراهيمي لبنان والكويت وحصل على دعم مادي وثقافي، أما اليمن فلم يزرها ولكنه حصل على دعم ثقافي محدود(112)،وقد استمر محمد البشير الإبراهيمي في دفاعه عن العروبة والإسلام حتى وفاته في 20 آيار 1965.

الخاتمة:

توصمت الدراسة إلى مجموعة من النتائج من أهمها ما يأتي:

أولاً: كانت ولادة محمد البشير الإبراهيمي في ظل ظروف السيطرة الاستعمارية الفرنسية التي اتخذت من القتل والاستيلاء على ممتلكات الجزائريين سلاحاً فعالاً للحد من قيام الثورات ضدها، فأحس بمعاناة شعبه من الظلم، والاضطهاد منذ صباه واطلع على سياسة فرنسا بفرنسة الجزائر.

ثانياً: سلك محمد البشير الإبراهيمي الطريق نفسه الذي سلكه غيره من المصلحين وهو طريق التعلم والدراسة في المراكز العلمية كجامع الأخضر وفي الحجاز وسوريا مما أتاح له فرصة الاحتكاك وتبادل الأراء.

ثالثاً: كان أحد قادة الإصلاح ورموز الحركة الوطنية ليس في الجزائر فحسب وإنما على الصعيدين العربي والإسلامي، وكان من الممكن أن يوجه نظرته إلى جانب آخر، ولكن تمسك عمه بالقيم العربية والإسلامية جعمته يوجهه نحو التربية والتعليم.

رابعاً: إن العلماء في كل قطر من أقطار العالم العربي كانت لهم بصمات جليلة، اذ عمل مع عبد الحميد بن باديس على تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931 واضطلع بمنصب النائب فيها، إذ أوكلت إليه مهام كثيرة واعتمد عليه عبد الحميد بن باديس في الكثير من خصوصياتها.

خامساً: بعد وفاة عبد الحميد بن باديس عام 1940 انتخب بالاجماع رئيساً للجمعية مع أنه كان مسجوناً ولم يطلق سراحه إلا في عام 1943 وهذا يدل على عظيم المنزلة التي حصل عليها في الجزائر.

سادسا: لقد نجح الإبراهيمي في خلق جيل من الشباب الجزائري مؤمن بوطنه وعروبته.

سابعاً: لقد كانت زياراته المتعددة إلى المشرق العربي وطلب المساعدة الإعلامية والمادية والعسكرية والثقافية ومراسلاته مع الملوك والرؤساء العرب، دليلاً على موقفه الثابت والمبدئي في دعم الثورة الجزائرية.

ثامناً: لقد علق محمد البشير الإبراهيمي آمالا كبيرة على الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، واملاً أكبر على الشعب العربي، لخدمة القضية الجزائرية ، وقد نجح في ذلك نجاحاً منقطع النظير.

تاسعاً: خاض الجزائريون نضالاً طويلاً ضد الإجراءات التي مورست ضدهم وناضلوا ضد قانون السكان الأصليين المثير لمسخرية.

عاشرًا: قادة جبهة التحرير الجزائرية الحرب ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954 وحصلت الجزائر على استقلالها عام 1962.


د.فهد مسلم زغير - الجامعة المستنصرية /كلية التربية/ قسم التاريخ

الهوامش:

1- أحمد طالب الإبراهيمي، آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج1، ط1، دار الغرب الإسلامي، المغرب، 1997 ، ص 1309 ؛ أبو علي حسن، شخصيات ومواقف فوق الأحداث، ط1، دار البشير للثقافة، القاهرة، 1996، ص61-65، بسام العسلي، عبد الحميد بن باديس وبناء القاعدة الثورة الجزائرية، دار النفائس، 1983، ص146-147.

2- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج1، ص163 ؛ فهمي سعد، حركة عبد الحميد بن باديس ودورها في يقظة الجزائر، ط ، دار الرحاب، بيروت، 1983، ص50.

3- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج1، ص9.

4- البصائر (جريدة)، الجزائر، العدد64، 1949.

5- الشبان المسلمين (مجلة) القاهرة، العدد66، 1962، ص7.

6- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج1، ص163.

7- الشبان المسلمين، العدد66، 1962، ص7.

8- البصائر، العدد64، 1949.

9- محمد حسن فضلا، من أعلام الإصلاح في الجزائر، ج1، مطبعة دار هومة، الجزائر، ص 12.

10- حميد جميل واخرون، موسوعة بيت الحكمة لاعلام العرب في القرنين التاسع عشر والعشرين، ج1، بيت الحكمة، بغداد، 2000 ، ص 446.

11- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص165.

12- صبري كامل هادي التميمي، المجدد الجزائري الفضيل الورتلاني نشاطه الفكري والسياسي (1900-1959)، أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، الجامعة المستنصرية، 2013، ص 75.

13- البصائر، العدد64، ص 165.

14- حميد جميل وآخرون، المصدر السابق، ص446.

15- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص166.

16- وهو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد بن علي النوري بن محمد بن عبد الرحمن بن بركات بن باديس ولد في 4 كانون الثاني 1889 كما هو مثبت في سجلات الأحوال المدنية التي نضمها الفرنسيون وضبطوها عام 1886 ، تلقى تعليمه على يد والده ثم حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ حمدان الونيسي من عام 1903-1908، ثم أكمل تعليمه في جامع الزيتونة في تونس 1908-1911 وفي عام 1913 عاد إلى قسنطينية وفي نفس العام غادر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وتعرف هناك على الشيخ محمد بشير الإبراهيمي، ثم عاد إلى الجزائر ليباشر التعليم في الجامع الأخضر،أسس عدة جرائد من أشهرها الشهاب والصراط السوي والبصائر،أسس عام 1931 جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصبح رئيسا لها، توفي يوم الثلاثاء 16 نيسان 1940 ، ومزيد من التفاصيل ينظر: ثعبان حسب الله علوان الشمري، عبد الحميد بن باديس ودوره الفكري والسياسي (1889-1940) أطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، الجامعة المستنصرية، 2012 ، ص 63 ؛ عمار الطالبي، آثار الإمام عبد الحميد بن باديس، دار اليقظة العربية، دمشق، 1968 ؛ محمد بهي الدين سالم، بن باديس فارس الإصلاح والتنوير، ط1، بيروت، دار الشروق، 1999، ص31-40.

AListar Horne, Asavage War of peace Algerie 1954 – 1962, p.38.

صبري كامل هادي، المصدر السابق، ص 76.

17- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج1، ص9.

18- الشبان المسلمين، العدد66، 1962، ص9.

19- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص166.

20- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص166-167.

21- محمد الحسن فضلاء، المصدر السابق، ص17 ؛ أبو القاسم سعد الله ، الحركة الوطنية الجزائرية، ج 2، القاهرة، 1977، ص409.

22- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص167.

23- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج2، ص6.

24- ثعبان حسب الله علوان، المصدر السابق، ص 80 ؛بسام العسلي، المصدر السابق، ص147، فهمي سعد، المصدر السابق، ص 50.

25- صبري كامل هادي التميمي، المصدر السابق،ص101، عبد الكريم بوصفصاف، جمعية العلماء ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية (1931-1945)، ط1، دار البحث، قسنطينة - المسلمين الجزائريين 1982، ص10-101.

26- أبو القاسم سعد الله، المصدر السابق،ج 2، ص 343 ؛ عمار الطالبي، آثار ابن باديس، م1، الشركة الوطنية الجزائرية، الجزائر، 1965، ص 75.

27- علي مشلاف، المواقف السياسية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين من خلال صحفها 1931-1939، الجزائر، 1994 ،ص 110 ؛ ثعبان حسب الله علوان، المصدر السابق، ص 168.

28- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج3، ص112.

29- نبيل أحمد بلاس، الاتجاه العربي الإسلامي، ودوره في تحرير الجزائر، ط 1، الييئة المصرية للكتاب، القاهرة، 1990، ص 46-51.

30- نبيل أحمد بلاس، المصدر السابق، ص 56 ؛ علي مرحوم، جمعية العلماء المسلمين الجزائرين مرور خمسين عاماً على تأسيسها (1931-1981)، الثقافة (مجلة)، الجزائر، العدد 66، لسنة 11، 1981، ص16، علي مراد، الحركة الإصلاحية الإسلامية في الجزائر (1925-1940)، محمد يحيىاتن، ط1، دار الحكمة الجزائر، 2007، ص 147؛ صبري كامل هادي التميمي، المصدر السابق، ص 142.

31- علي مرحوم، المصدر السابق، ص 16 ؛ على مراد، المصدر السابق، ص 148 ؛ علي حشلاف، المصدر السابق، ص 143.

32- أحمد الخطيب، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وآثرىا الإصلاحي في الجزائر، ط1، الشركة الوطنية للنشر، الجزائر، 1985 ، ص 92.

33- علي مرحوم ، المصدر السابق، ص 16 ؛ عملي مراد ، المصدر السابق، ص 148-149، أحمد طالب الإبرهيمي، آثار الإمام محمد بشير الإبراهيمي، ج4، دار الغرب الإسلامي، المغرب، 1998، ص166.

34- صبري كامل هادي التميمي، المصدر السابق، ص142 ؛ أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج4، ص 194 ؛ ثعبان حسب الله علوان، المصدر السابق، ص 168-169.

35- ناهد إبراهيم الوسوقي، دراسات في تاريخ الجزائر الحركة الوطنية الجزائرية في فترة ما بين الحربين 1918-1939، ط1، دار المصارف، القاهرة، 2001، ص147.

36- أبو القاسم سعد الله، المصدر السابق، ص334-335، أحمد الموصلي، موسوعة الحركات الاسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا، ط1، بيروت، 2004، ص221.

37- محمد العبده، فقة المرحلية عند ابن باديس، ص 1-2.

-Http://Www.Forsanellaq.Com/Orchive/Inde.

38- عبد الكريم بوصفصاف، المصدر السابق، ص100-101، صبري كامل هىادي التميمي، المصدر السابق، ص142.

39- ثعبان حسب الله علوان، المصدر السابق، ص169-170، محمد العبده ، المصدر السابق، ص1-2.

40- نادي الترقي: افتتح عام 1927 في العاصمة الجزائرية، من لدن مجموعة من أعيان الجزائر وأغنيائها، وكان الغرض من تأسيسه هو طرح وبحث ومناقشة الأوضاع التي آل إليها المجتمع الجزائري، بين علماء الجزائر ومثقفيها، وأصبح يمثل مركزاً للدعوة الوطنية والإسلامية ودعامة للثقافة العربية ولمزيد من التفاصيل ينظر: محمد العاصي، نادي الترقي تاريخه ونشاطه وأهدافه: الشهاب،)مجلة(، الجزائر، م13، ح 7، السنة 13 ، تموز 1936 ، ص8-11. أحمد إسماعيل راشد، تاريخ أقطار المغرب العربي السياسي، الحديث والمعاصر (ليبيا، تونس، الجزائر، مورتانيا(، ط 1، دار اليقظة ، بيروت، 2004، ص 54.

41- أبو القاسم سعد الله، الحركة الوطنية الجزائرية، (1900-1930)، ج 2، دار الغرب الاسلامي، الجزائر، 1982، ص412.

42- أبو القاسم سعد الله، الحركة الوطنية الجزائرية، ج 2، المصدر السابق، ص 413.

43- أمين شريط، الدولة والتنظيم الدستوري للسلطة السياسية في فكر ابن باديس، مجلة )الجزائر) العدد4، 1993، ص203-205، نبيل أحمد بلاس، المصدر السابق، ص57.

44- عبد الكريم بوصفصاف، المصدر السابق، ص 101-102.

45- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج 4، ص64-65.

46- أحمد حمدي، الثورة الجزائرية والإعلام، ط 2، المؤسسة الوطنية، الجزائر، 1995 ، ص 28؛ جوان غليس، الجزائر الثائرة، ترجمة خيري حماد، ط1، دار الطليعة، بيروت، 1961 ، ص 62 ، علي مراد، المصدر السابق، ص154-155، صبري كامل هادي التميمي، المصدر السابق، ص 144 ؛ محمد خير الدين، مذكرات صبري كامل، ج 1، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، د.ت، ص 119-121.

47- محمد خير الدين، المصدر السابق، ص 123-126، مازن صلاح مطبقاني، عبد الحميد بن باديس العالم الرباني والزعيم السياسي، ط1، دار القلم، دمشق، 1949 ، ص 197-201.

48- محمد خير الدين، المصدر السابق، ص 119 ؛ أحمد مريوش ، الشيخ الطيب العقبي ودوره في الحركة الوطنية الجزائرية، ط1، دار هومه، الجزائر، 2007 ، ص 145.

49- ثعبان حسب الله علوان، المصدر السابق، ص294.

50- محمد الصالح الصديق، الجزائر بلد التحدي والصمود، ط 1، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 1999 ، ص 214.

51- أبو القاسم سعد الله، الحركة الوطنية الجزائرية، المصدر السابق، ج3، ص 88 ؛ عبد الرشيد رزوقة، جهاد ابن باديس ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1913-1940)، دار الشهاب، الجزائر، د.ت، ص119، ثعبان حسب الله علوان، المصدر السابق، ص 174.

52- محمد خير الدين، المصدر السابق، ج2، 82؛ أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السبق، ج4، ص171.

53- محمد بشير الإبراهيمي، عيون البصائر، ج2، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، د.ت،ص 40-41.

54- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج 4، ص170.

55- الطيب العقبي: ولد بسيدي عقبة عام 1889 ، هاجر مع أسرته إلى المدينة المنورة عام 1895 فنشأ فيها وحفظ القرآن الكريم، درس بالحرم النبوي الشريف، تولى رئاسة جريدة القبلة الحجازية، وإدارة المطبعة الأميرية بمكة، شارك في الثورة العربية ضد العثمانيين عام 1916، عاد إلى الجزائر عام 1920، أصدر مجلة الإصلاح عام 1927، تولى رئاسة جريدة البصائر بين عامي (1935-1927)، اتهم باغتيال كحول بن دالي عام 1936، توفي في 21 آيار 1960 ، ينظر: كمال عجالي، الفكر الإصلاحي في الجزائر، الشيخ الطيب العقبي بين الأصالة والتجديد، ط1، الطباعة الشعبية للجيش، الجزائر، 2007؛ صالح حزفي، صفحات من الجزائر، ط 1، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، د.ت، ص 283-386.

56- عبد الكريم بوصفصاف، المصدر السابق، ص 327.

57- أحمد طالب الاب ا رىيمي، المصدر السابق، ج 4، ص170-171.

58- أبو القاسم سعد الله، أبحاث وآداء في تاريخ الجزائر، ط1، دار الغرب الاسلامي، بيروت، 1996، ج2، ص145-146.

59- دار الحديث: وهي أول مدرسة شيدتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1937 في تملسان وتتكون من طابقين ففي الطابق الأرضي قاعة المحاضرات، وخشبة المسرح ومكتب الإدارة المدرسة، والعلوي يحتوي على خمسة أقسام لمدراسة، فضلاً عن مكتبة شيدت في العام نفسه ينظر: محمد خير الدين، المصدر السابق ،ج1، ص 182-184.

60- صبري كامل هادي التميمي، المصدر السابق، ص 179.

61- بسام العلي، المصدر السابق، ص148-149.

62- Ageron Charle Robert, Histoire Del Algerie Contemporane (1830-1976)

Traducyur Par Lssa Asfour, Offise Publication Universtaires, Alger, 1982, P.57,.

63- محمد بشير الإبراهيمي، عيون البصائر، المصدر السابق، ص 134-135، المركز الجزائري للثقافة والاعلام، الوثيقة رقم 11 الخاصة بالآدب الجزائري المعاصر، بيروت، د.ت، ص 91.

64- رابح تركي، التعليم القومي والشخصية الجزائرية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1981، ص 373.

65- مولود عويمر، التجربة الدعوية لجمعية علماء المسلمين بفرنسا، التعارف، (مجلة(، الجزائر، العدد 1، السنة 2003 ، ص 247.

66- شار ديغول هو رجل الدولة الفرنسية (1890-1970)، أسس الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية في الجزائر، ثم باريس من 1944-1946، أصبح رئيساً لفرنسا من 1959-1969، ينظر:

Mouhamed harbi, la guerree en algerie, edition, complex, paris, 1989,p.185

67- محمد بشير الإبراهيمي، عيون البصائر، المصدر السابق، ص 134-135.

68- أبو القاسم سعد الله، الحركة الوطنية الجزائرية ، ج3 ، ص 2017.

69- naroun amar, ferhat abbas ou les chmis de la souverinete, editiondenoel, paris 1961, p. 31-14.

70- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج3، ص42.

71- محمد نبيل بلاس، المصدر السابق، ص130.

72- عبد الكريم بوصفصاف، المصدر السابق، ص 357.

73- محمد بشير الإبراهيمي، عيون البصائر، ص 559

74- نبيل أحمد بلاس، المصدر السابق، ص

75- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص21.

76- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج4، ص171

77- مرزوق العمري، الوطنية في فكر الشيخ الإبراهيمي، المعيار) مجلة(،الجزائر، العدد6، 2003، ص186.

78- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص156-157

79- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص24

80- المنار )جريدة)، الجزائر السنة 3، العدد 40، 10 أبريل 1953 ، ص 2

81- مولد قاسم نايت بلقاسم، ردود الفعل الدولية على أول نوفمبر داخلياً وخارجياً،ط 1، قسنطينية، 1984، ص 8.

82- محمد صبري، جبهة التحرير الوطني الأسطورة والواقع، ترجمة كميل قيصر داغر، ط1، دار الكلمة للنشر، بيروت 1983، ص141.

83- فتحي الديب، عبد الناصر وثورة الجزائر، ط 1، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1984، ص 73-75.

84- البصائر )جريدة(، الجزائر، السلسلة الثانية، العدد 283 ، لسنة 7، 3 أيلول 1954.

85- أحمد توفيق المدني، حياة كفاح مع ركب الثورة التحريرية، ج 3، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1982 ، ص 31.

86- المصدر نفسه، ص39.

87- أحمد توفيق المدني ومحمد خير الدين، بيان للناس من المجلس الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، البصائر، جريدة، الجزائر، العدد 227 ، الأول من أكتوبر، 1954.

88- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج4، ص 348.

89- عمر بن قينة، صوت الجزائر في الفكر العربي الحديث، (أعلام.. وقضايا.. ومواقف(، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1993 ، ص 212.

90- إسماعيل دبش، السياسة العربية والمواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية 1954-1962، ط1، دار هومه، الجزائر، 2007، ص89-90.

91- ولد محمد فاضل الجمالي في بغداد عام 9991 أكمل دراسته الابتدائية في بغداد والأولية في الجامعة الأمريكية في بيروت ثم حصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية في تخصص الفلسفة والتربية والتعليم، عين مستشارا للسفارة العراقية في واشنطن، أصبح رئيسا للوزراء عام 1953 ثم استقال وشكل وزارته الثانية عام 1954 ؛ ينظر: توفيق السويدي، وجوه عراقية عبر التاريخ، ط 1، دار الريس لمطباعة والنشر، الرياض، د.ت، ص 129-130.

92- محمد فاضل الجمالي، الشيخ الإبراهيمي كما عرفته، الثقافة (مجلة( العدد87 ، السنة 1985، ص125.

93- خرنان مسعود بن موسى ، العراق والثورة الجزائرية ( 1954-1962)، رسالة ماجستير غير منشورة، الآداب، جامعة بغداد، 1983 ، ص 99.

94- البصائر، )جريدة(، الجزائر، العدد 225 ، السنة 6، 22 كانون الثاني، 1954.

95- خرنان مسعود بن موسى، المصدر السابق، ص 81-88.

96- محمد فاضل الجمالي، المغرب العربي ومؤتمر باندونغ ، المجلة التاريخية المغربية، مجلة، العدد 2، 1973، ص118.

97- خرنان مسعود بن موسى، المصدر السابق، ص 95.

98- محمد فاضل الجمالي، الشيخ الإبراهيمي ورسالته التربوية، الثقافة (مجلة )، العدد 87 ، السنة 15، 1985، ص131-135.

99- خرنان مسعود بن موسى، المصدر السابق، ص95.

100- المصدر نفسه، ص 96-97.

101- أحمد توفيق المدني، المصدر السابق، ج 3، ص 340-342.

102- خرنان مسعود بن موسى، المصدر السابق، ص 86-87.

103- محمد فاضل الجمالي، الشيخ البشير الإبراهيمي كما عرفته الثقافة)مجلة( ، العدد 87 ، لسنة 15، ص125؛ رابح تركي عمامرة، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ورؤساؤها الثلاثة (1931-1956)، ط1، دار موفم للنشر والتوزيع ، الجزائر، 2004 ، ص 228.

104- إسماعيل دبش، المصدر السابق، ص 78-79.

105- صالح لميش، الدعم السوري لثورة التحرر الجزائرية، ط 1،بهاء الدين للنشر، الجزائر، 2001، ص 144.

106- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج 5، ص 51.

107- عمر الحكيم، الشيخ البشير الإبراهيمي عالم من أعلام العرب في القرن العشرين، حضارة الاسلام، (مجلة(، السعودية، العدد 2، السنة السابعة، 1966 ، ص 155.

108- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج 4، ص 15 ؛ أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص 159-160.

109- صالح لميش، المصدر السابق، ص 168-170.

110- مولود قاسم بلقاسم، المصدر السابق، ص 198-200.

111- أحمد طالب الإبراهيمي، المصدر السابق، ج5، ص 158-160.

112-البصائر (جريدة(، الجزائر، العدد 232، 1953، ص8.

113- صبري كامل هادي التميمي، المصدر السابق، ص 75.

لا تعليقات

اترك تعليق

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.