جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

بقلم: محمد الهادي الحسني -

جمعية العلماء المسلمين الجزائريين جمعية مباركة، أسست على تقوى من الله ورضوان بعدما استيأس الجزائريون، وفرحت فرنسا بنجاح مخططها الذي كادت تزول منه الجزائر.. فأبى الله – خير الماكرين – إلا أن يسفه دعوى فرنسا، ويزهق باطلها وباطل خدّامها الذين خانوا الله والرسول والأمة والوطن وهم يعلمون.. لأنهم لم يرضوا أن يكونوا مع الخوالف فقط، بل راحوا يكيدون لدينهم وقومهم ويمكرون ضدهم.. رغم ما سلطته فرنسا على جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من تعذيب لرجالها، وسجن لأتباعها، وإغلاق لمدارسها، وتشريد لتلاميذها، وتغريم لمعلميها، وإيقاف لجرائدها، فقد أتم الله – عز وجل – نورها، وانتشر في الآفاق ذكرها، وعّمت مبادئها الإصلاحية والوطنية، ويكفي جمعية العلماء فخرا وشرفا أنها نقلت المعركة الحضارية إلى فرنسا نفسها، فقد تشهد الودود والكنود أن جمعية العلماء فتحت في باريس وحدها أحد عشر ناديا، يعلم الإسلام الصحيح الخالي من الخرافة والبدع التي نشرها الطرقيون المنحرفون لتخدير المسلمين، والقعود عن جهاد المستعمرين بالقرآن الكريم، إعدادا لجهادهم بالسّنان كما صرح رئيس الجمعية – الإمام محمد البشير الإبراهيمي – في خطاب ألقاه في باريس أمام وفود الدول العربية والإسلامية، التي حضرت دورة الأمم المتحدة التي عقدت هناك..

لقد بدأت الدراسات العلمية الجادة عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تظهر، وهي دراسات منصفة، لأنها تعتمد على أمرين اثنين هما:

- تراث الجمعية نفسها، فقد نشرت صحفها (السنة، الشريعة، الصراط، البصائر، الشاب المسلم...)، وآثار قادتها (الإمام ابن باديس، والإمام الإبراهيمي، والميلي، والتبسي...)، وأحب هنا أن أذكر بكل خير أحد أخلص الناس لجمعية العلماء، وهو الحاج الحبيب اللّمسي، صاحب "دار الغرب الإسلامي" – شفاه الله- الذي تحمل ما الله به عليم في نشر تراث جمعية العلماء وتوزيعه في المشارق والمغارب...

- كتابات الأعداء الفرنسيين وخدّامهم من العملاء، ومنها التقارير التي كانت تسجّل عن نشاط أعضاء الجمعية في الداخل والخارج، كذلك التقرير الذي بُعث من القاهرة إلى باريس في 18 ديسمبر من عام 1954، الذي يتحدث عن تجنيد بعض الطلبة الجزائريين - ومنهم محمد بوخروبة- الذين كانوا يحضرون دروسا توجيهية خاصة يلقيها عليهم الإمام محمد البشير الإبراهيمي كل يوم جمعة الموجود آنذاك في القاهرة، بإشراف المناضل محمد خيدر – رحمه الله -.

من هذه الكتابات هذا الكتاب الذي نقدمه اليوم للقراء، ويحمل عنوان: "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، ومؤلفه هو جاك كاري، وهو ضابط فرنسي، وأصل الكتاب هو محاضرة ألقاها هذا الضابط في 17 ماي 1958، بباريس أمام الضباط المتربصين في حلقة دروس الشؤون، الجزائرية.. وقد أحسنت عملا "دار عالم الأفكار" للنشر بنشر هذه الوثيقة التي عرّبها الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الحالي...

لقد تتبع هذا الضابط نشاط جمعية العلماء ونشاط قادتها وبعض أعضائها منذ تأسيسها إلى وقت إلقاء محاضرته. كما استعرض مبادئها في الميدان الديني، والثقافي والسياسي، حيث يقول عن هذا النشاط السياسي، المعتمد على شعارها "الجزائر وطني".

- الكفاح ضد كل أشكال إدماج الجزائر في فرنسا، وضد التجنيس

- الكفاح من أجل استقلال الجزائر...

- إقامة دولة إسلامية يكون العلماء – فقهاء القانون – هم مستشاروها". (ص 60 – 61).

إذا كان جاك كاري أدرك هدف جمعية العلماء من شعارها "الجزائر وطني"، فكيف عمي بعض الجزائريين عن هذا المعنى، لولا الحزبية المقيتة التي تبخس الناس أشياءهم، وتحمد أناسا بها لم يفعلوا...

ومما زاد هذا الكتاب قيمة الملاحق التي أضافها الناس للنص الأصلي، وهي ملاحق عن أصول جمعية العلماء، وقانونها الأساسي، والتقرير الذي قدمه المجلس الإداري للجمعية في 1944، الذي يرفض ما يسمى "الإصلاحات" التي قدمها الجنرال دوغول، والتقرير السري الأمني المبعوث من مصر عن نشاط محمد ؟؟؟؟؟ والإمام الإبراهيمي لإعداد الطلبة الجزائريين في القاهرة، ونداء الإمام الإبراهيمي في نوفمبر 1954. الذي هو عبارة عن "فتوى" للجهاد، وتأييد المجاهدين، في الوقت الذي كان كثير من "الوطنيين" لم يسمعوا باندلاع الثورة.

إذا كان الفضل هو ما شهدت به الأعداء، فهذا الكتاب "شهادة" من عدو ولكنه عدو "عالم" عكس بعض بني جلدتنا الذين لهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم قلوب لا يفقهون بها، فأنكروا أن يكون لجمعية العلماء "فكر" وطني، و"عمل" وطني، وما ذلك إلا لأنهم كانوا، وما يزالون، يمارسون "البوليتيك"..

رغم ما سلطته فرنسا على الجمعية من تعذيب لرجالها، وسجن لأتباعها، وإغلاق لمدارسها، وتشريد لتلاميذها، وتغريم لمعلميها، وإيقاف لجرائدها، فقد أتم الله – عز وجل – نورها، وانتشر في الآفاق ذكرها، وعّمت مبادئها الإصلاحية والوطنية.

آخر التغريدات:

    Message: Invalid or expired token., Please check your Twitter Authentication Data or internet connection.